mena-gmtdmp

الاندماج في الحياة

الدكتورة مايا الهواري
د. مايا الهواري
د. مايا الهواري

الحياةُ مشروعٌ كبيرٌ لكلِّ إنسانٍ، ومتى كان مشروعُه ناضجاً، كانت حياتُه ناجحةً، ومَن أهملَ نفسَه ومشروعَه، غدت حياتُه أسوأ ما تكون، والإنسانُ اجتماعي بطبعه لا يستطيعُ العيشَ منفرداً عن أبناءِ جنسه. هو يعيشُ معهم، ويتأقلمُ، ويتفاعلُ، ويتقبَّلُ الحياةَ بحلوها ومرِّها، لأنه سيعيشها بكلِّ حالٍ من الأحوال، فلماذا إذاً لا يعيشها بالشَّكلِ الصَّحيحِ، ويترك بصمتَه للأجيالِ القادمةِ، ويكون فيها شخصاً مؤثِّراً، وإيجابيَّاً، ويبتعدُ عن السَّلبيَّةِ، ويبحثُ داخله عن نقطةِ أملٍ، تنزعُ منه الاكتئابَ والحزنَ والقلق، بل وتنزعُ أيضاً كلَّ ما من شأنه أن يكون سبباً في تراجعِ تقدُّمه نحو الأمام؟

الحياةُ مثل المركبِ الذي لا ينتظرُ أحداً، بل يسيرُ دون توقُّفٍ، فمَن أرادَ النَّجاحَ، لحقَ به، وأدركه، وأكملَ المسيرةَ متحدِّياً الصِّعابَ والعثرات، لأنَّ طريقَ النَّجاحِ شائكٌ، وعلى سالكه أن يتحلَّى بالصَّبرِ والقوَّةِ والجَلَدِ واضعاً حلمه نصبَ عينَيه مثابراً لتحقيقه، مكوِّناً صداقاتٍ وعلاقاتٍ، ومتعلِّماً من تجاربِ الآخرين، وآخذاً العِبرَ والدُّروسَ منهم، ومتفادياً أخطاءَهم، ومتتبِّعاً صوابهم، كما ويُشاركهم عثراتِهم، ليأخذَ الخبرةَ في كيفيَّةِ تجاوزها، فإن تعثَّرَ خلال مسيرته، كان ممتلكاً الخبرةَ السَّابقةَ في تجاوزِ ذلك، مع العلمِ أنَّ مَن يُشارك النَّاسَ أفراحَها وأحزانَها، ويكون اجتماعياً، يُصنَّفُ من الأشخاصِ السُّعداءِ الممتلكين للذَّكاء العاطفي، إذ يتداركُ الأمورَ المفاجِئةَ بأسلوبٍ سليمٍ بفضلِ ما امتلكه من خبراتٍ من خلال اندماجه في المجتمعِ، عكسَ الإنسانِ غير المندمجِ، إذ يكون انطوائياً، مكتئباً، حزيناً، وقلقاً، ويرى العثراتِ الصَّغيرةَ وكأنَّها جبلٌ من الصُّعوباتِ الكبيرة.

نستنتجُ ممَّا سبق، أنَّ الإنسانَ الطَّموحَ، هو إنسانٌ مندمجٌ في المجتمع، يسعى دائماً نحو التَّطوُّرِ والازدهارِ، ويبني من الصُّعوباتِ سُلَّماً نحو تحقيقِ الأهدافِ تاركاً وراءَه أثراً جميلاً.