في لبنان... "نابو" معلَمٌ سياحيّ جديد يحاكي "قروناً من الإبداع"

متحف "نابو"
الفنان زياد الرحباني في حفل الافتتاح
من الحضور
المتحف يقع على شاطئ الهري
المتحف يقع على شاطئ الهري
تمثال جنوب عربي منحوت في حجر المرمر
أحد المؤسسين جواد عدره
مقتنيات أثريف في متحف "نابو"
لقطة من داخل المتحف
مبنى المتحف في الهري
مبنى المتحف في شمال لبنان
مقتنيات أثريف في متحف "نابو"
لقطة من يوم الافتتاح
مبنى المتحف
المتحف يقع على شاطئ الهري
مقتنيات أثريف في متحف "نابو"
مقتنيات أثريف في متحف "نابو"
مقتنيات أثريف في متحف "نابو"
مبنى المتحف في منطقة الهري في شمال لبنان
مقتنيات أثريف في متحف "نابو"
مبنى المتحف في منطقة الهري في شمال لبنان
من الحضور
مقتنيات أثريف في متحف "نابو"
«أفروديت وايروس» من الحقبة الرومانية _ القرنان الاول والثاني بعد الميلاد
24 صور

في زمان ومكان استفحل بهما خرابٌ دمّر الحضارات، بزغ ضوءٌ يتيم يخترق عتمةَ الدجى، ضوءٌ أشعلَه من رفض أن يكتفيَ بإلقاء اللّعنة على ظلام ثقافي دامس نعيشه ونعتاده، ضوءٌ أراد مضيؤه أن يخوض تجربةً حضاريةً رائدةً تعود بنا إلى تاريخٍ كاد ينطمس... فكان متحف "نابو".

"مغامرة" ثلاثية الأطراف، أقدم عليها المُجازف جواد عدره، مدير مؤسسة "الدولية للمعلومات، بمشاركة الباحث بدر الحاج والجيوكيميائي الدكتور فداء جديد. خالفوا السائدَ وساروا في منحى فنّي قلّ سالكوه، فشيّد الثلاثة صرحًا ثقافيًا في شمال لبنان يمتد على 1500 متر مربع، ويقدّم "قرون من الإبداع"، بحسب الاسم الذي أُطلِق على معرضه الأوّل.

متحف نابو

لَم يختَر القيّمون شاطئ "الهري" اعتباطياً لإقامة المشروع، بحسب تصريح عدره لـ "سيدتي نت"، فهذه المنطقة الخلابة تفتقر إلى هذا النوع من الأعمال ومن ثم "لمَ علينا أن نحصر كلّ أنشطتنا في بيروت؟ ألا يستحق الشمال أو البقاع أو الجنوب أو غيرها من المناطق اللبنانيّة مشاريع مشابهة؟".

يشهد الشاطئ اللّبناني تعديّاً سافراً يتراوح بين بشاعة العمران والمخالفات على الملك العام عبر إنشاء منتجعات تجارية خاصة، بوجه دمامة هذا الواقع "أردنا أن نوجّه رسالة إيجابية من نوع آخر فقررنا إنشاء منتجع فكري بعيداً عن أي مبتغى ربحي أو تجاري"، علّهم يغارون وتكرّ مسبحة الإبداع.

يضمّ المعرض، والذي يستمر حتى الربيع المقبل، منتجات فنيّة تعود إلى أكثر من ستة آلاف عام تتنوع بين لوحاتٍ ومخطوطاتٍ وآثارٍ ومجسماتٍ وتماثيل تروي حضارة عصور مختلفة مرّت في شرقنا المتهالك... لتجد نفسك في رحلة ممتعة عبر غابر الأزمنة بعيداً عن صخب الحياة.
متحف نابو

في "نابو" يتزاوج الحاضر والماضي، بحيث يعود بعض المقتنيات الأثرية إلى أوائل العصرين البرونزي والحديدي، وإلى الحقبات الرومانية واليونانية والبيزنطية والإسلامية، فضلاً عن بعض الرقميات المسمارية والمخطوطات النادرة التي كانت على شفير الاندثار لولا "جنون العاقلين"، والذين آثروا على ربط الفن المُنتَشَل من أقبية التاريخ بالفنّ المعاصر، فتضمّن المعرض أيضاً أعمال فنانين لبنانيين وعرب منهم جبران خليل جبران، وصليبا دويهي، وضياء العزاوي وإيلين الخال ومصطفى فروخ وإيفيت أشقر، وأمين الباشا، وغيرهم الكثير.

وفي هذا الإطار يعِد عدره، بإقامة معرض مخصص يضم أهم أعمال الفنان اللّبناني صليبا الدويهي، لا يمكن لهذا المعرض إلّا أن يكون محطّ اهتمام الكثيرين في لبنان والعالم العربي حتى في أوروبا وأميركا، "فهذا الرجل عالمي".

يبدو عدره متفائلاً، يعوّل على جيل واعٍ وحريصٍ على التاريخ والآثار، "الأرقام تقول الكثير، فقد حضر افتتاح المتحف 800 شخص، وفي اليوم التالي استقبلنا 200 شخص من مختلف المناطق اللّبنانية وكذلك حضر أجانب، كما أنّ هناك إحصاءات تشير إلى ارتفاع عدد زائري المتحف الوطني في بيروت في السنوات الأخيرة"، يردِفُ مؤمِّلاً "مع الوقت لا بدّ أن ينجلي هذا الإهمال الثقافي الذي نعيشه".

أمّا عن التنسيق مع الجهات الحكومية يكشف عدره عن العمل على ثلاث جبهات، مع وزارة التربية لتصبح زيارة المتاحف جزءاً من التربية الوطنية فتدخل في المناهج الدراسية والبرامج التربوية لتتشربّها الأجيال منذ نعومة أظافرها، كما يتم التنسيق مع وزارة السياحة لإدخال المتحف على الخريطة السياحية كمتحف جبران وقلعتَي جبيل وبعلبك ومغارة جعيتا وغيرها من المعالم، إلى ذلك يتم التعامل مع وزارة الثقافة ومديرية الآثار في نقل المقتنيات من الخارج، فأغلب القطع استُقدمت من باريس ونيويورك ولندن".

متحف نابو

"نابو" بحسب الأساطير هو إله "الحكمة والكتابة لدى شعوب بلاد ما بين النهرين، الممتدة من العراق وسوريا وتركيا، كذلك عند السومريين والفينيقيين والمصريين وبالتالي هو رمز للتعامل والوحدة والتقارب بين الناس، وجاءت التسمية تيمناً، فـ "المشروع ضرب من الحكمة"، يمزح عدرا.

هي محاولة لربيع ثقافي تحتاجه منطقتُنا أكثر من أي ربيع آخر، فالنزاعات المسلّحة التي عرفتها أمعنت في تدمير آثار شاهدة على قرون وقرون، في فعل لا يقلّ ضراوة عن جرائم القتل والذبح والحرق... وما أحوج بلادنا إلى جنون كهذا يعيدنا إلى رشدنا بدل السبات الثقافي الذي نغطّ به منذ سنين... أما آن لنا أن نهبّ؟.