السلطان سليمان: مريم أوزيرلي لم تكن ممثلة ناجحة قبل "حريم السلطان"

9 صور
دخل الممثل التركي خالد آرغنش قلوب ملايين المشاهدين العرب للمرّة الأولى بدور رجل الأعمال أنور في مسلسل "ويبقى الحب" الذي تحوّل تمثيله لدور العاشق الرومانسي مع شهرزاد (بيرغوزار كوريل) فيه إلى حقيقة فتزوّجها رسمياً بعد انتهائه من تصويره وعرضه، وثاني عمل له كرّسه كنجم محبوب في الشرق الأوسط وهو دور ميّار الزوج الخائن المتمسّك بزوجته للنهاية رغم خياناته لها في مسلسل "عليا"، لكن دوره الأهم في مسيرته الفنية هو دور السلطان سليمان في مسلسله التاريخي الشهير "حريم السلطان. "سيدتي التركية" رصدت لكم هذه المقابلة الشيّقة معه التي كشف فيها بعض أسرار مسلسله الشهير "حريم السلطان" وأزال الستار عن جوانب من حياته وشخصيّته، وتحدّث عن اهتمامه بالاستثمار في مجال الإعلام والاتصالات والمطاعم:

هل توقّعت هذا السيل من الانتقادات من بعض مؤرّخي تركيا ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان حول تركيز مسلسل «حريم السلطان» في الجزء الأكبر من أحداثه على زوجات وجواري السلطان سليمان القانوني وتخصيص جزء صغير لفتوحاته الإسلامية العسكرية مع أنه أعظم سلاطين الدولة العثمانية بإنجازاته العسكرية والقانونية والإسلامية؟
توقّعنا صدور مثل هذه الانتقادات بعد عرض الموسم الأوّل منه، لكن الكلّ يعلم بمن فيهم المؤرّخون أن الخيال عنصر مهم جداً في الدراما، ومسلسلنا «حريم السلطان» فيلم تاريخي درامي وليس فيلماً وثائقياً تسجيلياً. لم نشوّه على الإطلاق سيرة وإنجازات السلطان سليمان القانوني بل قمنا بكتابة النص حسب الوثائق التاريخية، ولم نذكر وقائع غير حقيقية في سيرته أو سيرة زوجاته، لكننا لضرورات درامية أضفنا شخصيات خيالية مساعدة للشخصيات الرئيسة.
ولكن الردّ البسيط على المنتقدين: ألا يعيش بعض السلاطين والملوك والحكّام هذه الحياة؟ نجاح مسلسل «حريم السلطان» على مستوى العالم في أكثر من 60 دولة دليل على صواب تقديمنا له بهذا الشكل التاريخي والدرامي الرائع، فأحبّه الملايين على اختلافاتهم.

واجهت التحدّي ذاته
ما أهم التحدّيات التي واجهتكم في المسلسل عموماً وأنت خصوصاً؟
واجهت أسرة العمل تحدياً كبيراً وهو كيفيّة تحويل سيرة سلطان عظيم موثّقة في كتب التاريخ بالكلمات والرسومات إلى عمل درامي مهم على الشاشة.
وكذلك أنا واجهت التحدّي ذاته، وسألت نفسي ألف مرّة، كيف أعيد استحضار هذا السلطان العظيم إلى عصرنا درامياً؟ وسيرته، سيرة نجاح عظيم وليست سيرة عادية يحتمل فيها الخطأ، هنا لا يُسمح بوقوع أي خطأ في تجسيد الشخصية سواء من جوانبها الإنسانية أو العسكرية، فحاولت استكشاف كيف ممكن لهذا السلطان أن يتحدّث مع المحيطين حوله؟ وكيف يغضب كسلطان؟ وكيف يصلح أخطاء رجال دولته؟ وكيف يحاول معرفة احتياجات شعبه؟ اجتهدت إلى حدّ كبير في تقديمه بصورة أقرب ما تكون إلى حقيقته. وفي سبيل التوصّل إلى أعلى درجات إتقاني أداء شخصية السلطان سليمان القانوني، قرأت الكثير من كتب سيرة السلطان سليمان القانوني قبل تصويري المشاهد الأولى منه.
وبالشكل، كيف اقتربت من صورة السلطان سليمان القانوني؟
حاولنا قدر الإمكان الاقتراب من شكله عبر لحية طبيعية، والامتناع عن الماكياج والعدسات اللاصقة حتى تظهر تعابير الوجه والنظرات بصورة تعبيرية حقيقية. وسرّ نجاح شخصية السلطان سليمان القانوني صدقها الإنساني والشكلي، فبرزت على الشاشة شخصية تاريخية وإنسانية حقيقية لا شخصية بلاستيكية أو هزلية أو متصنّعة، وحب الناس واقتناعهم بواقعية الشخصية أسهم في نجاحها، وفي حب الملايين لها.

منحني "حريم السلطان" شهرة عالمية
ألم يكن مبالغاً التركيز على حريم السلطان سليمان القانوني بهذا الشكل؟
تركيزنا على حريم السلطان سليمان كان طبيعياً لا دخيلاً، فهل زوجتاه السلطانة ناهد دوران وهيام خياليّتان؟ لا، هما شخصيتان حقيقيتان، ووالدته السلطانة حفصة وشقيقته السلطانة خديجة، والحقبة التي تحدّثنا عنها وقعت فعلاً، وكُتب سيرته التاريخية غنيّة بالشخصيات النسائية، وذكرت بالتفاصيل علاقاته مع النساء، وإذا درسنا كتب سيرته الذاتية جيداً، سنرى قصصهنّ وصورهنّ.
وهو بحق سلطان عظيم حقّق إنجازات هامّة جداً لدولته ولدينه الإسلام وللعدل. وحكم لمدّة تقارب 46 عاماً تقريباً.
لم تهتمّوا بالانتقادات الهائلة التي انهالت على العمل واستمررتم بتقديم مواسمه الأربعة على مدار أربعة أعوام كاملة، لماذا؟
كما قلت سابقاً، السلطان سليمان القانوني من أعظم وأهم السلاطين العثمانيين، وموسم واحد عنه وعن إنجازاته وعن حريمه غير كافٍ. فكان لا بدّ من تقديم سيرته درامياً بأربعة مواسم على الأقل. ونجاح موسمه الأوّل الكبير في تركيا والخارج أثبت صحة قرارنا بتقديم أربعة مواسم منه، فلم تؤثّر الانتقادات سلباً فينا بل أثرّت إيجاباً عبر تطوير أنفسنا في المواسم المتبقّية لتكون أفضل بكل شيء من الموسم الأول. ونجاح المسلسل في العالم كلّه، أشعرنا بأن الجمهور التركي والجمهور الأجنبي عرفا مدى اجتهادنا كفريقٍ عمل فيه بحب وإخلاص.

أتقبّل انتقاداتهم بصدر رحب
وماذا عن ردّ فعلك تجاه من ينتقدك وجهاً لوجه؟
أتقبّل وجهات نظرهم وانتقاداتهم بصدر رحب، وأستمع إلى آرائهم بحماس وسعادة، ولا يزعجني الردّ السلبي لأنه قد يكون صائباً في مكان ما، ونقده يجعلني أحاول أنا وزملائي تفاديه بأعمالنا المقبلة في المستقبل.
ما أبرز إيجابيات نجاح مسلسل «حريم السلطان» والانتقادات الكثيرة التي وجّهت ضده؟
أبرز إيجابيات نجاحه وتلقّيه كمّاً هائلاً من الانتقادات أنه أيقظ فضول الملايين تجاه تاريخهم القديم. فزادت مبيعات كتب التاريخ المتخصّصة بحقبة السلطان سليمان القانوني وصديقه ابراهيم باشا، وزوجتيه السلطانة ناهد دوران والسلطانة هيام، وارتفعت نسبة البحث عن سيرة أفراد أسرته على شبكة الإنترنت، ونشرت آلاف المعلومات عنه وعن أسرته في آلاف الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأعتقد أن تحفيز مسلسل «حريم السلطان» الناس على قراءة كتب التاريخ اليوم أحد أهم إنجازاته، وأمر جيد أن يدفع عمل درامي تاريخي الناس للاهتمام بتاريخ الأجيال التي سبقتهم ويعود لها فضل الحضارة التي يعيشون فيها اليوم برضى وفخر كبيرين.
ونجاحه لا بدّ سيشّجع المنتجين على مواصلة تقديم الأعمال التاريخية الضخمة والراقية.

أزياء أكثر من رائعة
لقد صرف المنتج تيمور ساوجي بسخاء على ديكوراته وأزيائه المبهرة والرائعة، فهل هذا أسهم في نجاحه؟
بالتأكيد، فلقد صوّرنا معظم مشاهد العمل في قصور حقيقية منها قصر «توبكابي» الشهير في اسطنبول، وتمّ شراء أقمشة فاخرة وثمينة للديكور والأثاث وأزياء الممثلين والممثلات التي صمّمت لهم خصيصاً، ولم يرتدِها أحد قبلهم أبداً، وهذا كلّف منتجه ميزانية ضخمة، لكن العمل نجح بنقل حياة القصور الواقعية، وقدّمها بكل تفاصيلها، ونجح لأنه لم يقدّم التاريخ بعمل تجاري بل قدّمه بعمل ضخم ورفيع المستوى ورائع.
هل كانت هذه الأزياء مريحة أم متعبة بحكم أنها طويلة وسميكة وثقيلة الوزن مقارنة بأزياء اليوم العصرية؟
أزياء «حريم السلطان» الرجالية كانت أكثر من رائعة رغم صعوبة ارتدائنا لها يومياً لأكثر من 4 سنوات كاملة، لأن الأثواب كانت كالجلاليب الطويلة، لكنها أفادتنا بتعلّم المشي فيها بطريقة معيّنة ولاسيما أنا بشخصية السلطان سليمان القانوني الذي بحكم أنه سلطان له «مشية سلطانية» خاصة به، تُشعر من حوله بهيبة قدومه عليهم عبر حركات قدميه ويديه بثوبه السلطاني الأنيق.

السلطانة هيام
هل كانت مريم أوزيرلي الاختيار الأوّل لدور السلطانة هيام؟
بعد ثمانية أشهر من البحث المتواصل عن الممثلة المناسبة والأقوى لدور السلطانة هيام، رشّحت مريم أوزيرلي إلى جانب عدد كبير من الممثلات المعروفات والجديدات، ووصلت إلى التصفيات النهائية وتمّ إجراء اختبار صوت وصورة لها بحضور الفريق المشرف على العمل والمنتج والمؤلّفة الراحلة ميرال أوكاي، ووقع الاختيار عليها، وكانت بالفعل كما توقّع الجميع منها: ممثلة بارعة وموهوبة. وكان اختيارها هي بالذات لدور السلطانة هيام صائباً.
لكنها لم تكن معروفة أو مشهورة في تركيا، ألم تشعروا بالخوف؟
كونها وجهاً جديداً في الدراما التركية ميزة لصالحها، لا نقطة ضعف ضدها. ومريم أوزيرلي قبل «حريم السلطان» لم تكن ممثلة ناجحة لكنها بعده أصبحت ممثلة ناجحة جداً ومشهورة في العالم كلّه.
هل لديك بعض القواسم الشخصية المشتركة مع السلطان سليمان القانوني؟
لا توجد قواسم مشتركة بيني وبين السلطان سليمان باستثناء صفة واحدة، فأنا وإيّاه نتميّز بحساسية زائدة. فأنا حساس جداً في المواقف الإنسانية والرومانسية، والسلطان سليمان كذلك حساس جداً تجاه شعبه وزوجاته ووالدته، فهو فنان وشاعر في داخله بالإضافة إلى كونه سلطاناً عادلاً وقائداً وفاتحاً شجاعاً، وصفة واحدة مشتركة بيني وبينه لا يمكن وصفها بقواسم مشتركة بيننا. فالفارق بيني وبينه كبير جداً، فهو سلطان عظيم وقائد فذ فتح نصف أوروبا في عصره، وهذا ميّزه عن باقي الرجال العاديين. وأفكارنا وأحلامنا وإنجازاتنا هي التي تميّز بين رجل وآخر.
ما الذي تغيّر في حياتك بعد نجاح مسلسلك «حريم السلطان»؟
لاشك بأن نجاح مسلسل «حريم السلطان» غيّر لي حياتي. فالمشاركة في عمل تاريخي ضخم من نوعه لفترة أربع سنوات أمر صعب وليس سهلاً، لكن محبّة الناس واحترامهم لي اللذين زادا كثيراً بعد عرضه على مستوى العالم، ثمن بسيط أدفعه برضى وبسعادة كبيرة.

وأخيراً بعد أن ارتبطت مع شخصية السلطان سليمان لمدّة أربع سنوات كاملة، هل انفصالك عنه سيحزنك نفسياً أو سيصيبك بغرور العظمة لكونك كنت سلطاناً طوال هذه الفترة؟
قال السلطان سليمان القانوني جملة حكيمة محفورة في قلبي ولا يمكن أن أنساها: «إنّ الاغترار بالقوّة أكبر تهديد لصاحبها، حيث يحوّل الاغترار هذه القوة إلى تهديد حقيقي وخطير يجعل من صاحبها أصم وأعمى لا يسمع ولا يرى حقيقة ما يدور حوله». ولتحقيق النجاح، علينا أن نبقي أقدامنا ورؤوسنا على الأرض كلّما شعرنا بأنها بدأت تبتعد عنا رويداً رويداً بالتعالي والانتشاء بالنجاح والشهرة. ولا بد أن يذكّر الناجح نفسه يومياً أنه في النهاية إنسان عادي لا يملك مصيره سوى خالقه الله تعالى. والسعادة الحقيقية لا يمكن أن نحصل عليها من النجاح والمال، بل السعادة نحسّها وتضيء أرواحنا بالتفاصيل الإنسانية والعائلية الصغيرة