تمثل القراءة بالنسبة للعديدين متعة لا تنتهي وشغفاً لا يتوقف وسعادة تفوق الخيال، فمع قراءة كتاب جديد وتتنقل عيناك برشاقة ما بين الكلمات والجمل والعبارات والصياغات، فتجد نفسك تتنقل في رحلة مذهلة لعوالم غير محدودة، غير محسوبة وغير معقولة، تسبح من خلالها في الكون ذهاباً وجيئة في ثوان معدودات تستجمع ثقافات وتستلهم أفكاراً ورؤى وخيالات وتستوقفك علوم ومعارف ومعلومات وتأخذك قصص وحكايات فتذوب ما بين هذا وذاك لا تجد سبيلاً للتوقف، ولا باعثاً للتريث ولا داعياً لترك هذه المتعة بأي وسيلة حتى تكاد تختفي وتتلاشى من واقعك الحقيقي لتنمو وتزدهر في عالم سرمدي سحري من فعل القراءة، إلا أنك فجأة وتحت تأثير ضغوطات الحياة وفي ظل صراع لا ينتهي مع تحديات العصر ومتطلبات الواقع قد تجد نفسك ابتعدت مجبراً أو مخيراً عن هذا العالم الرائع بدون أن تنتبه وتزيد الجفوة وتتسع الفجوة بمرور الوقت فتكتشف أنك فقدت الشغف تدريجياً وفقدت التركيز جزئياً أو كلياً، وقد يقتلعك النوم المفاجئ تحت وطأة التعب من متعتك المنشودة ورفقتك المعهودة فتغلق كتابك بغير رجعة، فقد فقدت متعة اللقاء واستعذبت ألم الفراق وينتابك الشعور بالذنب فتظل تدور وتدور بحثاً عن طريقة لاستعادة شغف القراءة ووسيلة لاسترجاع متعة المعرفة ولا تجد لذلك سبيلاً، إذا كنت وصلت لهذه الحالة فتابع السياق التالي حيث التقت "سيدتي" أحمد عبد الحكيم ضياء الكاتب والناقد وعضو اتحاد كتاب الإنترنت العرب ليحدثك عن كيف تستعيد شغف القراءة.
صراعات الحياة تسرق منا متعة القراءة

يقول الكاتب أحمد عبد الحكيم ضياء لسيدتي: محبو القراءة لا يمكنهم أن يتخيلوا سياقات حياتهم تستمر ولا كياناتهم تشبع وعقولهم تتجلى ولا مهاراتهم تُصقل وذواتهم تنمو وثقافاتهم تُثرى بدون القراءة، إلا أننا لا يمكن أن ننكر أننا نعيش في عالم صعب حيث صراع المادة يكاد يفتك بالجميع، فالكل يلهث وراء هذه الحياة المصطنعة ويترك نفسه لقمة سائغة لتحديات زائفة، ويترك أدبيات وقيماً تربينا عليها كالقراءة والمعرفة، حيث يفضل أن يقضي وقته فيما يزيد دخله ويعظم مكانته على أن يقضيه في صحبة كتاب أو رفقة قيمة مع مؤلف يتباحث في فضاءات مؤلفه في ندوة ثقافية أو شعرية... وحتى إن كان شغوفاً لفعل القراءة لهوفاً متلهفاً لصحبة الكتاب لا يجد الوقت لممارسة هذا الفعل الممتع خاصة نهاية اليوم أو حتى خلال الإجازات، حيث يجد موجات من النوم المفاجئ وفقدان التركيز في كل صفحة، وبالطبع الشعور بالذنب لعدم قراءة ما يكفي، مما يكرس لفقدان كل متعة القراءة، وقد يصل الأمر لكراهية هذه المتعة.
يمكنك متابعة الرابط التالي للتعرف إلى: أهمية القراءة وفوائدها للفرد والمجتمع
نصائح لاستعادة شغف القراءة مرة أخرى
يقول عبد الحكيم: أهم نصيحة في هذا الأمر هي أن تقرر أنك لن تستسلم لمجريات الحياة التي تسرق منك كل لحظات المتعة الروحية والذاتية، وأن تتوقف مع ذاتك وتكون حازماً بهذا الأمر، وهذه بعض الأفكار التي ستساعدك على استعادة شغفك القديم واستمتاعك السابق بلقاء الكتب، والتنقل بين صفحاتها والغوص في سياقاتها واختراق مكنوناتها.
ابحث عن كتب تُعجبك
عُد لمكتبتك القديمة التي اعتدت أن تشتري منها أو تستعير منها الكتب واختر الكتب والروايات التي تكون متأكداً أنها كانت تعجبك، وتستمع بها عادةً ما تكون كتباً روائية أو تاريخية، ولا تبدأ أبداً بالتعرض لنوعية مختلفة من الكتب.
ابدأ بشيء خفيف وممتع، أو عد إلى قراءة مريحة
بعد أشهر من كتابة وقراءة أوراق أكاديمية رسمية، قد تبدو فكرة قراءة رواية كبيرة أمراً شاقاً، من المهم أن تتذكر أن القراءة في وقت فراغك يمكن، بل يجب، أن تكون لمتعتك الشخصية! أفضل طريقة للعودة تدريجياً إلى القراءة هي البدء بشيء تعرف أنك ستستمتع به؛ وإلا فستشعر بالإرهاق أو الملل من القراءة قبل أن تبدأ فعلياً.
ابدأ بقراءات قصيرة

إذا كنت تواجه صعوبة في التركيز على الكتب الطويلة، فحاول قراءة كتب أو مقالات قصيرة لتعزيز قدرتك على القراءة، عادةً ما نشعر بالإحباط بسهولة لمجرد النظر إلى حجم الكتاب، ابدأ ببطء!
ويمكنك من الرابط التالي التعرف إلى: الفرق بين القراءة والمطالعة
مارس القراءة النشطة
فيما يتعلق بفقدان المعلومات المهمة، إنها مشكلة شائعة في القراءة السلبية! يحدث هذا إذا قرأت لفترة طويلة، حاول أن تبذل جهوداً واعية للانخراط في النصوص التي تقرؤها، وتوقف مؤقتاً لاستعادة ما قرأته للتو، أو دون ملاحظات، يمكنك أن تنشئ مساحتك الخاصة لتدوين ما تعلمته من الكتب التي تقرؤها والحفاظ عليه.
لا تُجبر نفسك على قراءة أي شيء لا تستمتع به
تذكر أن قراءة أي كتاب يجب أن تكون شيئاً مثيراً للاهتمام، لا شيئاً يُثير الرهبة، على عكس القراءات الأكاديمية الشائعة، يجب ألا يكون هناك أي ضغط لإجبار نفسك على قراءة أي شيء لا يثير اهتمامك أو حماسك، أسرع طريقة لقتل شغف القراءة هي إجبار نفسك على إنهاء كتاب مهما قلّ استمتاعك به.
السياق التالي يعرفك أكثر إلى: أساليب القراءة الناجحة
خصص وقتاً ومكاناً للقراءة
ستجد أنه من المفيد إيجاد فترات محددة في اليوم لتخصصها للقراءة فقط، دون أي تشتيت خارجي، حتى لو كانت 15 دقيقة فقط، فإن تخصيص وقت لنفسك للقراءة دون القلق بشأن أي شيء آخر قد يكون مفيداً للغاية، وبالمثل، فإن وجود مكان مريح يُحدث فرقاً كبيراً، إن إيجاد الوقت والمكان المناسبين للاستمتاع بكتاب يمكن أن يكون مفيداً للغاية، ومن المرجح أن يجعل القراءة تجربة أكثر متعة ووعياً.
ابحث عن صيغ مختلفة (كتب صوتية، كتب إلكترونية، روايات مصورة)
قد يختلف الاستمتاع بالكتاب من شخص لآخر! تختلف طريقة معالجتنا للمعلومات من شخص لآخر (وحتى من نوع أدبي لآخر)، إن إجبار نفسك على قراءة الروايات الورقية فقط قد يحدّ من خياراتك، ويمكن القول إن قراءة القصص بهذه الصيغ المتنوعة تُحسّن تجربتك بدلاً من أن تُقلل منها.
اطلب توصيات من أصدقائك أو انضم لنادٍ للقراءة
إن طلب أفكار جديدة من أحبائكم لكتب جديدة قد يكون وسيلة رائعة لاستكشاف أنواع وعناوين جديدة ربما لم تخطر ببالكم من قبل، تكون القراءة في أبهى صورها عندما تكون تجربة جماعية، يمكنك الانضمام إلى نادٍ للقراءة غير متكلف ولا عميق، حيث الحب المشترك للكتب يجمع الناس بطريقة رائعة!
قد تجد هذا الرابط مفيداً للتعرف إلى: كيف تستوعب ما تقرأ
بالنهاية فالتخلص من كسل القراءة يعتمد على الصبر والمثابرة، الأهم هو القراءة للمتعة، فإذا كنت تفعل ذلك كمهمة فقط، فستكون بالتأكيد مملة.