العرض العراقي "وقت ضايع".. حين يكون التاريخ مُتخماً بالتراجيديا

الشخصيتان الرئيسيتان من العمل
دقيقة حداد على عدد من رموز الأدب والمسرح العراقي
الممثلان العراقيان بعد انتهاء العرض
الفنانة آسيا كمال وتفاحة آدم بين يديها
مشهد من العرض
الفنانتان الأردنيتان أمل الدباس ونادرة عمران من بين جمهور العرض
من العرض العراقي
جانب من الحضور
السفيرة العراقية صفية السهيل من العرض العراقي
مشهد من العرض العراقي
10 صور
لا تزال العاصمة الأردنية عمان، مستمرة باحتفالها السنوي في المسرح، وذلك عبر مهرجان الأردن المسرحي بدورته الرابعة والعشرين، الذي وصل إلى يومه الخامس، عارضاً المسرحية العراقية "وقت ضايع"، تأليف وإخراج تحرير الأسدي، وموسيقى زيدون حسين، وأداء كل من آسيا كمال ورائد محسن، والتي عُرضت بحضور السفيرة العراقية بالأردن صفية السهيل، وذلك على خشبة المسرح الرئيسي بالمركز الثقافي الملكي.

العراق .. تراجيديا التاريخ
المسرحية العراقية "وقت ضايع" عرضت تاريخ العراق منذ آدم وحواء وحتى وقتنا الحالي، وما مرّ بالبلاد من حضارات عديدة شّكلت وجه العالمين القديم والحديث، فمن الحضارة السومرية إلى البابلية والآشورية، إلى الفن والأدب العراقي، وما آلت إليه البلاد في الفترات الأخيرة من تاريخها المعاصر، بعد وقوعها تحت العديد من اللأزمات أهما الحرب الأمريكية وتنظيم "داعش" الإرهابي وغيرها، وما حلّ بالشعب العراقي من تشريد وتهجير وقتل بسبب هذه الأزمات، وذلك عبر قصة الخلق الأولى لـ"آدم وحواء"، لحظة خروجهما من الجنة، ومن ثم إسقاط تلك الأحداث على رجل وامرأة بباقي تاريخ البشرية من خلال ما تمر به شخصيتا العرض.

تقتحم فكرة الوجود بعمومية فلسفتها موضوع العرض العراقي، ليتم إسقاطها بتخصيص أصغر في "الوجود العراقي" تحديداً، حيث عمل المخرج على نقل شخصيتي العمل بين حقب تاريخية مختلفة، منذ أن كانا "آدم وحواء"، الذين خرجا من الجنة، مروراً بالميثولوجيا السومرية قبل أكثر من 4 آلاف عام من خلال ملحمة "جلجامش" بشخصياتها الرئيسية مثل "أنكيدو وعشتار"، وحتى الإنسان العراقي المعاصر، مع طرح العديد من الأسئلة التي تبحث عن جدوى كل هذا الموت في البلاد.

"العبث" .. عنوان العرض الرئيسي
لا يخلو العمل العراقي من التطرق إلى مدرسة العبث، وتكرارها الذي لا طائل منه، وذلك عبر سرد الأحداث التاريخية التي تمثل الحالات الإنسانية والدرامية نفسها، للدلالة على عظم المأساة التي يعيشها العراق، وأنه على مدى التاريخ، وعلى الرغم من تعاقب الحضارات التي شكلت وجه العالم عليه، إلا أن الأحداث الدموية، وتراجيديا الإنسان العراقي هي نفسها ولم تنتهي وقد لا تنتهي، خاصة بعد أن انتهى العرض بقرار النسيان الذي اتخذه الرجل أو "آدم"، لأيامه وذكرياته مع الزوجة "حواء"، بعد أن تعب من أن يكون هناك أمل بتحسن هذه الأحوال، ما يضع العمل ككل بخانة الأعمال العبثية، التي كان رائدها الفرنسيين خلال ثلاثينيات القرن الماضي، وبدأت تستحوذ على المسرح هناك بعد مسرحية "في انتظار غودو" للكاتب صموئيل بيكيت في الخمسينيات من القرن نفسه.

السينوغرافيا .. حين تكون الإضاءة الممثل الثالث
اعتمد المخرج على مساحات المسرح الفارغة التي ظلت بدون ديكور، باستثناء بعض مجسمات التفاح، والتي تجسد الرمزية لـ"تفاحة آدم"، وهي خطيئة البشرية الأولى، الأمر الذي مكنه من الإنتقال بين الحُقب التاريخية المختلفة، وتقديم الفراغ كحالة رئيسية للسفر بالزمن بين هذه الفترات، بدون أن يحددها بمكان معين، مُستبدلاً الحدث التاريخي أو الحكاية الميثولوجية للإستدلال على المكان، بمساعدة أوامر الإضاءة التي رسمت حدود ومسير الممثلين على الخشبة، كما رسمت شكل بعض المشاهد، مثل مشهد رقعة الشطرنج، الذي تم تشكيل مربعاتها عبر الإضاءة فقط.