كثيرًا ما يكون حجم المسؤوليات على الشخص المسؤول أو على صاحب العمل كبيرا، حيث إنها ربما تحول بينه وبين متابعة كل أمور وظروف العمل، خاصة الصغيرة منها، مما يسبب بطريقة أو بأخرى نوعًا من الانفصال أو الابتعاد ولو الجزئي عن كل تفاصيل هذا العمل، والذي لابد أن يكون له تأثير سلبي حتى ولو كان هذا التأثير قليلاً، مما يضطره في الغالب للاستعانة بأشخاص يفترض أن يكونوا أكفاء، يغطون بدورهم هذا النقص، أو هذا الفراغ الذي طرأ نتيجة الحجم الزائد من المسؤوليات المطلوبة من صاحب أو مدير المؤسسة الاستثمارية بنفسه، ولكن هل يعني وجود هؤلاء الأشخاص أن يملك صاحب العمل الحق بعدم التدخل في كل التفاصيل وأدقها على الأقل من وقت لآخر؛ ليبقى على تواصل ومتابعة مستمرة لكل مجريات العمل؟ هذا هو السؤال الذي طرحناه على أسامة بن عبد الرحمن أستاذ علم الاقتصاد الذي وضع ثلاث خطوت تضمن الطريقة الصحيحة والمثالية لمتابعة العمل بكل تفاصيله؛ حتى في حال انشغال صاحبه بمسؤوليات أكبر أو أهم، وهي:
أولاً: بناء الهرم الوظيفي الصحيح
من الطبيعي جدًا والمنطقي أن تزداد مسؤوليات الشخص كلما ازداد نجاحه وتوسع نطاق عمله بغض النظر عن طبيعة هذا العمل، فنجاح أي عمل أو استثمار يعني وبأي تفسير كان زيادة في حجم العملاء وزيادة في الإنتاج بالمقابل، وبالتالي فمن الطبيعي أن يستعين الشخص المسؤول بشخص، أو ربما بمجموعة من الأشخاص المختصين؛ لمساعدته بمتابعة العمل، وإدارة شؤونه بالشكل الذي تغطي فيه المجموعة ككلٍّ كلَّ نواحي ومتطلبات العمل وعلى الوجه الأكمل، وللوصول لهذه المرحلة لابد من الاختيار الصحيح في البداية للأشخاص المسؤولين عن هذه المتابعة، وأن يكونوا مؤهلين بشكل يخدم متطلبات العمل، وأن تنطلق من أسفل هؤلاء الأشخاص مجموعات أخرى من الأشخاص، فننتهي بالنهاية ونصل للهرم الوظيفي المطلوب لخدمة العمل وتغطية كل نواحيه المختلفة، فيبدأ الهرم بصغار الموظفين والعاملين، وينتهي في النهاية برأس الهرم وهو صاحب العمل أو الاستثمار أو المسؤول عنه.
ثانيًا: متابعة نتائج عمل رؤوس الهرم
تبدأ المرحلة الثانية في المتابعة بأخذ النتائج المطلوبة ومتابعتها من الأشخاص الذين قمنا بتعيينهم؛ لتغطية الفراغ الناتج من كثرة المسؤوليات الملقاة على صاحب العمل، وتكون بشكل عام بمتابعة النتائج الخاصة بعملهم وفحصها ومحاولة متابعتها من وقت لآخر، بحيث يظل هذا الموظف على قناعة بأن صاحب العمل شخصيًا سيرى النتائج في أي وقت وفي أي لحظة، فيعمل باستمرار على تجهيزها وإنهائها في وقتها وبالطريقة المثالية التي ترضي هذا المسؤول عن عمله، وعن النتائج التي يخرج بها.
ثالثًا: الدخول المفاجئ في أصغر تفاصيل العمل
الدخول المفاجئ في أصغر وأدق تفاصيل العمل بين الوقت والآخر، وربما يعتبر هذا هو لُبّ الموضوع، وأهم ما قد يطلب من صاحب العمل المنشغل بشكل عام عن تفاصيل عمله الصغيرة، ويكون هذا بأن يقوم صاحب العمل مثلاً وبشكل مفاجئ بطلب التفاصيل التي نتج عنها ما قدمه له المساعد من نتائج، ويقوم بمراجعتها وأخذ عينة منها وفحصها بشكل كامل، وبالتالي يوحي لهذا الموظف بأن عمله لابد أن يكون على الطريقة المثالية وبالشكل الصحيح، حيثُ إنه معرض لشرح تفاصيل هذا العمل وهذه النتائج على صاحب العمل وفي أي لحظة، أو أن يقوم بطلب كشوف أو حسابات قديمة ويقوم بمراجعتها، أو أن يبدأ بجولة على الأقسام والموظفين في مكاتبهم؛ ليشاهد بنفسه طريقة العمل ومدى انضباطه وإنتاجيته، والمهم في هذا الموضوع أن تكون هذه الخطوة، وهي خطوة مهمة ولها نتائج مبهرة بشكل مفاجئ وبدون سابق إنذار لأي فرد من أفراد الهرم الوظيفي؛ ليبقى الكل وبدون استثناء تحت الشعور الدائم بأنهم معرضون للمساءلة والمتابعة في أي وقت من الأوقات. وتأكد أو تأكدي تمامًا أنه في حال شعر الموظفون بأن صاحب العمل أو المسؤول عنهم ربما يقوم بزيارة أي فرع أو أي إدارة، وربما يقوم بطلب أي ملف أو أي تفصيلة عن العمل مهما بلغت دقتها فإن سير العمل سيختلف تمامًا، وأن دقته ستكون أكبر بكثير منها لو شعر الموظف بأن صاحب الاستثمار لن يقوم بالمتابعة بشكل شخصي ومباشر؛ لذا فمن المهم أن تبدأ أو تبدئي بتطبيق المتابعة المباشرة والمفاجئة على استثمارك أو العاملين فيه، مما سيساهم وبدون شك في تقليص الفجوة الناتجة عن قلة الوقت المتاح لمتابعة كل التفاصيل بشكل دائم ومستمر، ويتيح أيضًا الفرصة لحل مشاكل العمل بشكل أسرع وأكثر تطورًا، والذي سينتج عنه رفع مستوى الاستثمار، والنهوض به ليصبح أو ليبقى استثمارًا ناجحًا ومتألقًا بشكل دائم.