mena-gmtdmp

إنه ماض انتهى، ومستقبل لم يأت بعد!!

مبارك الشعلان
تخيّل الزمن، تخيّل عمرك الذي تعيشه، إنه ماضٍ انتهى، ومستقبل لم يأت بعد. وبينهما نقطة افتراضية بين امتدادين، لكن هذه النقطة أو هذا الصفر الحسابي هو كل الامتلاء الذي نسميه الحاضر، أو الواقع الذي نقتتل عليه، والذي ما يلبث أن ينصرم ويزول، ويصبح شبحاً خاوياً في برواز قديم اسمه الماضي. وكل بكائنا وكل همّنا واهتمامنا مشغول بهذا الصفر، بهذه الدائرة الفارغة، وإذا أدركنا هذا فسوف نستريح، وينتهي عذابنا، وينتهي بكاؤنا، وتجف دموعنا. هذه الفلسفة الوجودية التي دفع معها المفكر والفيلسوف «مصطفى محمود» الكثير من وقته وعمره وقراءاته يقدمها مجاناً للراكضين بين الماضي والمستقبل. هذا الركض اليومي الذي أشبه ما يكون بحرب استنزاف طويلة، هو في حقيقة الأمر نقطة افتراضية بين امتدادين، ندخل كلٌ في معارك صغيرة، وتفاصيل ترهقنا. ففي كل واحد منا معركة تبدأ كل صباح، ولا تضع أوزارها إلا عندما نضع رؤوسنا... هذه المعركة قد تكون كبيرة لدرجة نحتاج معها إلى قوات للتدخل السريع؛ لنزع فتيل الأزمة بيننا وبين أنفسنا، فنلجأ إلى أقرب صديق أو أبعد صديق، ليس مهماً من يكون، أو من تكون، المهم أن نجد من يعيننا على أنفسنا الأمَّارة بالحرب. وقد تكون معاركنا صغيرة، فننشغل عن معاركنا الكبيرة بمعارك صغيرة. فأسوأ معركة يدخلها الإنسان هي معركته ضد نفسه، ومعركته ضد رغباته، ومعركته ضد أخطائه. فأنت إذا أردت أن تنتقم من إنسان لا تدخل معه في معركة، بل انقل المعركة إلى داخله، وقل له سأتركك لألد أعدائك إلى نفسك، وسيأتيك يوماً مهزوماً ومكسوراً؛ لأنه لا يوجد من يمكنه أن ينتصر على ذاته إلا إنسان خصم لذاته، ولا يوجد هذه الأيام من يقف نداً لذاته. فسياسة نقل المعركة إلى خلف خطوط العدو، هي أخطر سياسة عسكرية. وسياسة نقل المعركة إلى داخل الآخر هي أخطر سياسة إنسانية، ونحن كلنا سياسيون بدرجة أقل أو أكثر، فكلنا نمارس نقل المعركة إلى الآخر. قد تكون أهدافنا نبيلة أحياناً؛ لأننا نريد أن نكسر الباطل وننتصر للحق كقيمة، وقد تكون أهدافنا غير نبيلة عندما نحاول أن ننتصر لأنفسنا، بغض النظر عن معركة الحق والباطل، فيكون انتصارنا في واقعة هزيمة لنا أكثر من كونه انتصاراً، لذلك نجد أنفسنا في صراع يومي مرير مع ما نؤمن به من قيم، ومع ما نريده من مصالح. فنحن كلنا أصحاب مبادئ عندما نتكلم، وكلنا أصحاب مصالح عندما نعمل، وبين هذه وتلك تدور رحى معاركنا كل يوم، وكل ساعة... ننتصر في بعضها وننكسر في بعضها، أحياناً تكون انتصاراتنا هزائم، وهزائمنا انتصارات على أنفسنا على الأقل. لنبدأ من الغد معركة جديدة، تبدأ كل صباح، ولا تضع أوزارها إلا مع صباح يوم آخر! شعلانيات: • لا شيء يتغير، بل نحن الذين نتغير! • الجميع يفكر في تغيير العالم، ولكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه! • الخبرة: هي عدد الأخطاء التي ارتكبتها في حياتك السابقة!