mena-gmtdmp

متاحف الموضة.. تكريم للإبداع ومحاولة لإحياء تراث الدور العريقة

متحف إيف سان لوران في مراكش (مصدر الصورة: Fadel Senna /AFP via Getty Images)
متحف إيف سان لوران في مراكش (مصدر الصورة: Fadel Senna /AFP via Getty Images)

يزخرُ عالمُ الموضةِ بمتاحفَ وورشِ إبداعٍ فنيَّةٍ في عواصمِ الموضة الأربعِ بالعالم في محاولةٍ لإحياءِ تراث دورٍ عريقةٍ، وتكريمِ صُنَّاع الموضةِ وروَّادِ التصاميمِ الحِرفيَّة التي بنت عليها الماركاتُ العالميَّةُ شهرتها عبر العقودِ والأجيالِ المتعاقبة. للوهلةِ الأولى قد يبدو ما يجري صائباً في محاولةٍ لتقريبِ الجيلِ الجديدِ من عالمِ الكوتور والأعمالِ اليدويَّةِ المشغولة بحبٍّ، التي تسهرُ عليها أناملُ الحِرفيين في مشاغلِ الدارِ لتسليمِ هذه الحِرفِ من جيلٍ لآخر. ومع أن هذا التوجُّه يبدو صائباً، لكنْ قلقُ خبراءِ الموضة ينصبُّ على الإفراطِ المحتملِ في استخدامِ الفنِّ بوصفه أداةً لتحسين الأرباحِ وزيادةِ المبيعاتِ على حسابِ الجودةِ والمضمون، فالفنُّ بالنسبةِ لعشَّاقِ الموضة يبقى فناً، وتبقى الأعمالُ التجاريَّةُ مجرَّد أرقامٍ. ومع أن الفنَّ قد يكون تجارةً في عالمنا اليوم، لكنْ من الضروري تحقيقُ توازنٍ دقيقٍ للحفاظِ على شعلةِ الإبداع. هذا الغليانُ الفنِّي في عالمِ الموضة، يحملنا على التساؤلِ عن الدافعِ الذي يؤدي بالدورِ إلى تكبُّدِ عناءِ المتاحف، وإنفاقِ ثرواتٍ لتنظيمِ معارضَ، تروي تاريخها.

  معرض Gucci Garden في قصر Palazzo della Mercanzia الذي يحتضن متحف غوتشي في فلورنسا

 

بنت عديدٌ من دورِ الأزياءِ المرموقة، بفضلِ عقودٍ من الخبرةِ والحِرفيَّةِ والإرثِ الفنِّي، أرشيفاً عريقاً، يروي قصصَها الفريدةَ في عالمِ الأناقة، بدءاً بالرسومِ النموذجيَّة، وعيِّناتِ الأقمشة، وتفاصيلِ لوحةِ المزاج Moodboard المتعلِّقة بشعارِ كلِّ مجموعةٍ، وانتهاءً بالإكسسوارات. وتُشكِّل هذه المقتنياتُ ثروةً حقيقيَّةً، ومصدرَ إلهامٍ، يستمدُّ منه مصمِّمو العلاماتِ التجاريَّةِ إلهامهم لتطويرِ مجموعاتٍ جديدةٍ. واليوم، ومع نموِّ هذه الطفرة، تفتحُ الدورُ العالميَّةُ أبوابها عبر تنظيمِ معارضَ لأرشيفها مع عامةِ الناس، سعياً، ربما، لتبريرِ الثمنِ المرتفع لتصاميمها، ومن أجل دحض الانتقادات التي تترافقُ مع مراحلِ تنفيذها. وقد يكون في تنظيمِ هذه المعارضِ محاولةٌ استراتيجيَّةٌ لدفعِ عجلةِ الاقتصاد عبر استعراضِ هذه التصاميمِ التي لا تقلُّ إبداعاً عن التحفِ الفنيَّة، بالتالي استقطابُ جيلٍ، فقدَ اهتمامه بشراءِ الملابس، وتختلفُ أولوياتُ إنفاقه عن الأجيالِ السابقة.

ومنذ عامِ 2015، أدرك المصمِّم جيورجيو أرماني Giorgio Aramani هذه المعضلة، فنظَّم معرضَ «أرماني/سيلوس» Aramani/Silos، وهو مساحةٌ فنيَّةٌ في ميلانو لعرضِ إبداعاتِ العلامةِ التجاريَّة. وخطت دارُ غوتشي Gucci في هذا الاتِّجاه لميلانو، فاستعرضت تصاميمَها التي لا تنفصلُ عن فلورنسا، المدينة التي تأسَّست فيها قبل 90 عاماً. واتَّخذ متحفُ غوتشي في 2011 موقعه في مبنى، يعودُ تاريخه إلى القرنِ الـ 14، وقد استضافَ معارضَ لمصمِّمين آخرين مثل المعرضِ المخصَّصِ لمسيرةِ توم فورد Tom Ford بوصفه المديرَ الإبداعي للعلامةِ التجاريَّة. وفي سبتمبر 2017، تمَّ تخصيصُ متحفَين مخصَّصَين لمصمِّم الأزياءِ الأسطوري إيف سان لوران Yves Saint-Laurent بإشرافِ مؤسَّسةِ بيير بيرجي - إيف سان لوران Pierre Berger-Yves Saint-Laurent التي تحتفظُ بأكثر من 5000 قطعةٍ من ملابسِ سان لوران، و15000 قطعةِ إكسسوارٍ، وعشراتِ الآلافِ من الرسوم. ويشغلُ متحفُ إيف سان لوران مراكش مبنى جديداً من تصميمِ الثنائي المعماري الفرنسي Studio KO في المدينةِ المغربيَّةِ التي أسرت قلبَ المصمِّم الراحل سان لوران. وفي باريس، سيُفتتح متحفٌ مُعادٌ تصميمه في المقرِّ السابق للمؤسِّس إيف سان لوران في شارع مارسو الخامس حيث يستكشفُ الزوَّارُ تصاميمَه ولوحاته الفنيَّةَ أيضاً. لقد دخلت الموضةُ بالفعلِ مجالَ الفنِّ الأكثر ندرةً، وهو المتحف، فنظَّمت دارُ ألكسندر مكوين Alexander McQueen أوَّلَ معرضٍ فردي لها عامَ 2011 في معهدِ الأزياء بمتحفِ متروبوليتان للفنون في نيويورك، ليرتقي بمعارضِ الأزياءِ إلى مستوياتٍ أعلى تحت شعارِ «الجمال المتوحش»، كما عُرِضَ في متحفِ فيكتوريا وألبرت في لندن عامَ 2015. لكنْ في مقابلِ ذلك كلِّه، لا ترغبُ المتاحفُ الفنيَّةُ في أن تكون مجرَّد واجهاتِ عرضٍ للمصمِّمين، بل تهدفُ المؤسَّساتُ إلى وضع أعمالِ هؤلاء المبدعين في سياقٍ اجتماعي وتاريخي، يعكسُ الغليان الثقافي، ويكون مرآةً للمجتمع.

ما رأيك بالاطلاع على 7 دور أزياء عالمية برعت في استعادة تصاميمها من الأرشيف على مر السنوات

معرض Gucci Garden في قصر Palazzo della Mercanzia الذي يحتضن متحف غوتشي في فلورنسا
زي من ألكسندر ماكوين Alexander McQueen (مصدر الصورة: Paola Messana/AFP/Getty Images)
متحف إيف سان لوران في مراكش (مصدر الصورة: Fadel Senna /AFP via Getty Images)

دورِ القيِّم Curator

يتطلَّبُ فهمُ آليَّةِ عملِ المتاحف الفنيَّةِ استيعابَ دورِ القيِّم Curator، وهو مصطلحٌ، أصبح شائعاً في عالمِ الأزياءِ الفاخرة، لكنْ في بيئةِ المعارض. وهو ينتقي القطعَ الأصيلة، ويُقدِّم الملاحظاتِ المُفصَّلة التي جمعها مُنسِّقون محترفون عبر معلوماتٍ موثوقةٍ، تُمكِّن المشاهدين من استيعابِ التصاميم المُعقَّدة بصرياً وفكرياً. لقد حاولت هذه المتاحفُ الفنيَّةُ تقريبَ أعمالِ المصمِّمين وأفكارهم من عامةِ الشعب، فحتى تصبح الموضةُ موضوعاً للنقاشِ بين الأهل والأصدقاء علينا أن نجعلها في متناولِ الجميع، ولا ينبغي أن يقتصرَ تعميمُ الموضةِ على خفضِ الأسعار، وإنهاءِ استغلالِ العمالِ فقط، بل يجبُ أيضاً تعزيزُ فهمٍ مشتركٍ لأهميَّةِ هذه الصناعاتِ الحِرفيَّةِ حتى تتمكَّن من الاستمرارِ في خدمةِ الأجيالِ القادمة.


أبرز قيمي معارض الأزياء

القيّم أندرو بولتون

القيّم أندرو بولتون Andrew Bolton في بورتريه من عام 2018 (مصدر الصورة: George Chinsee /WWD /Penske Media via Getty Images)

أندرو بولتون Andrew Bolton، هو أحدُ أبرزِ الأصواتِ التي غيَّرت طريقةَ النظر إلى الموضةِ داخل المتاحف. نشأ في بريطانيا حيث درسَ علمَ الإنسان Anthropology والفنَّ اللا-غربيNon-Western Art في University of East Angliaقبل أن يبدأ رحلتَه المهنيَّةَ عامَ 1993 في متحفِ Victoria & Albert Museum حيث تخصَّصَ في الفنِّ الصيني العصري Contemporary Chinese Art، وشارك بالتدريسِ في London College of Fashion. منذ انضمامه إلى متحفِ The Met عامَ 2002 بوصفه قيِّماً مساعداً، وحتى توليه منصبَ القيِّمِ المسؤولِ في 2015، عُرِفَ Bolton بقدرته على مزجِ البحثِ الأكاديمي بالخيالِ الإبداعي، ليحوِّلَ معارضَه إلى حكاياتٍ تُروى من خلال الأزياء. من معرضِ Alexander McQueen Savage Beauty، الذي نُظِّمَ عامَ 2011، إلى مايو 2024 حيث قدَّم معرض Sleeping Beauties: Reawakening Fashion، وهو رحلةٌ شاعريَّةٌ، تستحضرُ الطبيعةَ وهشاشتها عبر أربعةِ قرونٍ من الأزياء، واصلَ بولتون مسيرته السرديَّةَ، إذ قدَّم في ربيع 2025 معرض Superfine: Tailoring Black Style حيث يستكشفُ ملامحَ Black Dandyism عبر ثلاثةِ قرونٍ، مؤكداً أن الموضةَ ليست مجرَّد مظهرٍ فقط، بل هي أيضاً فنٌّ وهويَّةٌ وتاريخٌ حي نابضٌ.

القيّم أندرو بولتون Andrew Bolton في لقاء صحفي معلناً إطلاق معرض معهد الأزياء لربيع 2024 في متحف الميتروبوليتان The Costume Institute's spring 2024 exhibition, Sleeping Beauties: Reawakening Fashion، عام 2023 (مصدر الصورة: Dia Dipasupil / Getty Images via AFP)

القيّمة فلورانس ميولر

القيّمة فلورانس ميولر Florence Müller في افتتاح معرض Christian Dior: Designer of Dreams، في متحف الفنّ المعاصر، في طوكيو، عام 2022 (مصدر الصورة: Tomohiro Ohsumi/ Getty Images for Christian Dior)

 


تبرزُ فلورانس ميولر Florence Müller بوصفها من أهم القيِّمين الفنيين في العالمِ بمجالَي الفنِّ والموضة، كما أنها أستاذةٌ ومؤلِّفةٌ ذات حضور عالمي. شغلت سابقاً منصبَ المديرة/القيِّمة على UFAC Union Française des Arts du Costume في Musée des Arts Décoratifs بباريس، وأسهمت في أكثر من 200 معرضٍ حول العالم، وهي أيضاً القيِّمةُ على معرضِ Du Cœur à la Main: Dolce & Gabbana الذي نُظِّمَ في Grand Palais بالعاصمةِ الفرنسيَّة، ويُعدُّ امتداداً للمعرضِ الضخمِ الذي نُظِّمَ في Palazzo Reale بميلانو. وتشغلُ مولر منصبَ أستاذةٍ في معهد Institut Français de la Mode، كما ألَّفت أكثر من 40 كتاباً، وحصلت على وسامِ Chevalier des Arts et des Lettres.

معرض From the Heart to the Hands: Dolce & Gabbana الذي أقيم في قصر Palazzo Reale، في ميلانو عام 2024، قبل أن ينطلق في جولة عالمية (مصدر الصورة: Emanuele Cremaschi /Getty Images)

القيِّم فنِّي أوليفييه جابيه

أوليفييه جابيه Olivier Gabet، رئيس متحف Arts Deco Museum، في معرض Galerie Thaddeus، في باريس، عام 2016 (مصدر الصورة: Bertrand Rindoff Petroff/ Getty Images)

 

يُعدُّ أوليفييه جابيه Olivier Gabet من أبرزِ الأصواتِ المؤثِّرةِ في عالمِ المتاحفِ اليوم، فهو قيِّمٌ فنِّي ومؤرِّخُ فنونٍ. تَشكَّلت مسيرته بدافعِ شغفٍ بالحوارِ بين التراثِ والإبداع المعاصر، وتخرَّج في École Nationale Des Chartes وÉcole Nationale Du Patrimoine، وبدأ مسيرته فيMusée d’Art Moderne de la Ville de Paris عامَ 2002، وسرعان ما رسَّخ مكانته بوصفه قيِّماً، يجمعُ بين البحثِ الأكاديمي وسردِ الحكاية .انضمَّ إلى مشروعِ متحفِ لوفر أبو ظبي Louvre Abu Dhabi، وعمل قيِّماً فيه، ثم نائباً للمديرِ العلمي بين 2008–2013، وأسهم في صياغةِ متحفٍ رائدٍ للقرن الـ 21 وسطَ نقاشاتٍ ثقافيَّةٍ وتعقيداتٍ جيوسياسيَّةٍ. عام 2013، تولَّى Gabet إدارةَ Musée des Arts Décoratifs في باريس، ولاحقاً أصبح نائبَ المديرِ العام، وخلال قيادته، مزجَ بين التراثِ والتصميم، واضعاً الموضةَ والإبداعَ والتعليمَ في صميمِ المؤسَّسة. واليوم، في عامِ 2025، وبصفته رئيسَ قسم Objets d’Art في متحفِ اللوفر، يستكشفُ جابيه من خلال معرضِ Louvre Couture الحوارَ بين الفنِّ والموضةِ محوِّلاً المتحفَ إلى مسرحٍ، تُلهِمُ فيه المجموعاتُ المصمِّمين، ويُشعل فيه التاريخُ مخيِّلةَ المبدعين المعاصرين.

فستان من جامباتيستا فالي الخياطة الراقية خريف 2018 Giambattista Valli في معرض Louvre Couture, Art and fashion: statement pieces، في متحف اللوفر، باريس، المستمر منذ يناير 2025 (مصدر الصورة: Dimitar Dilkoff / AFP)

كوني كارول بوركس

جامباتيستا فالي الخياطة الراقية خريف 2018 Giambattista Valli

 


تخرَّجت كوني كارول بوركس Connie Karol Burks عامَ 2016 في برنامجِ V&A/RCA History of Design، وتعملُ اليوم في Victoria and Albert Museum حيث تشغلُ منصبَ مساعدةِ قيِّمةٍ في المعرضِ الشهير Christian Dior: Designer of Dreams.

ما رأيك بالاطلاع على الكيمونو.. ما الجديد الذي أضافه إلى عالم الموضة؟

شانيل الخياطة الراقية ربيع 2019 Chanel

 

كتالوغ Louvre Couture، عن معرض Objets d’Art, Objets de Mode الذي أقيم في متحف اللوفر من يناير إلى يوليو 2025


جو شليطا يخلّد في متحف للموضة ذاكرةَ البلد

جو شليطا

 


هي قصصٌ من قماشٍ، وليست مجرَّد تصاميمَ، أو قصاصاتِ قماشٍ كما يراها المصمِّمُ المبدعُ جو شليطا. من هذا المنطلقِ، يمكننا فهمُ عملِ المصمِّم اللبناني الأسترالي الذي أنشأ بدوره متحفاً للموضةِ اللبنانيَّةِ لحفظ حضارةِ وتاريخِ البلد عبر أزيائه. ولا يزالُ جو في رحلةِ بحثٍ واستقصاءٍ دائمَين، مُستعيداً آثارَ أمجادِ الماضي، إذ أتى هذا الصيف إلى لبنان وتحديداً إلى فندق بالميرا بعلبك التاريخي الذي صمدَ أمام عواملِ الزمن وسطَ معابدِ بعلبك العظيمة، واستعرض باقةً من أبرزِ التصاميمِ الأثريَّةِ التي احتفظَ بها في متحفه الكائنِ في أبو ظبي أمامَ الزائرين وعشَّاقِ الموضة الذين توافدوا لمعاينةِ التاريخِ من خلال خاماتِ القماش. كان لنا معه حوارٌ، دارَ عن أهميَّةِ المتاحفِ لتخليدِ الذاكرةِ الجماعيَّة للموضةِ بشكلٍ خاصٍّ.

نلاحظُ أن الدورَ تركِّزُ على تنظيمِ معارضَ لتصاميمها، ما السببُ وراءَ هذا الظاهرة؟

هي ظاهرةٌ، برزت بقوَّةٍ استجابةً لمبدأ العودةِ إلى الجذورِ والإرثِ الوطني من خلال تقديمِ الابتكاراتِ الأيقونيَّةِ بشكلٍ عصري وأسلوبٍ فنِّي. منذ التسعينيَّات، بدأت الماركاتُ تنظِّمُ معارضَ لها في المتاحفِ، أو في متاحفَ خاصَّةٍ بها. السببُ قد يعودُ إلى أنَّ هويَّةَ هذه العلامات، بدأت تلحظُ تشوُّشاً في مفهومها، إذ كانت تحاولُ ابتكارَ تصاميمَ جديدةٍ بأسلوبٍ متطوِّرٍ. وبما أن الموضةَ، تعكسُ المجتمع، لذا فهي كانت في حالٍ من الاستكشاف، عكسَ الخمسينيَّاتِ التي اتَّسمت بـ «النيولوك» لدى ديور Dior، والستينيَّاتِ التي طغت عليها التنانيرُ القصيرة، والثمانينيَّاتِ حين سادت الإطلالةُ القويَّةُ Power Look. يضافُ إلى ذلك الحروبُ والجائحةُ والأزماتُ الاقتصاديَّةُ التي أدَّت إلى تغييرٍ في سلوك المستهلك، ومن هنا برزت الحاجةُ إلى إعادةِ النظرِ في مفهومِ الموضة والحاجةِ منها.

هل تراها خطوةً مفيدةً للدار، أم أنها تؤذي صورتها؟

هي خطوةٌ إيجابيَّةٌ للماركات، فالعودةُ إلى الأصول يجعلنا نتمسَّك بهويَّتنا، وهذا ما يُميِّزنا عن غيرنا. إنها البصمةُ التي تُبرِزُ تفرُّدَ كلِّ علامةٍ عن غيرها. ومن جهةٍ ثانيةٍ، نراها تعتمدُ على الابتكار، ومحاولةِ استعادةِ الهويَّة بتقنيَّاتٍ عصريَّةٍ، تواكب تطلُّعاتِ الجيل الحالي.

في عصرِ التكنولوجيا، هل يكون دورُ هذه المعارضِ متنفَّساً للتمرُّد على عصرِ الذكاءِ الاصطناعي الذي قد يحلُّ مكانَ الإنسان؟

أنا مع التكنولوجيا التي تساعدُ في الابتكارِ الممزوجِ مع الإرثِ والهويَّةِ الجينيَّةِ للدار.

نلاحظُ أن هذه المعارض، تتركَّزُ في الخارجِ لا في الشرقِ الأوسط، ما الذي ينقصنا برأيك؟

نحن متأخِّرون عن المتاحفِ الأجنبيَّةِ التي سبقتنا بقرونٍ، إذ لم يكن لدينا وعي لأرشفةِ تصاميمنا. لنأخذ لبنان على سبيلِ المثال، نحن بدأنا في القرنِ الماضي بسبب تأثُّرنا بالتجارِ الأوروبيين، واحتكاكِ اللبنانيين بالشعوبِ الأوروبيَّة. لم نكن نُركِّز سابقاً على الفلكلور، ولم يكن همُّنا آنذاك هو التطوُّر. في الستينيَّاتِ، بدأ المصمِّمون وهواةُ الموضةِ في أرشفةِ التصاميم، لكنْ الحربُ قضت على معظمِ التصاميمِ المحفوظة، واليوم بدأنا نعودُ إلى الجذورِ في محاولةٍ لاستعادةِ الهويَّةِ التي تلاشت في حقبةِ التسعينيَّات.

كيف ترى مستقبلَ الكوتور والتصاميمِ الحِرفيَّةِ في عالمِ الموضة؟

أحاولُ نشرَ هذا الوعي بين الشباب، وقد ألقيتُ محاضرةً عن أهميَّةِ الحفاظِ على التصاميمِ الحِرفيَّةِ بمعهدِ «مجال» في بيروت. لاحظتُ تعطُّشاً بين الشبابِ للتمسُّكِ بالتراث، والافتخارِ بهويَّتنا. سيكون لدي أيضاً تعاونٌ مع جامعاتٍ لتنظيمِ معارضَ فنيَّةٍ، تُسلِّط الضوءَ على تاريخِ الموضةِ العريقِ في لبنان والشرق الأوسط. لقد سافرتُ إلى تركمانستان، وأذربيجان، وطنجة للتحدُّثِ عن أهميَّةِ تنظيمِ متاحفَ للموضةِ وعن فلكلورِ الأزياءِ في المنطقة، ولي أيضاً مقالاتٌ توعويَّةٌ في هذا المجال، أنشرها في مواقعَ متخصِّصةٍ بالموضة. قد يعتقدُ بعضهم أن الهوت كوتور مكلفٌ، وهو إلى زوالٍ، وهذه فكرةٌ خاطئةٌ، فالكوتور تُجسِّد الموضةَ البطيئة، وهي عابرةٌ للزمن، ويمكن إعادةُ تدويرِ القطع ولو بأساليبَ متطوِّرةٍ.

 

أبرز المعارض في مجال الموضة

Victoria and Albert Museum Schiaparelli: Fashion Becomes Art | London

زيّ من إلسا سكاباريللي Elsa Schiaparelli معروض في متحف Victoria & Albert Museum في لندن

 

أوَّلُ معرضٍ في بريطانيا وفي متحف فيكتوريا أند ألبرت، عن ألسا سكاباريللي Elsa Schiaparelli . يغطي الفترةَ من عشرينيَّاتِ القرنِ الماضي حتى اليوم، ويحتفي بتأثيرِ المصمِّمةِ المبتكرة، ويستعرضُ أصولَ دارِ الأزياءِ الرائدة وتطوُّرها تحت إدارةِ المديرِ الإبداعي الحالي Daniel Roseberry.
يفتتحُ السبت 21 مارس 2026.


Loewe Crafted World | China

أطلقت دارُ لويفي Loewe أخيراً أوَّلَ معرضٍ لها تحت شعار Crafted World في شنغهاي. قدَّم المعرضُ رحلةً تفاعليَّةً حقيقيَّةً عبر الزمان والمكان، واستعرضَ حِرفيَّةَ الدار المرتبطةَ بالفنِّ والثقافةِ والمفعمةَ بروحِ المرحِ المميِّزةِ للعلامةِ المملوكةِ لشركة LVMH. نظَّم هذا المعرض المصمِّمُ جوناثان أندرسون Jonathan Anderson، المديرُ الإبداعي لدارِ لويفي، لتكريمِ جميع الحِرفيين الذين كرَّسوا حياتهم للصناعاتِ الجلديَّةِ اليدويَّة، وأثروا تاريخَ العلامةِ التجاريَّةِ منذ بداياتها في مدريد عامَ 1846 بوصفها دارَ أزياءٍ رائدةً. وقد روى المصمِّمُ تاريخَ حقيبةِ Puzzle Bag التي أعاد إحياءَها في زمنِ الجائحةِ بطريقةٍ عصريَّةٍ.

Gucci Cosmos | Japan

من زوار معرض غوتشي Gucci Cosmos في مدينة كيوتو، اليابان

 

تُنظِّم دارُ غوتشي، بعد النجاحِ الباهر الذي حقَّقته في كلٍّ من شنغهاي إبريل الماضي، ولندن في أكتوبر، معرضَها المتنقِّل تحت شعارِ «غوتشي كوزموس» في أكتوبر المقبل بمتحفِ كيوسيرا للفنون Kyocera Museum of Art في مدينة كيوتو. يُحيي المعرضُ تراثَ غوتشي العريق بصناعةِ الأحذيةِ في فلورنسا، ويكشفُ عن الصلةِ التي تجمعُ الدارَ بالحضارةِ اليابانيَّة.
يستمرُّ المعرضُ من 11 أكتوبر 2025 حتى 31 ديسمبر 2025.


Paul Poiret Fashion is a Feast | Paris

من معرض Paul Poiret: La Mode est une fête، المقام في متحف الفنون الزخرفية MAD، المستمر لغاية 26 يناير 2006، في باريس

 


أقام متحفُ الفنونِ المزخرفة Musée des Arts Décoratifs في باريس أوَّلَ معرضٍ فردي مُخصَّصٍ لأحد روَّادِ الأزياءِ الراقيةِ في أوائلِ القرنِ العشرين، وهو بول بواريه Paul Poiret 1879-1944، الذي حرَّر النساءَ من قيودِ الكورسيهات بتصاميمه الانسيابيَّة. يُغطي المعرضُ مجالاتِ الموضةِ والفنونِ، والعطورِ، والسهراتِ الفاخرة، ليمنحك لمحةً عن عالمه النابضِ بالحياة، ويُسلِّط الضوءَ على تأثيره الدائمِ في الموضةِ الحديثة.
يستمرُّ المعرضُ لغاية 11 يناير 2026.

أفيش معرض Paul Poiret: La Mode est une fête

 

Christian Lacroix en Scène | Paris

من معرض Christian Lacroix on Stage، المنظّم من قبل المركز الوطني لأزياء المسرح، المستمرّ لغاية 4 يناير 2026، في Moulins، فرنسا

 

تغوصُ هذه الفعاليَّةُ الاستثنائيَّةُ في عالمِ كريستيان لاكروا Christian Lacroix الآسر، ذلك الفنانُ الذي لا تزالُ أعماله تُدهِشُ الجمهور. هو فنَّانٌ رؤيوي، اشتُهِرَ بأسلوبه المتوهِّجِ والباروكي، وكرَّسَ في الأعوامِ الأخيرةِ إبداعه لتصميمِ الأزياءِ الخاصَّةِ بالمسرح والأوبرا والرقص. يأخذُ المسارُ الزائرين في جولةٍ، تجمعُ بين الترتيبِ الزمني والموضوعي عبر 150 زياً من عروضٍ، قُدِّمت بين عامَي 2007 و2024، مستعرضاً مصادرَ إلهامِ المصمِّم وذوقَه الفنِّي.
يستمرُّ المعرضُ لغاية 4 يناير 2026.

من معرض Christian Lacroix on Stage، المنظّم من قبل المركز الوطني لأزياء المسرح، المستمرّ لغاية 4 يناير 2026، في Moulins، فرنسا


جولة عامة

من متحف La Galerie Dior في باريس الذي يفتح يومياً، ما عدا أيام الثلثاء

 

إن ازديادَ شعبيَّةِ معارضِ العلاماتِ التجاريَّة، يشيرُ إلى رغبتها في أن تكون أكثر من مجرَّد مُصنِّعٍ للملابس، ومصدرٍ للصيحات، فهي تريدُ أن تكشفَ عن توقها لتصبحَ مرجعاً، يُحقِّق إضافةً قيِّمةً على أسلوبِ الحياة. كذلك تكشفُ هذه المعارضُ عن تحوُّلٍ في توقُّعاتِ وسلوك المستهلكين للموضة، فالاتِّجاه اليوم، هو الحصولُ على تجربةٍ ثقافيَّةٍ وتعليميَّةٍ مُثريةٍ ومتكاملةٍ لا مجرَّد تصميمٍ جميلِ المظهر، فالمستهلك يريدُ أن يعرفَ كيف تتوافقُ العلاماتُ التجاريَّةُ حقاً مع قيمِ المجتمعِ الأصيلة، وكيف تسهمُ هذه الدورُ في تشكيلِ العالمِ من حولنا، وكيف ستواصلُ ريادتَها للمستقبل.

يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط

من معرض Alexander McQueen: Savage Beauty الذي نظّمه The Costume Institute في متحف الميتروبوليتان، نيويورك