هل تساءلتِ يوماً: كيف يمكن ليومٍ واحد أن يتحوّل إلى تجرِبة تجمع بين الهدوء والطبيعة والفن والمذاقات الرائعة واللحظات المليئة بالإلهام؟ تخيلي نفسكِ تبدأين صباحكِ في أحضان الطبيعة، تتنشقين هواءً نقياً في غابة حضرية تطل على البحر؛ حيث المقهى الصغير الذي أسسته سيدات محليات قبل عقود، ويستمر تأثيره حتى اليوم؛ فكل عصير طازج تشربينه، يساهم في دعم المجتمع المحلي. ألا يثير ذلك الفضول لرؤية، كيف أن أبسط اللحظات، مثل الجلوس على التراس ومراقبة القوارب، يمكن أن تتحوّل إلى لحظات من الصفاء والهدوء الداخلي؟ ثم، ماذا عن شغفكِ بالتسوُّق واكتشاف التحف الفنية؟ هل ستنجذبين إلى ألوان البوتيكات المليئة بالألعاب الخشبية والزجاج الفنلندي المصنوع يدوياً، أم إلى قطع أثاث تعكس روح المصمم ألفار آلتو؟
نزهة هادئة

ابدأي يومكِ بنزهة هادئة في حديقة كايفوبيستو، وهي غابة حضرية تمتد على الساحل الجنوبي لهلسنكي. ستلاحظين هناك نشاطاً لافتاً أمام كوخ خشبي جميل مُطلّ على الماء، إنه مقهى أورسولا، الذي أسسته مجموعة من السيدات المحليات في خمسينيات القرن الماضي، بتمويل من عائدات إعادة تدوير الصحف والزجاجات. اليوم، تُخصَّص أرباح المقهى من العصائر الطازجة المحضّرة من مكوّنات مثل الجزر ونبتة النبق البحري، لدعم الجمعيات الخيرية المحلية. وإذا سمح الطقس، اجلسي على التراس الخارجي واطلبي من قائمة الفطور المتأخر المتاحة طوال اليوم، واستمتعي بمشاهدة قوارب الإبحار في الميناء القريب.
قد يهمك الاطلاع على معلومات ونصائح هامة للسائحين عند التخطيط لزيارة فنلندا
تذكارات أنيقة
من مطبوعات ماريماكو إلى زجاج إيتالا، يشتهر التصميم الفنلندي بخطوطه البسيطة وألوانه الجريئة وأسعاره المرتفعة. لكن يمكنكِ العثور على خيارات بأسعار معقولة في حي كارتينكوبونكي بوسط هلسنكي، على بُعد 20 دقيقة سيراً على الأقدام شمال مقهى أورسولا. ستجدين هناك متجر سالاكوبّا، وهو بوتيك ملوّن مليء بالألعاب الخشبية المصنوعة يدوياً. وعلى بُعد بضعة شوارع شمالاً يقع مومونو، الذي يقدّم تشكيلة أنيقة من الزجاج الفنلندي والأدوات المنزلية المزخرفة.
جرعة من الثقافة
هل تتساءلين عمّا يُعرض في مجمع كايبل فاكتوري؟ ربما يكون السؤال الأسهل هو: ماذا لا يُعرض هناك؟ هذا المجمع الثقافي متعدد الطوابق، وهو من الأكبر في فنلندا، يقع في المقر السابق لشركة نوكيا الشهيرة، مباشرة أسفل مطعم ديمو. من الخارج، تزيّن واجهته نقاط معدنية لافتة، أما الداخل فينبض بالحياة بعروض مستمرة من الفنون البصرية والمسرح والسينما والحفلات الموسيقية وحتى الأنشطة المجتمعية؛ حتى في أيام الأسبوع العادية. تجوّلي بين طوابقه المختلفة، ولا تنسَي المرور بساحته الداخلية قبل أن تسيري نحو الممر المُطلّ على البحر؛ للاستمتاع بإطلالة خلابة على الأرخبيل الفنلندي.
غداء مفاجئ
إلى الغرب من مركز المدينة، وتحديداً في الطابق الرابع عشر من برج زجاجي جديد يُطلّ على مضيق لاوتتاساري، يقع مطعم ديمو، الحائز على نجمة ميشلان، والمتخصص في تقديم أطباق فنلندية فاخرة مثل: حساء المأكولات البحرية الكثيف، وأصناف السمك البلطيكي المبتكرة. يقدّم المطعم قائمة غداء من أربع وجبات. خصصي ساعتين للاستمتاع بأطباق فنية مثل: الإسكالوب المحمّر، وكافيار اللؤلؤ المزيّن بصلصات فاكهية، وخضروات رفيعة كالأوراق. وغالباً ما يجد الزائرون مكاناً بسهولة، فقط استخدمي المدخل الجانبي غير اللافت للنظر للوصول عبْر المصعد إلى المطعم.

جولة بالدراجة على الساحل
استعيري دراجة من محطة الدراجات العامة الواقعة على الممشى خارج كايبل فاكتوري، وانطلقي في جولة عبْر أحد المسارات الساحلية الخالية من السيارات. استمتعي بأشعة الشمس وهي تلقي بوهجها الذهبي على المعالم السياحية المنتشرة وسْط الحدائق الخضراء. وإذا كان الجوّ دافئاً بما يكفي، يمكنكِ التوقُّف عند شاطئ هيتارانتا لمشاهدة بطولة الكرة الطائرة الشاطئية.

ساعة سعادة في مَعْلم محلي
اتجهي شرقاً نحو خليج تولو، وتوقفي أمام فنلانديا، وهي قاعة حفلات موسيقية مهيبة، مبنية من الرخام الأبيض، صممها المعماري الشهير ألفار آلتو قبيل وفاته عام 1976. أعيد افتتاحها مؤخراً بعد تجديدٍ شامل حافظ على روح تصميم آلتو المضيء والمفعم بالدفء. داخلها ستجدين مقهى فنلانديا كافيه آند واين، الذي يتميّز بإطلالة بانورامية على الخليج، ويقدّم وجبات خفيفة على طاولات أصلية من تصميم آلتو.