عندما عُرضت مسرحية ريا وسكينة لأول مرة عام 1983، لم يكن أحد يتوقع أن تتحول إلى واحدة من أهم أيقونات المسرح المصري والعربي، وأن تظل بعد أربعة عقود كاملة حاضرة بنفس البريق في ذاكرة الجمهور. لم تكن مجرد عرض مسرحي عابر، بل حكاية متكاملة جمعت بين الضحك والغناء والاستعراض، وبين نجومية شادية وسهير البابلي وعبقرية عبد المنعم مدبولي وحيوية أحمد بدير، تحت قيادة المخرج الكبير حسين كمال. واليوم، لا يزال الجمهور يشاهدها على الشاشات ويستعيد مشاهدها على المنصات الحديثة وكأنها عُرضت بالأمس، ضاحكًا من ارتجالاتها، ومرددًا أغانيها، ومتأملًا رسائلها الاجتماعية الساخرة. في هذا الحوار الخاص مع د. صلاح معاطي، نفتح ملف ريا وسكينة من جديد، لنروي تفاصيل نجاحها وأسرار خلودها، وكيف تحولت من مسرحية إلى حكاية تعيش جيلاً بعد جيل.

عند سؤاله عن العوامل الرئيسية التي ساهمت في نجاح المسرحية، أكد د. صلاح أن ريا وسكينة تعد من أبرز الأعمال الكوميدية الاستعراضية في تاريخ المسرح المصري والعربي، وأن نجاحها الكبير استمر لعقود نتيجة تضافر مجموعة من الأسباب. فقد جاءت مشاركة شادية على خشبة المسرح لأول مرة، وفي أول وآخر تجربة مسرحية لها، لتمنح العمل قيمة فنية وجماهيرية استثنائية، إذ كان جمهورها متعطشًا لرؤيتها حيّة أمامه. إلى جانبها جاءت سهير البابلي بخفة ظلها وقدرتها الفائقة على الارتجال لتضيف بعدًا كوميديًا لاذعًا، فيما قدّم عبد المنعم مدبولي وأحمد بدير أداءً متكاملًا جمع بين الكوميديا والدراما. النص اعتمد على كوميديا الموقف والارتجال الذكي، مما جعل كل عرض يختلف قليلًا عن الآخر وأضفى على العمل حيوية متجددة. كما أن تناول القصة الحقيقية لريا وسكينة بأسلوب ساخر واستعراضي بعيدًا عن الرعب أو الميلودراما قدّم للجمهور مزيجًا جديدًا من الواقع المأساوي والضحك. كذلك أسهم إدخال الأغاني والاستعراضات الراقصة في تمييز المسرحية عن غيرها، بينما جاء إخراج حسين كمال، الذي خاض تجربته المسرحية الأولى بعد تاريخه السينمائي، ليصوغ العمل بأسلوب يجمع بين الكوميديا الشعبية والفن الراقي في إيقاع سريع يمنع الملل. توقيت العرض نفسه كان عاملًا مهمًا، فقد جاء في فترة الثمانينيات حيث كان الجمهور متعطشًا لأعمال ترفيهية قوية بعد سنوات من التحولات الاجتماعية والانفتاح الاقتصادي، كما أن الطابع الأسري للمسرحية جعلها صالحة لمشاهدة العائلات مجتمعة، وهو ما وسّع قاعدتها الجماهيرية. ويخلص د. صلاح إلى أن اجتماع النص الساخر مع النجوم الكبار والكوميديا الارتجالية والاستعراضات الجذابة والإخراج الذكي جعل من ريا وسكينة أكثر من مجرد مسرحية عابرة، بل قطعة من الذاكرة الفنية الجماعية التي ما زالت حاضرة حتى الآن.
وعند الحديث عن أداء الممثلين في المسرحية، توقف د. صلاح طويلًا أمام تجربة شادية، معتبرًا أنها محطة فريدة وخاصة جدًا في مسيرتها الفنية، لأنها العمل المسرحي الوحيد في حياتها وجاء بعد مسيرة طويلة في السينما والغناء. ورغم أن المسرح يعتمد على التفاعل اللحظي مع الجمهور بخلاف السينما التي تسمح بالإعادة، فقد أثبتت شادية قدرة عالية على مواجهة الجمهور مباشرة وكسب تفاعله بالضحك والتصفيق. خبرتها الغنائية جعلتها تقدم الاستعراضات بخفة وسلاسة، فظهرت طبيعية ومبهجة وأضفت على المسرحية طابعًا غنائيًا مميزًا. وبالمقارنة مع سهير البابلي التي اعتمدت على الارتجال الكوميدي، كان أداء شادية أكثر هدوءًا وتوازنًا، وهو ما خلق تناغمًا ذكيًا بين الطابع الصاخب والجانب الفني الرصين. شخصية شادية في دور "ريا" جمعت بين الطرافة والدهاء وقدّمتها بلمسة إنسانية واضحة، خاصة وأن المسرحية مثلت آخر محطاتها تقريبًا قبل اعتزالها، فبدا أداؤها وكأنه تحية وداعية مليئة بالبهجة لجمهورها.
أما سهير البابلي فقد كان أداؤها في المسرحية ذروة نضجها الكوميدي بعد نجاحها الكبير في مدرسة المشاغبين. شخصية "سكينة" منحتها مساحة واسعة للإبداع، إذ اعتمدت على الارتجال والذكاء اللحظي لإثارة الضحك بشكل مباشر وتلقائي، وكانت تمنح كل عرض نكهة خاصة. وجود شادية إلى جوارها لم ينتقص من حضورها، بل شجعها على إبراز طاقتها الكوميدية، فخلقت معها ثنائيًا متناغمًا يجمع بين الرصانة الفنية وخفة الظل. خبرتها الطويلة على خشبة المسرح مكنتها من السيطرة على الإيقاع الكوميدي بمهارة، فجسدت نموذج المرأة الشعبية الماكرة بخفة دم لا تُنسى، وفي الوقت نفسه عكست صورة المرأة المقهورة بضغوط اجتماعية متعددة، وهو ما انعكس بوضوح في شخصية سكينة. بهذا المزج صنعت البابلي حضورًا طاغيًا رسخها في الذاكرة المصرية جنبًا إلى جنب مع شادية.
وعن عبد المنعم مدبولي، أوضح د. صلاح أن أداؤه لشخصية "حسب الله" كان علامة مميزة، لأنه جاء في مواجهة نجمتين كبيرتين مثل شادية والبابلي ومع ذلك احتفظ ببصمته الخاصة. فقد طبّق مدرسته المسرحية "المدبوليزم" القائمة على البساطة والتعبير بالوجه والجسد وانتزاع الضحك من التفاصيل الصغيرة وإضفاء البعد الإنساني حتى على الشخصيات الساخرة. أداؤه كان متوازنًا بين الرصانة والكوميديا، فكان العمود الفقري الذي استندت عليه المسرحية وسط طاقة الارتجال والانطلاق من النجمات. تمكن من استيعاب ارتجالات البابلي ومجاراة خفة دمها دون أن يفقد خط الشخصية، وكان يعيد ضبط إيقاع المشهد عند الحاجة. لحظة تحوله الدرامي عندما صفعته سكينة فاستحال إلى وحش يفرض سطوته على الجميع، شكّلت ذروة مذهلة في أدائه. وهكذا كان مدبولي هو المعلم الذي منح المسرحية توازنها الفني، وطبق عمليًا فلسفته المسرحية التي تمزج بين الإنسانية والكوميديا الهادفة.
إليك.. ابنة عبد المنعم مدبولي تكشف عن مقتنياته الشخصية ومهنته الأصلية بجانب الفن
أما أحمد بدير فقد اعتُبر أداؤه في شخصية "عبد العال" قفزة نوعية في مسيرته الفنية المبكرة، إذ تمكن من لفت الأنظار وسط عمالقة المسرح. فقد جسّد الشخصية بحيوية واضحة، واستفاد من شبابه ليكمل حضور الثلاثي الكبير دون أن يذوب بينهم. كان حاضر الذهن وسريع البديهة في تفاعله مع الارتجال، خصوصًا مع البابلي، مما ساعده على ترسيخ نفسه كممثل كوميدي واعد. وجوده بجوار مدبولي وشادية والبابلي شكّل مدرسة عملية له، ومع أنه كان يؤدي دورًا أصغر حجمًا، إلا أن الجمهور خرج متذكرًا أداءه المميز، خاصة أسلوبه في التعبير الجسدي ونبرة صوته الكوميدية. المسرحية مثلت بوابته الحقيقية ليصبح لاحقًا واحدًا من أبرز ممثلي الكوميديا في مصر، وأكدت أنه يمتلك مقومات النجم القادم.
وعند التطرق إلى دور الإخراج في نجاح المسرحية، أوضح د. صلاح أن المخرج الكبير حسين كمال لعب دورًا محوريًا في هذا الإنجاز، إذ استطاع أن يوظف نجومية شادية السينمائية والغنائية ويجعل حضورها على الخشبة قريبًا من صورتها المحبوبة في السينما، فاختار لها أغانٍ واستعراضات تناسب صوتها وتاريخها الفني. كما أطلق العنان لقدرات سهير البابلي الكوميدية، مدركًا أنها مفتاح الضحك في العرض، فأعطاها مساحة واسعة للارتجال والتفاعل مع الجمهور دون أن يخل بتوازن النص أو يطغى دورها على بقية الممثلين. كذلك استفاد من مدرسة عبد المنعم مدبولي، إذ جعله العقل المدبر للأحداث وميزان العرض الفني، ومنح أحمد بدير مساحة للانطلاق رغم أنه كان في بداياته، مما أتاح له إبراز طاقته الكوميدية وربطه بجيل الرواد. وأضاف المخرج بعدًا استعراضيًا غير معتاد في المسرحيات الكوميدية البحتة، فجمع بين المسرح الغنائي والكوميديا الشعبية بطريقة جذابة. ومع هذا التنوع في الطاقات بين نجمة غنائية وممثلة كوميدية ارتجالية وعملاق مسرحي ونجم صاعد، كان التحدي الأكبر ضبط الإيقاع بحيث يلمع كل منهم في وقته دون أن يطغى أحد على الآخر، وهو ما نجح فيه حسين كمال، ليخرج بالمسرحية كعمل جماعي متكامل أصبح أيقونة في تاريخ المسرح المصري.
إليك أيضًا ناهد طاهر شاكر: شادية كانت عمتنا ووالدتنا وصديقتنا.. وهذه حكايات لم تُروَ من قبل
أما عن اختيار النص المسرحي، فقد أوضح د. صلاح أنه لم يكن قرارًا عشوائيًا، بل جاء نتيجة رؤية إنتاجية وفنية دقيقة تراعي ظروف بداية الثمانينيات. فقد كانت قصة "ريا وسكينة" واحدة من أشهر الحوادث في التاريخ المصري، معروفة للجمهور العريض بتفاصيلها المرعبة، ورأت الجهة المنتجة أن تحويلها إلى عمل مسرحي كوميدي سيكون عنصر جذب قوي، إذ سيدفع الناس للقدوم بدافع الفضول لرؤية معالجة جديدة لحكاية يعرفونها مسبقًا. الفكرة لم تُقدَّم بالأسلوب البوليسي أو الميلودرامي، بل في قالب كوميدي استعراضي، وهو ما جعل النص فريدًا ومثيرًا. كما كُتب النص بطريقة تسمح بوجود أغانٍ واستعراضات، لإغراء شادية بخوض تجربتها المسرحية الوحيدة، فهي لم تكن لتقبل نصًا عاديًا بلا مساحة غنائية تليق بتاريخها. النص اعتمد على ثنائية بطولية بين امرأتين، شادية وسهير البابلي، مما أتاح مساحة متوازنة لكل منهما وأوجد صراعًا كوميديًا حيًا على الخشبة بدلًا من الاكتفاء ببطولة رجل كما كان شائعًا آنذاك. وقد جرى تصميم النص بحيث يجمع بين الكوميديا الشعبية ممثلة في البابلي ومدبولي، والرصانة الغنائية التي جسدتها شادية، والطاقة الشبابية التي أضافها أحمد بدير، مع الاستعراضات الجماعية التي جعلت حسين كمال يرى فيه مشروعًا لمسرحية جماهيرية شاملة. وهكذا كان اختيار نص ريا وسكينة ثمرة مزج بين حكاية شعبية معروفة، ومعالجة كوميدية استعراضية، واستقطاب شادية إلى المسرح، وإبراز مواهب بقية النجوم، وهو ما قاد في النهاية إلى النجاح المدوي الذي تحقق.
وعن الأغاني والموسيقى التي استخدمت في المسرحية، أوضح د. صلاح أن هذا الجانب كان أحد أهم مفاتيح النجاح، لأنه حوّل العرض من مجرد مسرحية كوميدية إلى عمل استعراضي متكامل يجمع بين التمثيل والغناء والرقص. الأغاني كتبها الشاعر عبد الوهاب محمد ولحنها الموسيقار الكبير بليغ حمدي، وقد صُممت خصيصًا لتناسب صوت شادية التي جاءت إلى المسرح بعد أن صنعت مجدًا طويلًا في السينما والإذاعة كمطربة محبوبة. الأغاني اتسمت بالبساطة والمرح مع لمسات شعبية قريبة من الناس، فجاءت الألحان مبهجة وسريعة الإيقاع، تتماشى مع روح الكوميديا والضحك. وقد أُدخلت استعراضات راقصة جماعية شاركت فيها الفرقة المصاحبة، ما أضفى على العرض طابعًا استعراضيًا مختلفًا عن المسرحيات الكوميدية التقليدية. الموسيقى لم تكن مجرد فواصل للراحة، بل كانت جزءًا أساسيًا من السرد الدرامي تنقل الجو العام بين مشهد وآخر وتضيف خفة وظرفًا إلى الأحداث. الأغاني جعلت المسرحية أقرب إلى "المسرح الغنائي الشعبي"، حيث اجتمع الضحك والغناء في وقت واحد، فاستمتع الجمهور بأداء حي لا يتكرر. كثير من الحضور جاءوا بدافع شغفهم بسماع صوت شادية على خشبة المسرح، فوجدوا فرصة نادرة لمتابعتها مباشرة في قاعة العرض، وهو ما زاد من جاذبية العمل. دمج الغناء بالاستعراض ساعد على كسر الرتابة وأبقى الجمهور في حالة ترقب ومرح طوال فترة العرض الطويل نسبيًا. وجود بليغ حمدي بما له من جماهيرية موسيقية واسعة منح الأغاني قوة وانتشارًا، فأصبحت تُردد حتى خارج المسرحية، فيما حافظت على هوية مصرية شعبية اقتربت من وجدان المشاهد العادي وربطته بالأحداث الكوميدية الساخرة. وهكذا لم تكن الأغاني مجرد زينة بل عنصرًا جوهريًا في نجاح المسرحية، لأنها حققت التوازن بين الكوميديا والدراما الشعبية وأعطت العرض روحًا غنائية استعراضية جعلته مختلفًا ومحبوبًا حتى اليوم.
ما رأيك بالتعرف على بليغ حمدي في ذكراه .. كيف تحدث عن تجربته في كتابة الأغاني؟
أما تصميم الديكور والملابس فقد كان بدوره جزءًا لا يتجزأ من نجاح المسرحية، لأنه أسهم في خلق الجو الشعبي والتاريخي المناسب وفي الوقت نفسه حافظ على خفة الكوميديا وروح الاستعراض. الديكور استلهم أجواء الأحياء الشعبية في الإسكندرية مطلع القرن العشرين، حيث وقعت أحداث قصة ريا وسكينة الحقيقية، وقد صُمم بطريقة بسيطة تسمح بتعدد الاستخدامات بين غرف ومقاهٍ وبيوت شعبية مع إمكانية الانتقال السلس بين المشاهد دون تعطيل الإيقاع المسرحي. الألوان جاءت زاهية ودافئة لتبتعد عن جو الرعب المرتبط بالقصة الأصلية وتنسجم مع الطابع الكوميدي الاستعراضي. كما أن إدخال عناصر مثل الأبواب الخشبية القديمة والمشربيات والأثاث الشعبي البسيط أضفى واقعية على المشاهد، لكنه ظل في إطار خفيف يترك المجال للأداء التمثيلي والغنائي. الملابس والأزياء صُممت لتعكس بداية القرن العشرين، حيث ارتدت النساء الملايات اللف والرجال الجلابيب والطرابيش، بينما اتسمت ملابس شادية وسهير البابلي بالبساطة الشعبية مع لمسات أنثوية كوميدية كالألوان الملفتة أو الإكسسوارات المبالغ فيها بما يتناسب مع الطابع الساخر. عبد المنعم مدبولي في شخصية صاحب البيانولا وأحمد بدير في دور الأمباشي ارتديا أزياء أبرزت الطابع الشعبي البسيط لشخصياتهما، مع تفاصيل صغيرة تضيف طرافة مثل الطرابيش المائلة أو القمصان المزركشة. أما الاستعراضات فقد صُممت لها ملابس خاصة للفِرقة الراقصة بألوان زاهية وبراقة لتضفي بهجة وتكسر رتابة المشاهد التقليدية. الديكور والملابس لم يسعيا إلى واقعية تاريخية دقيقة بقدر ما استهدفا خدمة الكوميديا والاستعراض، فظهرا أحيانًا بتكلف مقصود يثير الضحك وأحيانًا بمبالغة لونية تعكس البهجة، وهو ما ساعد على جعل المسرحية أقرب إلى وجدان الجمهور وأكثر إقناعًا وبهجة..
اليوم، وبعد مرور أكثر من أربعة عقود على عرضها الأول عام 1983، ما زالت ريا وسكينة حاضرة بقوة في ذاكرة الجمهور العربي، تُعرض على الشاشات وتُتداول مقاطعها على المنصات الحديثة بنفس البهجة التي صاحبتها يوم ميلادها. لم تهرم المسرحية، ولم تفقد روحها، بل صارت جزءًا من التراث الفني الشعبي، تُضحك الأجيال الجديدة كما أضحكت آباءهم وأمهاتهم. إنها ليست مجرد مسرحية ناجحة، بل حكاية ممتدة عن قوة الفن حين يخرج من قلب المجتمع ليصبح ملكًا للجمهور، يرافقه في ذاكرته ووجدانه جيلاً بعد جيل. وهكذا تظل ريا وسكينة أيقونة مسرحية لا تموت، تعيش كلما أعاد الناس مشاهدتها، وتُثبت أن الضحك الصادق والرسالة العميقة لا يشيخان أبدًا.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام سيدتي»
وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا «تيك توك سيدتي»
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «سيدتي فن»





