أطفال الشوارع.. فنُّ التسول وبراعة الحجة

10 صور

رغم قانون منظمة العمل الدوليَّة القاضي بتجريم عمل الأطفال واستغلالهم اقتصادياً، إلا أنَّنا ما زلنا نرى الكثير من الأطفال «العاملين المتسولين» عند المراكز التجاريَّة وإشارات المرور الضوئيَّة، وهم يحملون المناشف أو اللبان أو قوارير المياه؛ لبيعها بهدف التستر على ما خرجوا من أجله وهو التسول، وهؤلاء الأطفال هم مستغلون من أطراف أخرى، قد تكون الأسرة نفسها أو جماعات منظمة تتاجر بهم؛ من أجل كسب عطف الناس. «سيدتي نت» التقت عدداً منهم وتعرفت إلى أوضاعهم الاجتماعيَّة ومن يقف وراءهم.

وصيَّة أُمي
بداية التقينا الطفلة حوريَّة ذات السنوات العشر، تبيع المناشف أمام أحد المجمعات التجاريَّة بجدة، التي أوضحت لنا أنَّ والدها أفغاني وأمها من أصول تركيَّة، وأنَّها تدرس في مدرسة أفغانيَّة صباحاً، وتعمل على بيع المناشف مساءً، وأضافت أنَّها تحرص على وصيَّة والدتها لها بأن توجد في الأماكن العامَّة، ولا تذهب إلى الأماكن المجهولة والمعزولة، وأن تحذر من الذهاب مع شخص إلى مكان بعيد، وأوضحت أنَّ أخاها الأكبر منها دائماً يكون معها لحمايتها حال تعرضت لخطر أو مشاكل. وعما تجنيه يومياً أشارت إلى أنَّ دخلها اليومي بين 10ـ 50 ريالاً.

عقاب وعنف
أما عزار (7 سنوات) فقال إنَّه يتيم الأبوين ويعيش مع عمه، ويبيع العلكة والمناشف، من أجل الحصول على المال والاعتماد على نفسه، رغم أنَّه كبقية الأطفال يدرس في حلقات تحفيظ القرآن. لكنَّه قال إنَّه إذا لم تبلغ مبيعاته في اليوم خمسين ريالاً يتعرض للعقاب والضرب من قبل عمه، وقد يطرده من البيت لينام في الشارع من دون طعام ولحاف، ما يضطره إلى اللجوء للحدائق العامَّة، وكثيراً ما تراوده فكرة الهرب، لكن إلى من يلجأ.

المعلمة كمين
وأوضحت كمين (15سنة) من أفغانستان، أنَّها ولدت في السعوديَّة ولم تذهب إلى بلدها قط، وهي تدرس في مدارس خاصة لتعلم القرآن والحساب. ومنذ صغرها وهي تمارس البيع أمام المحلات التجاريَّة ولدى إشارات المرور، فأبوها من يكلفها بذلك. وأضافت أنَّ لديها 4 إخوة هي أكبرهم، ويسكنون في بيت شعبي مكون من غرفتين فقط. والآن هي تعمل على تعليم إخوتها مهنة البيع.

مكافحة التسول
مدير مكافحة التسول بجدة، سعد الشهراني، قال إنَّ هؤلاء الأطفال الباعة يعدّون متسولين، فما يقومون به هو تسول بغطاء البيع، وتدفعهم إليه جماعات منظمة مستغلة الأطفال، حيث تقوم بتوزيعهم على عدة أماكن مختلفة، بل ويدربونهم على استخدام الألفاظ والأدعية لاستعطاف الناس. وهذه الجماعات أفرادها أشخاص مخالفون لنظام الإقامة أو متسللون عبر الحدود. وهنا يكون دور المواطن في عدم التعاطف والتبليغ عنهم، سواء للهيئة أو الشرطة أو الجوازات، التي تحيلهم بعد التحقيق إلى مراكز إيواء الأطفال المتسولين الأجانب، أو ترحيلهم إلى بلدانهم أو تسليمهم إلى ذويهم وفق التعليمات.

مراكز إيواء الأطفال
وأوضح مدير مركز إيواء الأطفال الأجانب بجدة، مجدي باخريبة، أنَّ هؤلاء الأطفال ليسوا من الجنسية السعوديَّة، بل أتوا من خارج المملكة ودخلوا البلاد، إما عن طريق الحج والعمرة، وإما عبر التهريب والتسلل عبر الحدود، وهي جماعات من ضعاف النفوس استغلت هؤلاء الأطفال لجمع الأموال والتكسب من ورائهم.
وأضاف باخريبة: إنَّ مركز الإيواء له دور مشترك مع الجوازات والجهات الرسميَّة، في التعامل مع هؤلاء الأطفال، حيث نقوم بتوجيههم وتعليمهم؛ حتى تسفيرهم إلى بلدانهم عن طريق سفاراتهم أو الجهات الرسميَّة.

رأي القانون
أوضح الباحث القانوني بالمحكمة العامَّة، سعود الشهري، أنَّ استغلال الأطفال في التسول أو تشغيلهم في أعمال شاقة أو أي عمل كان من الأعمال اليدويَّة والحرفيَّة وغيرها من الأعمال التي لا يتحملها غير البالغين، يعد جريمة نص عليها القانون وتندرج تحت (جريمة الإتْجار بالبشر) التي هي جريمة محرمة دولياً، تم الاتفاق عليها من قبل جمعيَّة الأمم المتحدة. وفي الغالب مثل هذه الأعمال تكون من قبل عصابات إجراميَّة إما منظمة أو فرديَّة، تقوم باستغلال الظروف الأسريَّة أو الماديَّة للطفل ثم جذبه لمثل هذه الأفعال؛ لكي يحصل على قوت يومه، وفي الأغلب تقوم العصابات بخطف هؤلاء الأطفال وإدخالهم عالم الجريمة بداية من التسول ونهاية إلى الضياع. لهذا كانت مثل هذه الأفعال جريمة محرمة دولياً، وﻷنَّ من حقوق الطفل الرعاية الصحيَّة والتعليميَّة والأسريَّة والبيئيَّة، وهذا ما اتفقت الدول عليه تحت مسمى حقوق الطفل، غير أنَّ الشريعة الإسلاميَّة قد حفظت حقوق الطفل حتى حسن اختيار اسم الطفل.