ليلى علوي فنانة رقيقة تملك وجهاً مشرقاً محبّاً للحياة. التفاؤل سمة مميّزة فيها. صراحتها مع نفسها والآخرين ساعدتها على تخطّي الصعاب والثبات على المبدأ. تتميّز أيضاً بحبها للناس والاطّلاع على كل ما هو جديد بجانب حبها للمغامرات.
تثق في أفكارها رغم التردّد الذي يسيطر عليها، كما تعترف في بعض الأحيان، وخاصة في اتّخاذ القرارات المهمة. تحب النظام والترتيب في كل مكان تتواجد فيه. في رمضان الحالي يلتقي معها المشاهد في مسلسل «الشوارع الخلفية» الذي يجمعها بالنجم جمال سليمان. «سيدتي» التقتها مؤخراً في الحديث التالي:
أولاً، ما إحساسك حول مسلسلك الجديد «الشوارع الخلفية» الذي يعرض في رمضان الحالي؟
أشعر ببعض الخوف والقلق. فالمسلسل تدور أحداثه في عام 1935وما حدث من مشاكل بعد ثورة 1919 وتلك الفترة من حياة مصر السياسية والاجتماعية، حيث كان الشعب متأثراً بها ويتحدث عنها. وهذا سر تخوّفي.
كما أن «الشوارع الخلفية» قصة الراحل عبد الرحمن الشرقاوي، وقام بإعداده وكتابة السيناريو والحوار الدكتور مدحت العدل وإنتاج «العدل غروب» (جمال العدل)، وإخراج جمال
عبد الحميد وبطولة مجموعة كبيرة من الفنانين. ويحكي قصة شارع عزيز والناس الذين يقيمون فيه من جميع الطبقات سواء من داخل الشارع أو المتردّدين عليه من خارجه.
كما يتناول المسلسل الحياة الاجتماعية لكل أسرة في الشارع مثل أسرة جمال سليمان الضابط السابق الذي خلع البدلة، لرفضه ضرب المتظاهرين، ولديه ابنتان، بالإضافة إلى أنه صاحب العمارة التي تقيم فيها سعاد هانم والمسؤول تقريباً عن أهل الشارع وحلّ مشاكلهم.
وأسرة داوود أفندي (سامي العدل) المتمثّلة في زوجته وابنه الثوري وابنته الطالبة. وكذلك أسرة محمود الجندي وحكايتها. فالمسلسل يتحدّث عن نبض الحياة المصرية في ذلك الوقت والشباب الذين أرسلهم والدهم العمدة للتعلّم في الجامعة ويسكنون أيضاً في «شارع عزيز» ومعهم الخادم الذي يقوم بخدمتهم وشخصيات كثيرة غنيّة بأحداثها.
وما الذي أعجبك في المسلسل؟
عندما وجدت التاريخ يعيد نفسه. فدائماً هناك صحوة تحدث مهما أخذت الناس بعيداً. والشباب هم دائماً أصحاب هذه المبادرة الأولى.
سعاد هانم
هل تمّت إضافة شخصيات إلى أحداث القصة؟
د. مدحت العدل أعاد كتابة القصة، وأضاف إليها شخصيات، حسب الأحداث التي كتبها الراحل عبد الرحمن الشرقاوي سنة 1935. وبعد ثورة 1919، تمّ تخصيص احتفالية تسمّى «يوم الجهاد» الذي تمّ فيه فتح «كوبري عباس» على الشباب وطلاب الجامعات ليغرقوا في النيل، وكان ذلك في شهر نوفمبر (تشرين الثاني). ولكن الأهم هي الأحداث «البيتوتية» والحياة التي كانت موجودة في ذلك الوقت.
حدّثينا عن دورك؟
أجسّد شخصية «سعاد هانم» وهي أرملة ولديها صبي وفتاة، وتعاني ظروفاً صعبة في تربيتهما. و«سعاد هانم» ماهرة في الخياطة والتفصيل وكل الأشغال اليدوية ولديها طموح كبير. وتتمنى يوماً أن تقوم بتفصيل فستان للأميرة شويكار.
ماذا أعجبك في الشخصية؟
أعجبني فيها أنها شخصية قوية ومتفائلة تأخذ الحياة ببساطة، عكس آخرين يعقّدون الأمور ويشعرون بالإحباط دائماً. لذلك، أخذت الدور ببساطة حتى في طريقة الحديث والمشاعر المختلفة. فهناك كلمات تعجبني جداً مثل «نهارك سعيد يا هانم» والمشاعر التي هي عبارة عن طموح، أحاسيس، أحزان وأحلام. كلّها واحدة، لكن هناك تفاصيل مختلفة من حقبة زمنية لأخرى.
طوال الـ 30 حلقة تظلّين تقولين يا هانم، يا بيه، يا أفندي. لماذا؟
هذه الألفاظ تخلق حالة خاصة جداً من الأحاسيس. لذلك عند قراءتي للسيناريو، كنت أرفع حاجبيّ وأبتسم كلّما وجدت الشخصيات تنادي يا هانم ويا بيه. وأنا الآن داخل الاستوديو عشت الدور وأتقنته تماماً. وهذا شعور جميل أن نعيش زمناً لم نعشه من قبل، حيث أشعر بالمتعة في تجسيد الدور.
توقّف الزمن
إذاً، لو ركبت آلة الزمن، في أي حقبة زمنية تريدين التوقّف؟
محطة الأربعينيات والخمسينيات. هذه المرحلة التاريخية تجذبني، لأنها فترة جميلة في كل شيء وخاصة الملابس الثقيلة التي أحبّها بشدة. ورغم أنني صوّرت سابقاً مسلسل «حديث الصباح والمساء» قبل هذه الحقبة بكثير أي نهاية العام 1918، وكانت ملابسهم ثقيلة أكثر، إلا أنني أحببت فترة الأربعينيات والخمسينيات جداً.
يقولون عنك إنك جريئة فنياً رغم أنك خجولة في حياتك، ما تفسير ذلك؟
جرأتي الفنية بدأت من مسلسل «حكايات وبنعيشها» عندما جعلت المسلسل 15 حلقة بدلاً من 30 على مدى عامين، حيث قدّمت حكايتين في كل عام من هذه الحكايات الواقعية التي نعيشها بالفعل. وهذه التجربة تعتبر جديدة في الدراما التلفزيونية التي استقرّت أوضاعها منذ سنوات على أن يكون المسلسل 30 حلقة، وربما أكثر وأحياناً يكون هناك بطء في الأحداث وتطويل غير مبرّر. ولذلك، كانت هذه التجربة الدرامية مثيرة.
وفي هذه الحكايات، تذكّرت وقتها فيلم «البنات والصيف» الذي كتبه إحسان عبد القدوس. وكان يتألّف من ثلاث حكايات تحكي كل منها سابقة في تاريخ السينما المصرية، وكان الحب هو الرابط بين هذه الحكايات التي ألهمتني بفكرة الـ 15حلقة والتي نجحت باكتمال الشخصية ووصول الأحداث لذروتها. وبصراحة، لم أستطع مقاومة إغراء التجربة والتجديد في الشكل والمضمون اللذين تنطوي عليهما.
ورغم ذلك، هذا العام كنت أستعدّ لمسلسل من 30 حلقة، ولكن بسبب الأحداث التي تمرّ بها مصر، توقّف الإنتاج.
شيء جميل أن يشعر الإنسان بقيمته. فهل وجدت ذلك في شخصية «سعاد هانم»؟
أكيد. ففي كل عمل أقدّمه، أشعر بقيمتي الفنية وأنني جسّدت دوراً يخدم المجتمع. فمثلاًَ في «هالة والمستخبي» في أول جزء من «حكايات وبنعيشها»، جسّدت دور امرأة بسيطة تعيش في حي شعبي وتواجه ظروفاً اجتماعية ومادية صعبة، وكانت تعاني من زوج سيّئ وحماة متسلّطة تمارس عليها قهراً لا حدود له. ومع ذلك، كانت الشخصية إيجابية ولديها أمل في الحياة. فلم تجلس لتنعي حظها وأولادها المفقودين بل على العكس لم تيأس، وواجهت ظروفها بشجاعة وتفاؤل في الغد والمستقبل كلّه. وطبّقت شعار أنه
«لا حياة مع اليأس والاستسلام».
هل هذا أول تعاون فني بينك وبين الفنان جمال سليمان «شوكت أفندي»؟
بالفعل، هذه المرّة الأولى التي أتعاون فيها مع الفنان جمال سليمان الذي أحترمه وأقدّر فنه. وقد قابلته مع أسرته في مهرجان سوريا وألتقي بهم عندما يأتون إلى مصر.
خفّضت أجري
العام الماضي تمّ إنتاج حوالي 75 مسلسلاً دراميــاً غير التاريخيـة والدينية. وهذا العام جاء العدد أقل بكثير، ما رأيك؟
جميع الأعمال في مصر كانت شبه متوقّفة بعد الثورة وليس بالنسبة للأعمال الفنية فقط. لذلك، أدعو الجميع للعمل والإنتاج أكثر حتى لا تتوقّف عجلة الحياة.
أكثر إنتاجاً كيف؟
في اليابان، بعد الزلزال المدمّر الأخير الذي ضرب اقتصادها في مقتل، عمل اليابانيون أربع ساعات إضافية لإنقاذ الاقتصاد. وبالفعل عاد اقتصادهم أكثر قوة من الأول. وأتمنى أن يحدث ذلك في مصر وسط هذه الظروف الصعبة.
لكن من أجل عودة الاقتصاد تدريجياً، لا بدّ من تخفيض الأجور؟ فهل ليلى علوي لديها استعداد لذلك؟
جمال العدل قال لي إن المشاركين في المسلسل الجديد وافقوا على تخفيض أجورهم، فقلت له: «وأنا مثلهم لأنني لست أفضل منهم».
تحدّثت باليابانية
يقولون إن البساط ينسحب تدريجياً من تحت أقدام الدراما المصرية، والدليل ظهور أنواع جديدة من المسلسلات الهندية والتركية والخليجية وغيرها. فهل هذا صحيح. وما السبب؟
الدراما المصرية لها طعم آخر مختلف، وهذا بشهادة النقّاد العرب والأجانب وليس بشهادة المصريين فقط. كما أنني لا أمانع من مشاهدة مسلسلات أخرى بعد أن أصبح العالم صغيراً وانتشرت الفضائيات. لكن الحكاية أن الدول الأخرى عرفت كيف تسوّق أعمالها بطريقة صحيحة لأنهم استغلّوا التقدّم الذي حدث إعلامياً ووزّعوا أعمالهم جيداً.
معنى ذلك أنك من الممكن أن تتحدّثي بالصينية؟
وما المانع؟ فقد حدث ذلك بالفعل، لكن تحدثت باليابانية في فيلم «المصير» مع المخرج الراحل يوسف شاهين.
معيار قبول الأعمال
ما هو معيار ليلى علوي في قبول أي عمل فني؟
أن يكون السيناريو جيداً وأن تقدّم الشخصية جديداً للجمهور وتكون مثالية يحبها الناس ويحترمونها.
معنى ذلك أنك لا تقدّمين أي شخصية غير مثالية؟
لا بالعكس. فأنا جسّدت شخصيات غير مثالية، لكنني أقصد أن الشخصية التي أقدّمها لا بدّ أن تقنع الجمهور وتجعله يتعاطف معها. فمثلاً في مسلسل «تعالى نحلم ببكره»، قدّمت دور «انجي الكاشف»، وأقنعت الناس بها، رغم أنني لا أتّفق مع طبيعتها من الناحية الإنسانية. فالفارق بيني وبينها في السلوك والتصرفات هو ما بين السماء والأرض، لكنني رغم ذلك تعاطفت معها لصغر سنها وكونها كانت ضحيّة.
ماذا تفعل ليلى في شهر رمضان الكريم؟ ماذا عن بطولة «الشوارع الخلفية»؟ ليلى تتذكر بدايات مشوارها ؟ وتتحدث عن نقطة التحول في مسارها الفني وتفاصيل إضافية في مجلة سيدتي في المكتبات