البراد المغربي.. إبريق الشاي الذي يفخر به كل بيت

أنواع مختلفة للبراد التقليدي
صينية التلقيمة
جلسة الشاي المغربي
المقراج المغربي
صينية الشاي المغربي
شاي مغربي لكل المناسبات
أنواع مختلفة للبراد التقليدي
تحضير الشاي الصحراوي
الشاي المغربي حاضر بقوة في جل المناسبات
أنواع مختلفة للبراد التقليدي
11 صور

«البراد» المغربي ليس آنية فقط لتقديم الشاي أو «آتاي» باللهجة المغربية، لكنه بتوسطه لـ«الصينية» إلى جانب الكؤوس، يشكّل «مايسترو» خاصاً لقيادة مختلف المحافل بتنوع مناسباتها وباختلاف زمانها ومكانها.
كما يعتبر جزءاً مهماً من أساسيات المطبخ، ورمزاً من رموز التراث المغربي، حافظ الحرفيون على صناعته منذ دخول نبتة «الشاي» للمغرب في القرن الثامن عشر -حسب ما اتفق عليه المؤرخون- إلى الآن، وتفننوا في زخرفته بنقوش رائعة دقيقة وبديعة.
عن هذا البراد، يحكي لنا محمد الماموني، صانع حرفي من فاس، ورث الحرفة عن محيطه منذ نعومة أظافره، منذ أن كان عمره سبع سنوات، وتدرج فيها من متعلم إلى صانع إلى موزع الأشغال إلى مراقب ثم تاجر، يقول لـ«سيدتي»:
كان البراد المصنوع من الفضة الخالصة أو معدن مشابه له، إلى جانب إكسسوارات أخرى مثل: «الربايع» (بتسكين الراء وكسر الياء) وهي ثلاث علب، تكون كل واحدة منها مخصصة لمادة من مواد إعداد الشاي، فنجد السكر والنعناع ثم الشاي، و«المقراج» وهي آنية لغلي الماء، و«البابور» موقد الفحم.. لتشكل طاقماً جميلاً يقدم في الهدايا، خاصة هدايا العروس.. أو يمثل جزءاً مهماً من الـ«محوذ» (بتسكين الميم والحاء وفتح الواو) أو الـ«دهاز» (بتسكين الدال) - أي جهاز العروس- ما تجهز به من منزل والديها، وتأتي به إلى منزل زوجها، وهذا يتوقف على مكانتها الاجتماعية والاقتصادية، وهنا بالذات تظهر المستويات ما بين يسر وبذخ وفخامة، خاصة في مدينة كـ«فاس».


طقوس الشاي

lshy.jpg
ولإعداد الشاي طقوس خاصة؛ إذ يهيأ أمام أعين الحاضرين في المجلس من طرف شخص يتميز عادة بنظافته وكبير قدره يدعى «الطبايلي» (بتسكين الطاء والياء) أو «الساقي»، يضبط بمهارة توالي مهمات الإعداد.. انطلاقاً من «التشليلة» (بتسكين التاء والشين)، وهي غسل حبوب الشاي مرتين متتاليتين بقدر قليل من الماء المغلي والتخلص منها، وصولاً إلى «التشحيرة» (بتسكين التاء والشين) حيث يملأ البراد بالماء المغلي، ويضاف إليه السكر، ويوضع على نار هادئة، وعندما يصل إلى مستوى الفوران؛ تضاف إليه أوراق النعناع، أو نباتات أخرى تسمى «التخالط» (بتسكين التاء وفتح اللام) وهي مزيج من أعشاب طبية وعطرية، مثل: «الشيبة، العطرشة، العبدي، السالمية، وغيرها».


مراحل صناعة البراد

lbrd.jpg
تمر صناعة البراد عبر خمس مراحل مهمة، كما يشرحها لنا الماموني:
الأولى: «التدويرة» يتشكل فيها «البراد»، الثانية: «الزواق»، الثالثة: «الكواي»، الرابعة: «البوليساج أو التلميع»، ثم الأخيرة: «التنقير»، ويكون بالفضة؛ ليأخذ لونه الفضي المعتاد.
ويتخذ ثلاثة أحجام؛ الأول «البراد الصغير»، الذي يتسع لكأسين، وهو غالباً الأكثر مبيعاً في السوق، ويستعمل في المقاهي والمطاعم، ويأتي في الدرجة الثانية «البراد المتوسط» للاستعمال المنزلي اليومي، ويتسع لأربع كؤوس، ثم «البراد الكبير» الذي يسع لست كؤوس أو أكثر بقليل، ويعرف إقبالاً من طرف منظمي الحفلات والمناسبات.
تستغرق صناعة «البراد» حوالي خمسة أيام؛ لتكون «الطريحة» جاهزة للعرض.
ويؤكد الماموني أن «البراد» بـ«صينيته» وكؤوسه، ليست أواني لشرب الشاي فقط، بل فرصة للحديث وتداول بعض المواضيع والاستمتاع والترفيه، كما أنه رمز للكرم وحسن الضيافة واللمة العائلية، وجلسات الحنين.


عائلات البراد

shy.jpg
ويضيف الماموني قائلاً: بكل أسف كان للحرفة أعيانها كعائلات الهزاز وابن موسى وآخرين.. لكن بموتهم فقدنا لمسات حضارية رائعة في هذا المجال.
بين الحنين إلى الماضي والتطور المعيشي الحتمي والمنافسات الأجنبية القوية من الصين والهندوس خاصة.
وقد حافظ البراد المغربي على مكانته وحضوره داخل البيوت، وفي مختلف المناسبات، وفي جميع الأوقات، سواء في الصباح الباكر أو المساء، أو خلال أوقات متأخرة من الليل (على الرغم من كونه منبهاً قوياً)، وكذا في جميع الأمكنة في البوادي أو في المدينة، فهو وعاء المشروب الساحر للنخبة، الذي أصبح وعاء للشاي المغربي بامتياز.


شاي الصحراء

shs.jpg
ولعل أشهر من ينافس في إعداد الشاي الأخضر هم أهل الصحراء في الجنوب، الذين يتميزون بفن إعداد الشاي، ووجوده الدائم في كل وقت وحين، حيث يشتهرون بكلمة «نتييو» باللهجة الصحراوية الحسانية، فلا يخلو بيت من كؤوس الشاي التي تكاد تدور على رأس كل ساعة في «برادات» مختلفة تقاوم حرارة النار.