يعظم المسلمون شهر رمضان المبارك بسبب نزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيه، ولأن فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ولأن أبواب الجنة والسماء تفتح فيه، وتغلق أبواب النيران وتسلسل وتصفد الشياطين، ولأن فيه الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعين ضعفاً، فكأنه موسم تنزيلات وعروض مغرية فالقليل من الأعمال الصغيرة والبسيطة مقابل الكثير من الحسنات والأجر، فلماذا كل هذه الحسنات وما لمغزى والعمق والفلسفة الرمضانية الحقة؟
ولادة رمضانية جديدة
هذه الفكرة وغيرها يناقشها الدكتور أحمد خيري العمري في كتابه "الذين لم يولدوا بعد" حيث يدعو لفهم شهر رمضان بمعناه الحقيقي ولماذا هو شهر القرب من الله، ((فرمضان ليس من أجل رمضان، رمضان من أجل بقية السنة)). كيف ذاك؟! فكما هو معروف بأن شهر رمضان المبارك تكون فيه الحسنات مضاعفة ويعطى فيها الانسان راحة من وساوس الشيطان حتى ولكأنها اجازة منه بل من كل شيء يعرقله عن الذهاب إلى الله عزَّ وجل، ففي رمضان تذلل الطرق للوصول إلى الله وتطوى المسافات، كل ذلك من أجل فرصة التذوق كما يقول الكاتب ويطرح مفهوماً صوفياً عتيقاً بقوله: من ذاق عرف ومن عرف اغترف!!
فكل هذه المغريات تدعوك للقرب وعندما تتذوق حلاوة القرب من الله ستشعر بأنك شخص أخر غيرك، ستشعر بأنك أقوى بالله، وبأنك قادر على مكابدة مصاعب الحياة بنفس راضية ومحبة، ستشعر بأنك على صِلة مباشرة وقلبك معلقٌ بالله، وستعقد العزم وبقوة أن تسحب رمضان إلى كل الأشهر معك، فرمضان كما يقول الكاتب ((ليس من أجل رمضان، رمضان من أجل بقية السنة)).
رمضان ليس من أجل الصيام. إنه-قبل ذلك- من أجل الصلاة.
ومن الأشياء التي يقدمها رمضان لتذوقها والتعرف عليها لنغترف منها كما يقول الكاتب ( سواء في رمضان أو فيما بعده هي: الصلاة، فرمضان كما هو معروف للعامة هو شهر الصيام، لكن الذي يحدث بأن الاستدراج يكون نحو الفريضة الأخرى: الصلاة. فالناس عامة من أصحاب المعاصي والكبائر، أولئك الذين لا يصلون سيجذبهم رمضان بفخه من الجهة التي تهمهم: المغفرة والعفو. لأنهم يريدون أن يصفر العداد، عداد الذنوب والمعاصي، ورمضان فرصة، فلينتهزوها. لا مشكلة في ذلك، سيصومون. ولكن، ومن أجل أن تستغل الفرصة تماماً، دون أن يترك مجال لضياعها، فإنهم بالإضافة إلى صومهم: سيصلون.
صلاتهم هنا- هي في الحقيقة- من أجل الصيام، صلاتهم هنا هي بطريقة عرضية تماماً، غير مقصودة لذاتها: إنها من أجل رمضان، من أجل ألا يحبط رمضان. من أجل ألا تضيع الفرصة. إذاً، سيصلون، إنه رمضان، ولا ينفع صيامه دون الصلاة فيه. فرمضان ليس من أجل الصيام. إنه-قبل ذلك- من أجل الصلاة).
و يطرح الكاتب العديد من المفاهيم الأخرى التي يطول شرحها عن صلاة الفجر وتأخير السحور وصلاة الجماعة وكل التفاصيل المتعلقة في هذا الشهر، التي ستضطر ك لاستدعاء ذنوبك وتقصيرك فيما مضى، بل ستجعل من رمضان وقت تصفية حسابات ومراجعة النفس ليكون رمضانك فرصة لتعيش حراً طليقاً عن اقتناع تام لمعنى كل عبادة وعمل ايماني تقوم به.
فلذلك يعتبر شهر رمضان فرصة للتقرب إلى الله من أجل أن نواظب على هذه الصلة التي إن استطعنا الوصول لها والمحافظة عليها ستقودنا لعيش حياتنا بطريقة إسلامية صحيحة.
ننصحك بقراءة هذا الكتاب لولادة رمضانية جديدة.
