موليير.. الكاتب والشاعر الذي رفع المسرح الفرنسي إلى الذروة

موليير تجرأ في مسرحيته طرطوف على انتقاد النفاق الديني فأغضب الكنيسة حتى وفاته
مولييرأوصل المسرح الفرنسي لذروة الأصالة والعالمية
محرك البحث العالمي الشهير غوغل يحتفل اليوم بذكرى الكاتب الفرنسي موليير
موليير كان متعدد المواهب- شاعر وكاتب مسرحي وممثل ومخرج في وقت واحد
6 صور

احتفل محرك البحث العالمي الشهير غوغل اليوم الأحد 10 فبراير الجاري 2019 بالإحتفال بالكاتب والشاعر المسرحي الفرنسي جان باتيست بوكلان الشهير بموليير وضع لوحات مرسومة على واجهة محرك البحث الرئيسة للاحتفال بذكرى ميلاده في 15 يناير الماضي،وذكرى رحيله الذي كان يوم 17 فبراير الجاري.
معظم أدباء العالم العربي القدامي والمعاصرين قرأوا وأحبوا أدب الكاتب المسرحي الفرنسي جان باتيست بوكلان الشهير بموليير الذي ولد في 15 يناير-كانون الثاني عام 1622 م. كان والده يعمل بالتنجيد والتجارة،أما والدته فتوفيت وهو في العاشرة من عمره، فعرف الألم مبكراً في حياته بفقدانه والدته.
عدّ جان باتيست بوكلان الشهير بموليير أهم كتاب المسرح الكوميدي الفرنسي في القرنين السادس والسابع عشر. وأجمع كبار الفلاسفة والكتاب في عصره على إنه الكاتب الفرنسي الوحيد الذي كتب ما قد يكتبه "العقل البشري" كله من روائع الأدب الكوميدي الإنساني على نحو كامل من التعابير والمعاني الغنية في نصوصه، الشائقة بالمفاجآت الدرامية غير المتوقعة.

بماذا لقب فولتير: موليير؟
ومن شدة إعجاب فولتير به لقبه بـ "فيلسوف الكوميديا الاجتماعية".
وسر منح فولتير، الكاتب المسرحي موليير هذا اللقب، هو امتلاك موليير القدرة الفنية الأصيلة، والثروة اللغوية العميقة، البارزة في أغلب أعماله ومؤلفاته المسرحية الغنية بالتعبيرات الغنية، والمعاني القوية على الصعيدين الإنساني والإجتماعي المغلفين بالكوميديا الساخرة الجميلة. إضافة إلى تمتعه بروح الإجتهاد والمثابرة في مؤلفاته الغزيرة ، وطموحه الجامح غير المحدود، ما جعله في سنوات قليلة أهم كاتب مسرحي في في عصره. ليس في فرنسا فحسب، بل في أوروبا أيضاً. فعندما كان غيره من الكتاب في زمنه يحاكون المسرح الإيطالي والفرنسي في أعمالهم، اعتبر كثير من الفلاسفة والكتاب في عصره، ومن أتوا في عصر آخر بعد مرور فترة زمنية على رحيله أن موليير أوصل المسرح الفرنسي إلى ذروة الأصالة تماماً، كما وصل إليه المسرح الإنكليزي على يد المؤلف المسرحي الإنكليزي ويليام شكسبير.

صراع بين المسرح والمحاماة
تعلم موليير في كلية كليرمون اليسوعية، كما تلقى فيها روائع الأدب، ومباديء العلوم الأساسية والفلسفة، وتعلم موليير اللغة اللاتينية أيضاً، كما درس القانون، وكان يزاول مهنة المحاماة،ولكن في عام 1943، حسم أمره، وقرر التوجه إلى المسرح الذي لم يستطع مقاومة سحره طويلاً.

امرأة في حياته
وانضم لجماعة تمثيل كانت هذه الجماعة تضم الممثلة الصغيرة الجميلة مادلين بيجارت وعائلتها، فمال إليها، ومالت إليه، وتزوجها وظل يعدّ ارتباطه بها أبدي ومقدس رغم خلافاته الزوجية الكثيرة معها حتى وفاتها عام 1672، وتوفي بعدها بعام واحد.
خلال حياته مع زوجته مادلين بيجارت، وعمله مع عائلتها في المسرح تعرض لمشاكل وأزمات مالية حادة فدخل موليير السجن مرتين، بسبب الديون المتراكمة على مجموعته المسرحية الخاصة لهذا قرر في عام 1644 الاندماج مع آل بيجارت مع مجموعة مسرحية أخرى، ولكن الفرقة الأخرى لم تنجح أيضاً، ويقال إن من الأسباب الرئيسة لفشلها، أن جمهور المسرح في باريس كان عدده ضئيلاً جداً، بالإضافة إلى صعوبة منافسة مجموعة موليير المسرحية الصغيرة فرق مسرحية كبرى في فرنسا التي تمتلك شعبية كبيرة في وسط جمهور باريس الصغير، وكانت فرقة موليير المسرحية صغيرة ومتحمسة وموهوبة لكنها كانت تفتقر إلى الخبرة.

انطلاق شهرة موليير
عندما كان موليير في أورليندا، وصلته دعوة من فيليب دوق أورلين، بأنه سيقدم عروضاً في باريس، ومن هنا بدأت شهرة موليير في باريس خصوصاً، وفي فرنسا عموماً، وانطلقت شهرته الحقيقية عندما قدم تراجيديا في قاعة الحرس أمام الملك لويس الرابع عشر ملك فرنسا، بعد ذلك طلب السماح له بتقديم عرض مسل، وعلت الأصوات في القاعة، تنادي بتقديم مسرحية "الطبيب العاشق"، وكانت هذه المسرحية من تأليف موليير، وكان دوره هو الطبيب العاشق، ونالت المسرحية إعجاب الجميع.
عندما عاد موليير إلى باريس لم يكن معروفاً عنه إلا نشاطه كممثل ومؤلف مسرحي، لكنه استطاع أن يحافظ على فرقته واستمراريتها لفترة طويلة.
ودعاه الملك لويس الرابع عشر لتأدية المسرحية الشهيرة "طرطوف المنافق" في شهر أيار من عام 1664 وذلك في قصر فيرساي، فرنسا. تعدّ هذه المسرحية من أشهر المسرحيات الكوميدية لموليير، لكنّها أغضبت جمعية القربان المقدس التي منعته من تأديتها لخمسة أعوامٍ متتالية. تُعدّ المسرحية الكوميدية "دون جوان" التي تمّ عرضها في شهر فبراير عام 1665 من أعظم المسرحيات الكوميدية التي كتبها موليير. لكن لم تنشر تلك المسرحية إلا بعد وفاته وبقيت غير معروفة حتى القرن العشرين.

أصول الإخراج المسرحي
تجدر الإشارة إلى أن موليير كان بالإضافة إلى كونه مؤلفاً مسرحياً نابغاً ومبدعاً، كان أيضاً ممثلاً موهوباً وصاحب إطلالة مؤثرة على المسرح، ومديراً لفرقته المسرحية في الوقت نفسه، وأسهم بشكل كبير في وضع أصول الإخراج المسرحي في فرنسا وأوروبا في ذاك القرن، من خلال إدارته وتوجيهاته الدقيقة لأداء الممثلين على خشبة المسرح.
أماعنه كمؤلف فقد قام لأجل خدمة أعماله الكوميدية وتوصيل أفكاره إلى جمهور المشاهدين، بتوظيف كل أنواع ودرجات الفكاهة والكوميديا، من المقالب السخيفة وحتى المعالجة النفسية العميقة والأكثر تعقيداً وتشويقاً. هاجم في أعماله المشهورة: الرذيلة المتفشية في أوساط المجتمع، وكان يقوم بخلق شخصية محورية تتوافر فيها هذه الصفات وتدور حولها قصته المسرحية.

غضب الكنيسة
وتسببت مسرحيته "طرطوف" التي تناول فيها النفاق الديني، في غضب الكنيسة عليه، لدرجة أن القسيس طالب بحرقه حياً، لكن لويس الرابع عشر ملك فرنسا استطاع حمايته منها.

المسرح الهزلي الإيطالي
استلهم موليير معظم مسرحياته الأولى خاصةً: "المغفل" عام 1655، و"ظعينة المحبة" عام 1656، من المسرح الهزلي الإيطالي الذي كان رائجاً آنذاك، وكانت معظم مواضيع موليير المسرحية المؤلفة في كتب، والمحولة لأعمال فنية على خشبة المسرح ، تتعرض للحياة اليومية للناس بروح ساخرة. وبعد سنوات من السفر والترحال بين المدن، استقر موليير عام 1659 في باريس بعد أن أصبح يتمتع برعاية خاصة من ملك فرنسا لويس الرابع عشر. وقدم خلال تلك الفترة العديد من المسرحيات النثرية والشعرية للبلاط الملكي. وقدم لجمهور المشاهدين الباريسيين أعمالاً متنوعة من الكوميديا، من بينها: كوميديا الباليه، والكوميديا الرعوية "كوميديا عن حياة أهل الريف".

أشهر أعماله المسرحية
البخيل ومدرسة الزوجات ومدرسة الأزواج وطبيب رغم أنفه، والكثير من الأعمال المسرحية التي حققت نجاحاً باهراً في فرنسا، وقد حازت أعماله على أعجاب الملايين حتى أصبحت من أشهر الأعمال المسرحية في التاريخ، وحول الكثير منها إلى مسرحيات عربية في مصر.

ليلته الأخيرة
ساءت حالة موليير كثيراً، لكنّه لم يؤمن كثيراً بالطب. وفي عام 1671 كتب مسرحية "خيانات إسكابان" والتي تشبه كثيراً أعماله السابقة ولاقت نجاحاً كبيراً. وفي 17 فبراير من عام 1673 وأثناء عرض "المريض الوهمي" أُصيب بنوباتٍ شديدة ليتوفى بعدها في الليلة نفسها.
وهكذا كانت آخر أعماله المسرحية: "المريض الوهمي" عام 1673، وتوفيّ بعد ساعات قليلة على تقديمه العرض الرابع لها وهو في قمة عطاؤه الإبداعي الخالد.