العرض الكويتي "عطسة".. الكوميديا السوداء في مواجهة المجتمع

شخصية الزوجة من العرض
جانب من الحضور بالعرض الكويتي
شخصية المهم من العرض الكويتي
الشخصية الرئيسية من العرض الكويتي
الشخصية الرئيسية من العرض خلال وهم حديثها مع صنوق البريد
مشهد من العرض المفترض داخل العرض الكويتي
الديكور واستخدامه من قبل الممثلين
مشهد من العرض
العطاس بطل العرض خلال صراعه مع الأريكة
مشهد من العرض الكويتي عطسة
10 صور
في خامس أيام الدورة الرابعة والعشرين من مهرجان الأردن المسرحي، كان مسرح "بريخت" هو العنوان الأبرز ضمن فعاليات المهرجان، وذلك من خلال العرض الكويتي "عطسة"، إخراج عبد الله التركماني، وتأليف محمد المسلم، وأداء عدد من طلاب وخريجي كليات التمثيل والإخراج في الكويت، والذي عُرض على خشبة المسرح الدائري في المركز الثقافي الملكي في العاصمة الأردنية عمان.

"بريخت" ... باللهجة الكويتية
قام العرض الكويتي "عطسة" على مدرسة المسرحي الألماني الشهير "برتولت بريخت"، وهو أحد أشهر المسرحيين والكتاب في التاريخ، وأحد أهم المؤثرين والمنظرين على الحركة المسرحية العالمية، إذ حقق التركماني من خلال عمله معظم شروط "بريخت"، من حيث هدم الجدار الرابع بين الجمهور والممثلين، وتغريب الأحداث المسرحية من خلال إطفاء نوع من الغرابة والمبالغة عليها، والإعتماد الكبير على الكوميديا السوداء في عرضها، كاسراً الإيهام في عملية الأداء المسرحي.

وبدأ العمل بمجموعة من الممثلين الذين كانوا يؤدون مشهداً من مسرحية "الدبّ" للكاتب الروسي أنطوان تشيخوف، وكان من بين الحضور رجل فضولي يتدخل بعمل المخرج والممثلين، وهو ذاته الرجل الذي ستقوم عليه ما تبقى من أحداث العرض، حيث وخلال مشاهدته للمسرحية المفترضة التي يتم عرضها، يدخل "المهم"، وهو شخص يبدو بأنه من كبار المسؤولين أو الشخصيات المهمة في دولة العرض الخيالية، ويجلس أمام بطل العمل، وبتصرف لا إرادي وعفوي "يعطس" صاحبنا الفضولي في رأس "المهم"، وهنا تقوم الدنيا ولا تقعد، وينتهي العرض المفترض بعد أن انزعجت هذه الشخصية رفيعة المستوى.

ويبدأ التهديد والوعيد والخوف من الآتي لدى الشخصية الرئيسية، ويبدأ بالتفكير كيف سيقوم بالإعتذار لـ"المهم"، وتبدأ أوهامه التي ولدتها مخاوفه تتآمر عليه، حتى أنه بات يرى الأشياء أيضاً من حوله تفعل ذلك، فمن المناديل الورقية إلى الأريكة إلى صندوق البريد، كلها مخاوف تآمرت عليه في الوقت نفسه، واستمر صاحبنا يحاول إقناع الآخرين وإقناع "المهم" بأن كل ما فعله أنه عطس، وهذا أمر عفوي وحاجة إنسانية، يفعلها الجميع من أصغر فرد في البلاد وحتى الرئيس نفسه، حتى ينتهي العرض بمشهد درامي توّج حالة من الكوميديا استمرت طوال العرض، بأن تنغلق جميع الأبواب بوجهه، وهو يحاول إقناع الناس بأن كل ما فعله أنه عطس فقط، وأن الأمر حاجة إنسانية.

ذهب مخرج العمل التركماني إلى مكان بعيد بالكثير من المبالغة في المفارقات الكوميدية الغريبة التي يشتهر فيها المسرح "البريختي"، محاولاً معالجة حالة المبالغة بالتقديس للشخوص والأشياء، حتى بأقل التصرفات التي قد تنتج عن الفرد، من خلال معالجة ساخرة، فيها الكثير من الكوميديا السوداء، التي تظل واقفة بسيف التأمل على باب الضحك الكثير الذي واكب المسرحية حتى لحظاتها الأخيرة.


سينوغرافيا الممثل.. ممثل ضروري على الخشبة
تمكن التركماني بأدوات بسيطة صنع منها ديكور العرض وإضاءته، من أن يفعل الكثير على خشبة المسرح الدائري، كما أنه جعل كل قطعة من العرض تكون شخصية في العمل، لها دورها ومتعتها بصنع الإيقاع والأحداث، فمن خلال بعض الأشكال التي صنعها من الورق ورسم عليها تفاصيل الأماكن التي يريدها، كان قادراً على التنقل من مشهد إلى آخر ومن حالة درامية إلى ثانية بسهولة كبيرة، محافظاً على إيقاع العرض السريع بشكل مضبوط كما يجب، وبسهولة تعامل الممثلين معه.

كما عمل التركماني على استخدام هذه الأدوات لتكون جزءاً من الممثلين يخدم بها فكرة الوهم الذي تعيشه الشخصية الرئيسية، وذلك من خلال تحويل "ورق المحارم"، إلى شخصيات تتحدث وتتصارع مع الشخصية، وكذلك الأمر في الأريكة وصندوق البريد، من خلال تحويل الممثلين أنفسهم إلى هذه الأدوات.