في شهر المرأة سيدتي تلتقي الطبيبةَ السعودية حنان حسن بلخي

على مدى خمسة وسبعين عامًا، هي عُمر منظمة الصحة العالمية، لم يسبق لسيدة أن تولت منصب المدير الإقليمي لشرق المتوسط.، كان هذا قبل انضمام الدكتورة حنان بلخي، وهي طبيبة أطفال متخصصة في الأمراض المعدية، استطاعت أن تشق طريقها محليًا وعالميًا، إلى أن حازت هذا المنصب عن جدارة واستحقاق.
ولمعرفة تحديات هذا المنصب، وملامح حياتها الخاصة، ونصيحتها لكل طبيبة وطفلة سعودية، كان لمجلة "سيدتي" معها هذا الحوار، لتكون خير مُلهِم للفتيات في شهر المرأة، حيث نحتفل بالسيدات البارزات في كل المجالات،

كلمينا عن أول يوم لك في كلية الطب؟

كنت متحمسة جدًّا، فكلية طب البنات في السعودية هي المكان الذي تأتي إليه طالبات المملكة المتفوقات من كل حدب وصوب، وقد أصبحن رفيقات الدرب في هذه المهنة. وبدأ والدي في مناداتي بلقب "الدكتورة حنان" منذ اليوم الأول لي في الكلية، وما خصني بهذا اللقب وحدي، بل كان ينادي به كل زميلة تتصل بي من الكلية على هاتف المنزل.

وماذا عن أول يوم في منظمة الصحة العالمية؟

عُيِّنتُ عام 2019 م المدير العام المساعِد لمقاومة مضادات الميكروبات في المقر الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية في جنيف، ومنذ ذلك اليوم، تحولتُ من حنان بلخي الطبيبة إلى سفيرة للمملكة العربية السعودية، وأصبح على عاتقي حمل ثقيل لتمثيل وطني وبلدي على أحسن ما يرام في منظمة دولية متعددة الأطراف، وبعدها كان لي الشرف عندما رشحتني المملكة العربية السعودية لمنصب المدير الإقليمي لشرق المتوسط، وحصلت عليه -بحمد الله- بأغلبية الأصوات 17 من 20 صوتًا.
اقرأ أيضاً: حنان بلخي رائدة مكافحة العدوى والأوبئة في السعودية

ما الحكمة التي تعيشين بها وتطبقينها في كل مسارات حياتك؟

قول الله تعالى في كتابه الحكيم: {وقُل اعملوا فسيرى اللهُ عملَكم ورسولُه والمؤمنون} هذه هي الآية التي تلازمني في كل وقت.
دكتورة حنان حسن بلخي - تصوير: يحيى أحمد

إذا سألناك عن دعوة قالها لك مريض، وما زالت تعلق في ذهنك، فما هي؟

من أجمل الدعوات التي تلقيتُها أكثر من مرة أثناء ممارستي لمهنة الطب: "الله يرحم من ربَّاك".

في رأيك ما العوائق التي لا تزال تواجه النساء في مجالات العمل المختلفة؟

لا يزال أمام نساء الإقليم العديد من العوائق التي تحول بينهن وبين الحصول على أبسط الوظائف في كثير من الأحيان، وإن حصلن على الوظيفة فليس بالضروري أن يحصلن على الأجر المناسب وفرص الترقي، فما زلنا نسعى نحو المساواة في الحصول على فرص العمل والأجور بين الرجال والنساء الذين يتولون الوظيفة نفسها، وأعتقد أن رحلتنا لم تنتهِ بعد فيما يخص حقوق المرأة، ولا يزال هناك العديد من القوانين التي يجب أن تُطوَّع لضمان حقوق النساء في حضانة أطفالهن والوصاية عليهم في حالة وقوع الطلاق.
اقرأ أيضًا: طبيب سعودي يفوز بلقب "نوابغ العرب" عن فئة الطب

بالرجوع إلى تجربتك الشخصية، ما النصيحة التي تمنيت لو قيلت لك في بداية حياتك المهنية؟

تمنيتُ لو أني اتجهتُ إلى دراسة تخصُّص آخر إلى جانب دراستي للطب، كدراسة الاقتصاد والتمويل مثلًا، فدراسة الطب تلازم الدارسَ بعد المرحلة الثانوية مباشرةً، فتشغله عن دراسة ما سواه فيما بعدُ، وتمنيتُ كذلك أن أمارس هواية ما، ليتيح كل ذلك لي أن أوسِّع مداركي، وأنوِّع خبراتي في الحياة خارج عالم الطب.

ما الأنوثة في نظرك؟

الأنوثة في نظري هي عطاء ورعاية واحتواء.

ما نصيحتك للطبيبة العربية؟

أقول للطبيبة العربية، بل في الحقيقة لكل ممارس صحي وممارسة صحية: أنتم في مهنة تدفعكم لمقابلة البشر في أضعف حالاتهم الإنسانية، لذا احرصوا على حُسن الاستماع، والانتباه للتفاصيل، والتحلِّي بالإتقان والإخلاص في العمل. فأنتم في مهنة تتطلب الكثير من الجهد والوقت والتركيز والتنافسية العالية. وأنت أختي الطبيبة: لا تنسي أهمية دورك في تكوين الأسرة، فليس هناك بديل لربة البيت وللأم، إن كان هذا من ضمن أهدافك في الحياة، أما إذا لم يكن، فانطلقي نحو ما تطمحين إليه.
ونصيحتي لكل فتاة تعمل طبيبةً أن تُحسِن كذلك اختيار الزوج، فهو الشخص الذي سيكون داعمًا لها في عملها وشريكًا في تولي مسؤولية بناء الأسرة وتربية الأطفال. وأخيرًا، لا يجب أن تيأس المرأة أو الرجل إن جاء عليهم بعض الوقت كانت فيه الأولوية للأسرة والأهل والمنزل على حساب النجاح والتقدم في العمل، فسيمضي هذا الوقت، وتعود الأولوية للعمل والإنجاز والنجاح مرة أخرى. فقط احترفوا مهمة ترتيب الأولويات بشكل يتناسب مع متطلبات كل مرحلة في الحياة.
اقرأي أيضًا: طبيبات سعوديات حققن نجاحات عالمية

ما الذي تعتبرينه مصدرًا للقوة في حياتك؟

الإخلاص والعمل الدؤوب والجدية.
د/ حنان بلخي

بوصفك أول سيدة تتولى هذا المنصب القيادي، ما مدى رضاكِ عن صحة النساء في إقليم شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية؟

تعاني النساء في هذا الإقليم من تفاوُت في توافر الخدمات الطبية والرعاية اللازمة وفقًا لحالة كل دولة ومنطقة جغرافية داخل الدولة الواحدة، فبعض الإحصاءات تُظهِر أن في كل 11 دقيقة تقريبًا نفقد امرأة بسبب مرض سرطان الثدي، وفي كل ساعة نفقد امرأة جراء الإصابة بمرض سرطان عنق الرحم، وهذه الأمراض لها علاج عند الكشف والعلاج المبكر، ومن ثم، يخفف عبء هذه الأمراض من ناحية الوفيات، ولكن سيدات كثيرات لا يحظين بالرعاية الصحية بسبب وجودهن في أماكن نائية، أو بسبب عدم وجود أطباء أو طبيبات أكْفَاء للاهتمام بمشاكلهن، وحتى على المستوى العالمي نجد أن الدراسات العلمية التي تهتم بالأمراض الذكورية أعلى كفاءة من الدراسات العلمية التي تهتم بالأمراض الخاصة بالسيدات، فنحن في اقليمنا نحتاج أن نضمن للنساء العلاج المناسب والتعليم المناسب، والاستقلالية المادية، لنمهد لهن الطريق كي يؤدين دورهن -بصفتهن نصف المجتمع- على أكمل وجه.

ما أبرز الأهداف التي تتضمنها أجندتك، بوصفك مديرة إقليمية لشرق المتوسط؟

يعاني إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط من ظروفٍ عديدة، أولها أنه يضم أكبر عدد من النازحين واللاجئين في العالم، وهو كذلك يعاني من تبعات التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية، وتداعيات الأزمات الاقتصادية، والنزاعات المسلحة أيضًا.
لذا، لدينا هدفان أساسيان في الوقت الحالي، وهما العمل المبتكر لضمان وصول الإمدادت الصحية باستمرار، واستعادة كفاءة المستشفيات والمنشآت الصحية والأطقم الطبية التي خسرناها، حتى يمكن معالجة المرضى في هذا الإقليم.