mena-gmtdmp

الفنُّ الذي نجهله

أميمة عبد العزيز زاهد

يعتقد البعض منَّا بأنَّ الوصول إلى محبَّة الآخرين عمليَّة سهلة لا تحتاج إلى التفكير، أو التمعُّن، أو الاهتمام بكيفيَّة التواصل. والحقيقة أنَّ العلاقات بحر لا ينفد، وفنٌّ معظمنا يجهله، ولو أردنا أن نصحِّح أسلوبنا في التعامل، وتنجح علاقتنا، فعلينا أن نعود إلى مرجعنا ومنهجنا الأساسي، ولن نجد غير ديننا الحنيف متمثلاً في آيات القرآن الكريم، وفي حياة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهذان المنهجان هما التطبيق الحقيقي لمفاهيم العلاقات، فديننا حريص على نشر المحبَّة والمودة، وحريص على التآلف والتآزر والتآخي، ويراعي جميع الجوانب الإنسانيَّة من عواطف ومشاعر وأحاسيس.

نحن بالفعل بحاجة إلى من يقف معنا، ويزيل عنَّا الهموم والقلق، ولو نظرنا في التشريع الإسلامي فسنجد أنَّ الجانب الاجتماعي يأخذ أهميته ومكانته في كثير من الآيات والأحاديث، بل ويرفع من شأن الواجبات الاجتماعيَّة والأخلاق بصور تتضح فيها التضحيَّة والالتزام تجاه أداء حقوق الآخرين بما يمنحها رتبة من رتب الإيمان، ومع الأسف هناك من يجهل الصلة الوثيقة بين المعاملة والعقيدة، فكثير من الجوانب الاجتماعيَّة هي جوانب تعبديَّة، والمشكلة تكمن في أنَّ هناك من فصل العبادات عن المعاملات، فالعبادات والمعاملات لا يمكن فصلهما فإلقاء التحيَّة عبادة.. وعيادة المريض عبادة.. وصلة الرحم عبادة.. وإغاثة الملهوف عبادة.. وقضاء حوائج الناس عبادة.. ومساعدة المحتاج عبادة.. والابتسامة صدقة.. وإماطة الأذى عن الطريق صدقة. وهناك العديد من الجوانب الاجتماعيَّة التي يتضح من خلالها أنَّ أي قول أو فعل نقوم به لصالح أي إنسان نرجو فيه وجه الله سبحانه وتعالى يعتبر عبادة.. إذن فالدين معاملة، والنبي محمد -صلي الله عليه وسلم- وجميع الرسل من قبله جعلوا حسن المعاملة، واحترام الآخرين، والإحسان إلى الجميع أسلوب حياتهم، وأساس دعوتهم،  فمهما وصل الإنسان لأعلى المناصب -وفي أي مرحلة عمريَّة- يحتاج إلى من يدعمه، ويثني عليه. كلنا بحاجة إلى أن نشعر بأنَّنا مثار إعجاب، أو مصدر عون لمن حولنا، وأن نبدي لهم الود والاحترام، ونمنحهم الشعور بالأهميَّة والتقدير، وحينما نفعل ذلكوبصدق- سنجد أننا دفعناهم للتعلق بنا، فالمشاعر المتدفقة تقرب الناس منَّا، والمدح الصادق غير المبالغ فيه الذي نمنحه لمن يستحقه يبعث الدفء في القلب والمتعة في النهاية ستكون لصالح الجميع

وحتى نستمتع بعلاقات رائعة لابد أن تكون مبنيَّة على المحبَّة الخالصة لوجه الله تعالى، وأن نجسِّد الدين الإسلامي في سلوكنا، ونترجم فضائله في حركاتنا وسكناتنا، وأن نطبِّق القاعدة الشرعيَّة في قوله عليه أفضل الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»  

 

 أنين التعامل:

لـن نخسـر شيئاً حين نقـول كلمـة جميلة، ونخسـر كثيراً حين تفلـت منَّا كلمة جارحة تحطـم قلباً، وتؤذي نفـساً، وتـترك بصمة مؤلمة