ملخص كتاب: أبي الذي أكرهه

كتاب أبي الذي أكرهه
كتاب أبي الذي أكرهه.. عماد رشاد عثمان -الصورة من موقع goodreads.com
 كتاب أبي الذي أكرهه
كتاب أبي الذي أكرهه.. عماد رشاد عثمان -الصورة من موقع goodreads.com
كتاب أبي الذي أكرهه
 كتاب أبي الذي أكرهه
2 صور

إن المحبة قيمة أخلاقية ووجدانية، والشعور الإنساني لا يتجزأ ولا يَصلُح أن يُحاصَرَكما يفعل بعض الآباء باتباعهم أسلوباً تربوياً قاسياً مع الأبناء؛ ليس كرهاً لهم، بل اعتقاداً منهم بأن هذا الأسلوب سيساهم في نشأة الأبناء بشكل أفضل ومساعدتهم على تحمل المسؤولية مستقبلاً، ولكي يصبح أبناؤهم أشد وأصلب، ولا يعي الآباء أنه عندما يكبر الابن ويكون في دور الأب فإنه يصنع صنيع أبيه معه، ويقوم بتفريغ هذه الشحنات بأبنائه؛ فتعود عليهم بشكل سلبي، وفي هذا السياق، وفي ظل الدعوة لاستعادة ألق القراءة وزخمها؛ «سيدتي» تقدم لك قراءة في كتاب «أبي الذي أكرهه» الذي يقدم الكاتب من خلاله طرق تعامل الآباء مع أبنائهم، والاضطرابات التي تنجم عن العيش في جو عائلي غير سويٍّ وغير سليم.
اسم الكتاب: أبي الذي أكرهه
اسم المؤلف: عماد رشاد عثمان

اكتشاف عميق للأسرة والنمو الشخصي

كتاب أبي الذي أكرهه.. عماد رشاد عثمان -الصورة من موقع goodreads.com


يُعتبر الكتاب اكتشافاً عميقاً للأسرة وطرق تعامل الآباء مع أبنائهم والنمو الشخصي، وتعقيدات الحب والتسامح، وهو من الكتب المميزة التي تصحح العلاقات بين الكبار والصغار، والفكرة الأساسية من الكتاب هي عرض مجموعة من السلوكيات الخاطئة التي يمارسها الآباء على أبنائهم، مع عرض توضيحي يبين آثار تلك السلوكيات في الصحة النفسية للطفل والمراهق؛ إذ أوضح الكاتب أن غالبية الآباء والأمهات يرتكبون أخطاء في حق أبنائهم، وقد جاء الكتاب مقسماً إلى ستة أجزاء رئيسية تتفرع منها موضوعات وتفاصيل عدة، والفكرة المهمة التي يقدمها الكتاب أنها ليست دعوة للتمرد، ولكنها دعوة للشفاء، ويبدأ عماد رشاد عثمان كلامه بعرض مختصر لحياة 9 أشخاص، كل منهم يعاني من مشكلة تربوية معينة، بعنوان زنزانة 1؛ إذ تدل على حكاية الشخص الأول، وزنزانة 2 هي حكاية الشخص الثاني، وهكذا، في إشارة إلى أن كل شخص هنا مسجون خلف أفكار تمنعه من رؤية الواقع الحقيقي، وتضره في جميع جوانب الصحة النفسية في كل أطواره.

• سجن نفسي بقيود أبوية

--
يتحدث الكاتب عماد رشاد عثمان، وهو بالأساس طبيب، وكاتب وروائي وقاص مصري شاب، درس اللغة العربية بشكل أكاديمي من كلية دار العلوم العريقة بالقاهرة، وكتاباته تتعلق بالتحليل النفسي، والأدب، والفلسفة، واللسانيات، والأنثروبولجيا، والعلاقات الإنسانية، وقد تناول في القسم الأول من كتابه طرق تعامل الآباء مع أبنائهم من خلال عدد من الأمور التي كانت تُعد من التابوهات التربوية المسلم بها في حياة بعض الآباء وطريقة تربيتهم لأبنائهم، إلا أنها بواقع الأمر هي ظلم كبير في حق الأبناء، كالعنف الجسدي واللفظي، والقدوة الزائفة، ونظام الثواب والعقاب، بالإضافة لتهميش دور الأب وحصر دوره فى الممول المادي بعيداً عن دوره بوصفه موجهاً وداعماً ومرشداً وغيرها من الأمور، وقد عبر الكاتب عن تلك الفكرة بتصوير حياة الأبناء بأنهم محبوسون داخل سجن يفرض عليهم قيوداً شديدة لا يستطيعون التخلص منها أو تجاوزها، وقد عبر عن ذلك بأسلوبه الأدبي المميز من خلال قصة شخص عَنَّفه أهله طيلة العمر؛ أملاً في أن يكون إنساناً صلداً يمكنه مواجهة الحياة القاسية، إلا أن النتيجة كانت عير متوقعة؛ حيث ظهرت شخصيته هشة وضعيفة مشوهة.

• أنواع مختلفة من الإساءات

تطرق الكاتب في القسم الثاني من كتابه المعني بالتكوين والتنشئة بشيء من التوضيح إلى أنواع مختلفة من الإساءات التي يمكن أن يتعرض لها الأبناء من آبائهم، وما يُمكن أن تُحدثه تلك الإساءات من كآبة وحزن وألم نفسي عند الأبناء التي تؤثر في تكوين شخصيتهم، من خلال سرده لشخص لم يعرف من الحياة إلا الكآبة، ومن المشاعر إلا الحزن، وتَعَوَّد الكتمان حتى أصبح صديقه الذي لا يفارقه، وينتج عنها بنيان متهالك وآثار وصدمات قد لا تظهر أمامنا، ولكن لها أبعاد داخلية تطارده طوال حياته، كما تحدث الكاتب عن الآثار الكبيرة السلبية التي تتركها الإساءة من العائلة في طبيعة علاقات الفرد مع مَن حوله، فيشير إلى أنها ستكون علاقات غير سوية ومضطربة وغير سليمة، ولها أشكال وأنواع عديدة.

• آباء غاضبون ليسوا سوى أطفال غاضبين

لم يتوقف الكاتب عند حدود الإضاءة حول مشكلات التربية وطرق تعامل الآباء مع أبنائهم وآثارها النفسية، بل وضع الحل للقارئ؛ حيث تحدث عن الطرق التي يمكن اتباعها من أجل التعافي من إساءات الأبوين، تتمثل ببوح الفرد بالمشاعر التي يشعر بها، وعدم كتمانها بداخله، فبقاء هذه المشاعر حبيسة الألم بالنفس يزيد من الشعور بالأسى والحزن، وثانياً بالعبور من خلالها فيقول الإساءات التي نحاول التعافي منها، لن تلتئم جراحها إلا بإعادة فتح ملفاتها كاملة وإعادة معايشة كامل مشاعرها، وقد وصف الآباء الغاضبين بأنهم ليسوا سوى أطفال غاضبين يتنمرون على الأطفال الأصغر سناً الذين صُودف أنهم أبناؤهم، ومع نهاية الكتاب ونهاية رحلة الكاتب الطويلة التي تناول فيها الإساءات والخزي والتعافي بأسلوبه الرشيق الجزل، ترك الكاتب رسالة لكل شخص حبيس زنزاتة، يقول فيها: «اترك قفصك وحلق بعيدا، وأهلاً بتعلم لغات جديدة للحب؛ فلن يصبح الطير يوماً من الزواحف مهما طال سجنه، ويجب التذكير أنك تستحق الحب، هذا الطفل يحتاج من يطمئنه؛ فلا تبخل عليه، كل يوم يمر في طريق تعافيك قوة أنت لا تفتقر إليها».