يعتبر تل ام بشر الجبلي "صخرة أم بشر"، الذي يقع في الجهة الشرقية من قرية الشعبة الواقعة شمال محافظة الأحساء، من المعالم الأثرية التي لازالت محط تساؤل الكثير من أهالي البلدة منذ أكثر من 70 عاماً، حيث لازال الناس حتى وقتنا الحالي مختلفين حول السبب الرئيسي الذي اشتق منه اسم هذا التل، واقترن باسم امرأة توفيت قبل حوالي 4 سنوات، حيث يتكون هذا التل، الذي يرتفع عن سطح الأرض بحوالي 80 م، وبطول 190م، وعرض بنحو 45م، من صخور رسوبية، وتحيط به أشجار النخيل والبساتين من الجهة الشمالية والجنوبية، بالإضافة إلى مجرى مائي يقع بمحاذاته من الجهة الغربية.
يقول أحد كبار السن من أبناء القرية، ويدعى ياسين الحليمي "85 عاماً"، لـ"سيِّدتي": إن سبب التسمية اختلف فيه الناس كثيراً، ولكن الأكيد أن الاسم جاء من اسم امرأة تدعى مريم البوحسن "إم بشر"، وكانت هذه المرأة مشهور في القرية بتوليد النساء في الماضي، وكانت تعيش في بيت صغير يقع داخل بستانها الزراعي، الذي يقع بجانب التل، وعندما كانت النساء يحتجنها في قضاء حوائجهن، يرسلن أبناءهن إلى هذا التل، وينادون عليها باسمها، وكانت ترد عليهم، وهكذا اقترن الاسم بهذه المرأة.
وأضاف الحليمي: إن النساء والرجال كانوا في الماضي يترددون على التل كثيراً، خاصة عندما يريدون التزود بالماء العذب؛ نظراً لوجود مجرى مائي بمحاذاة التل، بالإضافة إلى الجلوس فوقه؛ لأنه كان أحد المعالم الجبلية في القرية آنذاك، حيث يرى الناظر من الأعلى منظراً خلاباً لا مثيل له.
أما المؤرخ أحمد الصالح، فأشار إلى أن هذا التل هو امتداد لجبل كنزان التاريخي في الأحساء، والذي يطل على قرية الشعبة من الجهة الشرقية، حيث يقول: يبعد الجبل عن تل أم بشر مسافة تصل لحوالي 3 كم، ولكن تفصل بينهما بساتين زراعية، وكان الناس في الماضي، أي قبل 100 عام، يعتبرونه مكاناً للاستكشاف ومراقبة الأشخاص القادمين من خارج القرية باعتبار أن القرية محاطة بالبساتين من كل الجهات، وكان هناك ممر ترابي صغير يقع بجانب المجرى المائي، الذي يقع بمحاذاة التل، بحيث كان الأهالي يستطيعون معرفة القادمين من خارج القرية من هذا المكان، بالإضافة إلى قوافل الحجيج الذاهبة لأداء مناسك الحج.
وأضاف الصالح: إن الروايات الأكيدة في سبب تسمية هذا التل بـ"صخرة إم بشر" هو ما يتداوله أهل القرية، سواء في الماضي، أو الحاضر، بأن هناك امرأة تدعى مريم البوحسن، وكانت تعرف بـ"أم بشر"، وقد اقترن هذا التل باسمها لحاجة الناس إليها في ذلك الوقت باعتبار أنها كانت تشتهر بـ"الداية" وتوليد النساء.
ويقول حبيب العواد المختص في علم الجيولوجيا: التل يتكون من صخور رسوبية، ويقع في منطقة منحدرة عن جبل كنزان التاريخي، وقد كانت المنطقة الفاصلة بينهما عبارة عن تلال رملية استطاع الأهالي في الماضي زراعتها بأشجار النخيل، بجانب حفر العيون الجوفية، والتالي أصبحت هذه المنطقة عبارة عن بساتين زراعية.
وأضاف العواد: هناك عدد من البحوث التي أجريت على رمال التل من قبل مختصين في جامعة الملك فيصل في الأحساء، بالإضافة إلى أن بعض المختصين في صناعة الفخار وجدوا أن الرمال الناعمة التي تغطي أجزاء متفرقة من التل والمتساقطة منه تصلح لبناء البيوت الطينية، وكذلك صنع أشكال متعددة من صناعة الفخار؛ لأنها ذات جودة عالية.