لا تجعلي ابنك صورة طبق الأصل منك!

يهمل بعض الآباء والأمهات الاختلافات الطبيعية والجوهرية بين أبنائه وبينه، فيختار له الطريق عينه الذي سار عليه من قبل ليكمل مسيرة حياته. فهل من الصواب تربية الطفل بطريقة تجعله نسخة طبق الأصل من والديه‏؟

 

توضح الاختصاصية في علم النفس ريم بدر الدين "أنّ حجر الآباء على رغبات وميول الأبناء أصبحت ظاهرة تتجلّى واضحةً في بعض البيوت العربية"، مضيفةً "أن كثيرين يريدون رؤية أنفسهم في أطفالهم، سواء لناحية الشكل أو السلوك أو المهنة، في حين أنّ الدراسات تبيّن أنه من الخطأ تماماً أن يحاول الأبوان تنشئة صغارهما ليمسوا صوراً عنهما، علماً أن هذا التدبير‏ يبرز أن هؤلاء يظنون أنهم بلغوا الكمال ويخلون من الصفات السيّئة". وتشير إلى "أن اتّباع هذا المنهج التربوي سيقود نحو إعداد جيل يحمل أخطاء جيل الماضي عينها". وتردف قائلة: "لا ننكر أنّ الطفل يتأثّر عندما يتعايش مع مهنة الأب أو الأم بحكم وجوده معهما وسماعهما يتحدّثان عن التفاصيل الدقيقة التي تتعلّق باختصاص كلّ منهما، إلا أن هذا التأثّر يعتبر وهمياً لأنه لا يخاطب القدرات الحقيقية الخاصّة به، ولا يتعدّى كونه تقليداً أو محاكاة لما يراه، ويظهر هذا التأثّر في ألعابه، فيقوم بدور الطبيب الذي يعالج مرضاه إذا كان الأب طبيباً، أمّا إذا كانت أمّه مدرّسة فيتّخذ من أقرانه تلامذة ويقوم بدور المدرّس... أمّا إذا استمر الطفل أثناء مراحل عمره المختلفة في حبّ مهنة أحد والديه ولوحظ  امتلاكه القدرات التي تؤهّله لذلك، فحينها يجدر تشجيعه وتوفير كل السبل التي تهيّئ له التفوّق طالما أنّ الأمر تمّ وفق اختياره".

 

 

 

لا تضعفي ثقته بنفسه

تنبع ثقة الطفل بنفسه من إيمانه بقدراته وكفاءته على أداء المهام التي يحاول القيام بها، فمن يلزمون دوماً على أداء الأمور التي لا تلائم طبيعتهم يضعف إيمانهم بقدراتهم وكفاءتهم، وبالتالي لن يشعروا بالحماسة لعمل أي شيء جديد لشكّهم وعدم ثقتهم في قدرتهم على النجاح! فعلى سبيل المثال، إذا دفعت طفلاً ذا ميول فنيّة ليتميّز في العلوم لأنه يشكّل مجال أحد الأبوين، فقد يحقّق نجاحاً في المادة إلا أنه لن يتفوّق في هذا المجال طالما أنه لا يرى نفسه فيه ولا يشبع مواهبه وميوله وملكاته الفطرية، وبالتالي يضعف تقديره لذاته.

 

 

اكتشفي ميول طفلكِ

يتطلّب اكتشاف ميول الصغير من قبل الأهل فهم قدراته وإدراك اهتماماته والتخلّي تماماً عن الصورة المستقبلية التي سبق أن رسموها له، ثم:

  • مراقبة سلوكه داخل الأسرة وخارجها لاكتشاف قدراته وتنميتها.

  • توفير المعلومات التي تتيح له الإجابة عن أسئلته المختلفة وقضاء وقت كافٍ في محادثته.

  • توفير الأدوات التي تظهر المهارات المختلفة (أدوات الرسم والمختبر المنزلي والصلصال والقصص والأشغال اليدوية...).   

  • توفير البيئة الصالحة وتقديم الرعاية والاهتمام والحب، مع إبعاده عن التوتر والخلافات الأسرية التي تسبّب تشتيت ذهنه.

  • مدح سلوكه الإبداعي وتشجيعه على الابتكار والتخيّل.

  • إلحاقه ببرامج رياضية وتعليم اللغات والكومبيوتر، مع قياس مدى استجابته لتعلّم هذه المهارات.

  • الاستعانة بالمتخصّصين لتحديد اتجاهاته وفق قدراته، علماً أن ثمة اختبارات خاصّة تقيس تلك القدرات.

وتجدر الإشارة إلى أن الاكتشاف الحقيقي للصغير لا يتم سوى إذا تمّ التعامل مع كل ابن من الأبناء على حدة، إذ يتمتّع كلّ منهم بسلوك واهتمامات وقدرات ومواهب تميّزه عن الآخرين.