البيوت البحرينية مصانع صغيرة في رمضان

5 صور

في تراثنا عادات وطقوس جميلة تنعش ذاكرتنا وقلوبنا عند تذكرها، وقد حدثتنا الباحثة في التراث ليلى الحدي عن قصص من تراث البحرين، وكيف كان الناس يستقبلون رمضان، وكذلك هناك الكثير من الطقوس الرمضانية فقالت: «حياك الله يا رمضان... يابو القرع والبيديان». هكذا كان الأطفال يستقبلون شهر رمضان المبارك أيام زمان، وهم يقرعون الطبول ويرددون الأهازيج الرمضانية، وتتحول البيوت الشعبية في تلك الأيام «لمصانع صغيرة» لتجهيز المواد الغذائية المستخدمة في رمضان؛ مما يستدعي تجمع أعداد كبيرة من نساء «الفريج» في بيت واحد. احتفالات تأتي متعة ونكهة شهر رمضان الكريم الحقيقية خلال ذلك الزمان باحتفالات «دق الحب» و«صفار الجدور»، ويستعد الجميع لاستقبال هذا الضيف العزيز من شراء مواد غذائية، أو أدوات منزلية.

ومع تغير الأزمنة، يبقى أجدادنا قديماً هم مصدر التراث والاحتفال الحقيقي بحلول شهر رمضان المبارك. ذكريات رمضانية وتستذكر الإعلامية والباحثة في التراث الشعبي البحريني ليلى الحدي العادات والتقاليد الشعبية البحرينية قديماً في شهر رمضان، فتقول: كان البحرينيون يشترون المواد الغذائية الخام من الأسواق، ثم يعيدون تصنيعها في المنزل، تحضرها الأمهات والجدات والجارات وقريبات العائلة، وقديماً كان الاستعداد لرمضان يمتد من شهرين إلى ثلاثة أشهر قبل حلوله، لذلك كان استقبال رمضان يمثل عملاً ومتعة لكل أفراد العائلة، وتتحول البيوت الشعبية قديماً إلى مصانع صغيرة حيث تقوم النساء فيه بتصنيع المواد الغذائية المستخدمة في رمضان؛ مما يستدعي تجمع أعداد كبيرة من النساء في بيت واحد، فيجتمع الجيران والأصدقاء والأهل سوياً في المنازل لتحضير الأطعمة، وهنا تأتي متعة ونكهة شهر رمضان الحقيقية، الأمر الذي نفتقر إليه في يومنا هذا؛ نظراً لتوفر جميع المنتوجات الغذائية في الأسواق؛ مما ينعكس سلباً أيضاً على صحة الأطعمة. 

صفار الأواني بعيداً عن التحضيرات للمواد الغذائية لشهر رمضان قديماً، كانت هناك أيضاً استعدادات منزلية لاستقباله، حيث يجتهد كل منزل في الحي لتحضير المجالس، وخاصة مجالس تلاوة القرآن الكريم، إلى جانب شراء أوانٍ منزلية جديدة سواء أواني طهي أم تقديم الطعام، وكانوا يقومون بـ«تصفير» أوانيهم القديمة، أي تبييضها وإعادة صقلها، وكانت تتم عملية تصفير الأواني باستدعاء شخص يسمى «صفّار القدور» ينظفها من العوالق والشوائب، كان «الصفّار» يحفر حفرة في كل «فريج»، يوقد فيها النار، وينفخ في النار باستخدام المنفاخ، مستخدماً مواد التنظيف لتصفيرها، فكانت هذه العملية احتفالاً كبيراً تشارك فيه كل عائلات الحي بجلب أوانيهم القديمة؛ لتصفيرها استعداداً للشهر الكريم. دق الحب الاحتفال الآخر هو «دق الحب»، أي طحن حبات الهريس، فكانت بعض الأسر المقتدرة تجلب فرقة شعبية كاملة تقوم بعملية دق الحب داخل حوش المنزل، ويقومون برقصة دق الحب باستخدام الـ«منحاز»، وهي آلة يدق بداخلها حب الهريس.

الأطفال ورمضان  الأطفال في الزمن الماضي كانوا يستقبلون رمضان بتجهيز الطبول الصغيرة؛ لأداء أغاني استقبال رمضان، فكانوا يعدون هذه الطبول من علب الصفيح المبطنة بالأكياس ومادة النشا، وبعد الانتهاء من تجهيزها يخرجون من جميع الأحياء مجتمعين على ترديد الأهزوجة الرمضانية «حياك الله يا رمضان.. يابو القرع والبيديان»، وخص الأطفال بالذكر القرع والبيديان في أغانيهم؛ لأنهما من أكثر المواد النباتية استخداماً في إعداد «صالونة الثريد»، وهي أكلة تراثية. ففي ظل غياب وسائل الاتصال الحديثة، كان الناس يستبشرون بقدوم شهر رمضان من سماع دوي غناء الأطفال وقرع طبولهم في الأحياء.

النساء في رمضان كانت النساء تستقبلن رمضان بغسل حبات الأرز ووضعها في الشمس لتجفيفها؛ استعداداً لصنع المحلبية، وشراء أواني إعداد الهريس والـ«سفرية» لصنع الـ«عجيلي» أي الكيك، والـ«صاجو» أي الحلوى. وكن يعددن حبات الهريس بغسلها وطحنها، كما اعتدن على طحن حبات القهوة وقليها في المقلاة القديمة، وتضيف الحدي: استعدادات رمضان قديماً كانت لها نكهة خاصة، وليس كاليوم حيث يذهبن إلى مركز التسوق؛ لشراء المواد الغذائية والمستلزمات المنزلية، بل كن يعددن ويخططن لتحضير كل ما يخص رمضان قبيل حلول هلال رمضان بفترة طويلة، ولا ننسى هنا تحضير الحلوى البحرينية التي تتواجد إلى جانب القهوة العربية في موائد الإفطار، وتحضير خبز الثريد، والتمر المجفف والفواكه المجففة وغيرها، وبدون الاعتماد على الرجال.
 

اقرئي المزيد من المواضيع في رمضانيات