قرار تشديد العقوبة، في رأي الدكتور أحمد السايح، إنما هو ميزان عدل، وإقراره يأتي من باب أولى لعدم التطاول على الأنثى، وخطوة لكسر النفوس الضعيفة من الرجال في حال ارتكابها.
القرار في الصالح العام، لكن تنقصه كيفية التطبيق؛ لأنه لابد أن يكفل القرار الحماية للطرفين، الذكر والأنثى، لافتا إلى أن الإسلام حافظ على الأنثى في أي مكان توجد به، ويكفينا قوله تعالى: {قلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ...}، ووصف السايح هذا القرار بالرد الأمثل على كل من يستبيحون الشارع؛ للاعتداء على الأموال والأعراض؛ لردع الفساد والتجرؤ على حرمات المجتمع، مشيرا إلى أن الاعتداء على المرأة من الجرائم الكبرى في الإسلام، مثله مثل «الحرابة»، وهي قطع الطريق وترويع الآمنين فيه؛ لذا كان لابد من وجود عقوبات رادعة ومخيفة؛ استنادا إلى قول الله عز وجل في كتابه الكريم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ}، فهو قرار يتماشى مع نص الآية الكريمة، والشريعة الإسلامية.
ومقصد مهم وفقا للحالة التي يمر بها المجتمع، لكن لابد أن يكون هناك ضوابط وآليات يتفق عليها المشرعون وولاة الأمر؛ حتى لا يؤدي التغليظ المفرط في العقوبات إلى الجور والظلم، وهذا لا يجيء إلا بالشورى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لقوله تعالى: { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}.
وهذا التغليظ ليس منافيا لحرية المجتمع والأفراد، فهو على خط موازٍ له، وذلك تأسيا بقول علماء الأصول: «لا ضرر ولا ضرار» فإن الأمر كله المقصد منه تغليظ الحد، فإذا توافق عليه إجماع الأمة؛ لأنها منفعة عامة يستظل تحت ظلها طوائف المجتمع ويحتمون بها فهو أمر حسن، ولا يوجد به ترويع أو فزع أو تقييد لحرياتهم، خاصة إذا علمنا أن استقرار المجتمع مقدم على العقائد؛ لقوله تعالى على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}..البقرة126
فقد قدمت الآية الكريمة أمن المجتمع على العقيدة، إذن فإن المقصد الحسن هو دائما ما يدعو إليه الإسلام.
ويقول السايح: إن أحوال المجتمع دائما ما تستدعي من علمائها البحث فيما يعود عليهم بالنفع العام دونما أي إضرار، فمثلا عندما قام ثاني الخلفاء الراشدين بتعطيل حد من حدود التشريع الإسلامي، فقد كان التعطيل لنفع الأمة، واتفق على تعطيله علماء الأمة وفقهاؤها، فقد كان المقصد منه هو شعور القائمين على الأمة بما يئن منه المجتمع دون الخروج عن الشريعة، فكما كان تعطيل أحد الحدود لنفع الأمة فإن التغليظ في العقوبات هو أيضا لنفع الأمة دونما أن يستخدمه ولاة الأمر بشكل سيئ، يؤدي إلى نفور الناس من الإسلام؛ لأنها بالفعل حالة استثنائية؛ لأن دعوة الله لرسوله في قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِِ}.. سورة آل عمران: آية 159، فوفقا للحالة التي يمر بها المجتمع الشريعة الإسلامية ملازمة لاستقراره ومستمرة مع الناس ومع المجتمع.
أما هشام العزب المحامي بالنقض فيقول: إن تغليظ العقوبة على الخارجين على القانون خاصة فيما يتعلق بترويع الناس والتحرش بهم أمر هام جدا؛ لكي يكون رادعا لكل من تسول له نفسه التحرك في هذا الاتجاه، وهذا الأمر موجود وجودا أصيلا في القانون، وليس مادة قانونية مستثناة، لكن عندما يجد المشرع أن هؤلاء الخارجين يتجهون إلى ترويع الناس يبدأ في اتخاذ إجراءات سريعة لمحاكمتهم في وقت قصير؛ ليجعلهم عبرة لكل من تسول له نفسه الإقدام على مثل هذه الأفعال المنافية، وهي منحصرة في عقوبة بين المؤبد والإعدام.
ويؤكد العزب أن تشديد العقوبات وتحويلها إلى عقوبات مغلظة في جرائم التحرش، واختطاف الإناث واقتران الجريمة بالاعتداء عليهن يتماشى مع سياسة المشرع في تحقيق الزجر والردع للجناة في مثل هذه الجرائم، التي تخل بأمن المجتمع، خاصة بعد أن أصبحت تمثل ظاهرة لم تكن موجودة من قبل، وهي تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية، حيثُ إنها اعتبرت حماية العرض مقصدا من مقاصد الشريعة، ووفرت كل الأسباب لحمايته، فوضعت عقوبات على جرائم العرض الكبرى كجريمة الزنا والاغتصاب، بل اعتبر الفقهاء أن جريمة اختطاف الإناث سواء اقترنت بالاعتداء عليهن جنسيا أم لا من جرائم الإفساد في الأرض والحرابة (تهديد أمن المجتمع)، والتي تستلزم عقوبات تتدرج إلى أن تصل إلى الإعدام، وفقا لتكرار الجريمة بما يعرف «بالعود» في القانون الجنائي، وذلك لكي يتحقق الزجر للجاني والردع لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم.
وبمعنى آخر فإن تغليظ العقوبات يمس شقين أساسيين: أولهما أنه اقترن بعقوبة الإعدام في حالة الاعتداء الكامل على الأنثى تماما، مثل عقوبة الحرابة في الشريعة الإسلامية وعقوبة الزاني المحصن، وثانيهما أنه إذا كانت العقوبة بالسجن المشدد، عندما لا تكتمل جريمة الاعتداء الجنسي، فتكون عقوبة تقديرية تخضع للسلطة التقديرية للقاضي وظروف الواقعة.
والتسريع في محاكمتهم لا يتقاطع إطلاقا مع حرية أفراد المجتمع، بل الذي يحد من هذه الحرية انتشار هؤلاء المارقين في الشوارع والميادين والطرقات السريعة؛ لذا فإن القضاء عليهم يأتي بمحاكمتهم لضبط الباقي وعدم الإقدام على مثل هذه الأمور؛ لمعرفتهم ماذا ينتظر مثل هذا السلوك سوى العقوبات ما بين المؤبد والإعدام.
عقوبة الاغتصاب موجودة في قانون 10 لسنة 2001
أ- يتم إضافة ظرفين جديدين مُشددين لجريمة اغتصاب الأنثى، وهما حالة إذا لم يبلغ عمر المجني عليها الثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، وحالة تعدد الفاعلين لجريمة الاغتصاب، حيثُ تصل العقوبة عن توافر تلك الظروف المشددة إلى الإعدام.
ب- كما يتبنى القانون رفع سن المجني عليه المعتبر ظرفًا مشددًا، وذلك لحماية الطفل من شتى جرائم الاعتداء الجنسي والخطف، كما تم تشديد عقوبة السجن المُشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات.
ج- كذلك استحدث المشرع ظرفين مُشددين: أولهما كون المجني عليه لم يبلغ الثانية عشرة وخطف بغير تحايل أو إكراه، تأسيسا أن صغر السن يجعل إرادة المجني عليه غير معتبرة، كما أن فعل الخطف في ذاته يُعد ترويعًا لمثله، وبالتالي اقتران الخطف بجريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه.
د) كما استهدف المشرع تعديل بعض النصوص لمواجهة ظاهرة التعرض على وجه يمثل خدشًا للحياء أو مساسًا بالأعراض للمواطنين، سواء بالقول أو بالفعل أو بالإشارة التي انتشرت في الآونة الأخيرة، ومواكبة لتطور أنماط السلوك الإجرامى في تلك الجريمة باستخدام بعض التقنيات الحديثة لخدش الحياء، فقد نصت المادة المُعدلة على عقاب اقتراف الأفعال الواردة بها إذا تم ذلك بواسطة أي وسيلة من وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية دون قصر ذلك على التليفون فقط، مما يدخل الرسائل القصيرة التي تأتي على التليفون المحمول أو شبكة المعلومات ضمن الأفعال المُجرمة