mena-gmtdmp

في اليوم الوطني السعودي.. كيف تحافظ المملكة على الموروث الثقافي في ظل التطور السريع؟

جبل الفيل في العلا أحد المواقع الأثرية السعودية
جبل الفيل في العلا أحد المواقع الأثرية السعودية
لاشك أن التراث الثقافي يعتبر جزءاً حيوياً من تاريخ وهوية الشعوب، حيث يعكس تنوعها الثقافي ويمثل جسراً يربط بين الأجيال المختلفة، وتبذل المملكة العربية السعودية جهوداً جبارة في دعم الحفاظ على الموروث الثقافي وتحقيق التوازن المثالي في الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا بما لا يتعارض مع قيم التراث أو يناقضها، ومن بين هذه الاستخدامات حماية المدن التراثية في المملكة، وتتبنى المملكة استراتيجيات متكاملة للحفاظ على تراثها الثقافي ضمن رؤية 2030، مع التركيز على توثيق الموروث الثقافي رقمياً، ودعمه عبر منصات مبدعين، ودمجه في المناهج التعليمية، وتعزيزه اقتصادياً عبر ربطه بالصناعات الحديثة، ولاشك إن فوز المملكة العربية السعودية للمرة الأولى بعضوية لجنة التراث العالمي يحمل في طياته تأكيداً دولياً على المكانة المتميزة التي حققتها المملكة في مجال الاهتمام بتراثها الوطني، حيث يؤكد الفوز على الدور المتميز الذي تلعبه المملكة في دعمها للمنظمات الدولية والإقليمية العاملة في مجال حماية التراث وصونه وتطويره. بالسياق الآتي وفي ظل الاحتفال باليوم الوطني السعودي "سيدتي" تعرفك كيف حافظت المملكة على الموروث الثقافي في ظل التطور السريع؟

أهمية الحفاظ على الموروث الثقافي في عالمنا المعاصر

مواقع أثرية
الحِجر وهي موقع أثري عريق يقع في محافظة العُلا شمال غرب المملكة العربية السعودية
الحفاظ على التراث أمرٌ بالغ الأهمية، فتراث الأمم هو ركيزة أساسية من ركائز هويتها الثقافية، ورمز من رموز اعتزازها بذاتيتها الحضارية، ولطالما كان التراث الثقافي للأمم منبعاً للإلهام ومصدراً حيوياً للإبداع المعاصر ينهل منه المبدعون في كل مكان ومجال بطول الزمان، فهو مورد تعليمي قيّمي يُتيح فهماً أعمق للتاريخ والفن والعمارة والديناميكيات الاجتماعية.
كما أن التراث هو السياق الحامي والحافظ للعادات والتقاليد والقيم التي تُميّز المجتمع. يُكرس للشعور بالانتماء، ويؤكد معاني الفخر والوحدة، ويُعزز تقديراً أعمق للتنوع البشري ومن خلال الحفاظ على الموروث التراثي متمثلاً في المواقع التاريخية واللغات والممارسات وغيرها، يُمكن للأجيال القادمة التواصل مع جذورها وفهم تاريخها الجماعي. واكتساب فهم أعمق للتجارب الإنسانية وإنجازاتها وأخطائها. هذه المعرفة ضرورية لتعزيز التفكير النقدي والتعاطف وتقدير الثقافة في عالم يسعى لمحو الهوية الوطنية ضمن سياقات العصرنة والحداثة التي تحيط بنا.
قد ترغبين في التعرف إلى: 10 أماكن تراثية وتاريخية تستحق الزيارة في اليوم الوطني السعودي

إستراتيجيات المملكة للحفاظ على الموروث الثقافي

تتبنى المملكة العربية السعودية إستراتيجيات شاملة للحفاظ على الموروث الثقافي، كحماية المواقع الأثرية، وتوظيف التكنولوجيا الرقمية، وتطوير الكوادر الوطنية، وتشجيع الأبحاث العلمية، وتعزيز الشراكات المحلية والدولية، بالإضافة إلى إشراك المجتمع في جهود المحافظة على الهوية الوطنية  وذلك بحسب الموقع الرسمي لهيئة التراث السعودية من خلال الآتي:

الحماية والتوثيق والرقمنة

تُوثق المملكة فنونها، وأمثالها، وحكاياتها، ومأكولاتها، وأزيائها الشعبية رقمياً لحفظها للأجيال القادمة، كما تقوم بتسجيل المواقع التراثية في سجلات خاصة لحمايتها قانونياً، باستخدام أحدث التقنيات الرقمية وتقوم بإصدار تشريعات ولوائح فعالة لتنظيم قطاع التراث، مثل نظام حماية التراث المخطوط، لضمان الحفاظ على المخطوطات الأصلية وتسهيل تسجيلها وفهرستها، ومنح شهادات تسجيل لأصحابها، مع التنسيق مع المكتبات المؤهلة لترميمها وصيانتها، كما تقوم بتقديم برامج تدريبية متخصصة لتأهيل الكوادر المحلية في مجال حصر وتوثيق التراث الثقافي المادي، وغير المادي باستخدام المنهجيات العلمية، وتنفيذ مبادرات مثل "إزالة التشوهات بالمواقع الأثرية" لمعالجة المواقع التراثية.

المعرفة والتطوير

تُدرج المملكة موضوعات التراث الثقافي في المناهج التعليمية، وتُطلق برامج مدرسية وجامعية تُعنى بالهوية الوطنية والفنون السعودية، وتقوم بتعزيز الأبحاث العلمية في مجال التراث وتنمية المواهب المتخصصة، وتطوير برامج تدريبية وورش عمل لتأهيل ورفع كفاءة الكوادر الوطنية في مجال الحفاظ على التراث و الموروث الثقافي، مثل برنامج "بصمة التراث"، كما يتم استخدام أحدث التقنيات الرقمية في سلسلة القيمة التراثية، وتوثيق التراث وأرشفته رقمياً.
ويتم خلق وعي عام لدى الجمهور بأهمية التراث الثقافي من خلال مبادرات مثل "من تراثنا نبتكر"، كما يتم إنشاء وتطوير سجلات رقمية للمحتوى التراثي، ونشرها في الأرشيف المركزي الوطني.

التحفيز الاقتصادي

تتبنى المملكة إستراتيجيات شاملة للحفاظ على تراثها الثقافي، وتعزيزه كمحرك اقتصادي رئيسي، بما يتماشى مع رؤية 2030، وتحفيز الاستثمار على السياحة الثقافية وجذب السياح إلى مواقع الآثار والمتاحف، مما يساهم في تنويع مصادر الاقتصاد، ودعم الحرفيين والفنانين الشعبيين، مما يجعله مصدر دخل وفرص عمل للشباب، كما تتضمن هذه الاستراتيجيات الاستثمار في المواقع الأثرية، تطوير البنية التحتية الثقافية، وإطلاق برامج تحفيز مالي للمبدعين والمستثمرين، من خلال تنظيم مؤتمرات متخصصة لبحث فرص الاستثمار.
والرابط التالي يعرفك: تركي آل الشيخ يطلق الهوية الرسمية لليوم الوطني الـ 95 تحت شعار عزّنا بطبعنا


الشراكة والدعم الحكومي

تشجيع الاستثمار الخاص في القطاع الثقافي وخلق شراكات استراتيجية مع كيانات القطاع العام والخاص، وتوسيع الشراكات، وتمكين القطاع الخاص عبر الشراكات، وتوفير التمويل المستدام من خلال الصناديق المتخصصة، حيث تقوم وزارة الثقافة بتقديم الدعم والتمكين للقطاع الخاص عبر منصة "أبدع" لإصدار التراخيص للممارسين والموهوبين.

الاحتفاء الثقافي والمشاركة المجتمعية

ووفقاً للموقع الرسمي لوزارة الثقافة  السعودية تتبنى المملكة استراتيجيات متنوعة للحفاظ على موروثها الثقافي عبر الاحتفاء به، وتفعيل المشاركة المجتمعية، وتشمل هذه الاستراتيجيات التوثيق الرقمي والحفظ للمحتوى التراثي، وتطوير المبادرات والفعاليات الثقافية مثل "عام القهوة السعودية" و"موسم الرياض"، وإشراك المجتمع من خلال ورش العمل والمحتوى التفاعلي، والاستفادة من التكنولوجيا لتعزيز الوعي والمعرفة، حيث تنفذ برامج وحملات تعليمية لتعزيز شعور السكان بالفخر والمسؤولية تجاه تراثهم الثقافي، وذلك لتعزيز الهوية الثقافية وتوسيع المشاركة المجتمعية، كإطلاق مبادرات مثل "من تراثنا نبتكر" التي تشرك الأفراد في توليد حلول مبتكرة لتحديات تراثية.

الاعتراف الدولي

تسعى لترسيخ مكانة المملكة على الساحة الثقافية العالمية، من خلال تسجيل مواقع التراث السعودي في قائمة اليونسكو لرفع الوعي الدولي وللاعتراف الدولي بها وفقاً لموقع اليونيسكو، فقد تم تسجيل عدد من مواقع التراث السعودية، وتوثيق عناصر التراث الثقافي غير المادي في المملكة، مثل العرضة النجدية والقهوة السعودية، كذلك ربط التراث بالتطور السريع ، ومن خلال تقديم تمويل كبير لمنظمة اليونسكو لدعم برامجها في الحفاظ على التراث، بما في ذلك التقنيات الرقمية، السياحة الثقافية المستدامة، وصون مواقع التراث العالمي.
قد ترغبين في متابعة الرابط التالي: الدرعية تدخل غينيس بأكبر عرض لأجهزة المساعد الشخصي المدعومة بالذكاء الاصطناعي

مشاريع دمج التراث

تتبنى المملكة إستراتيجيات عدة مبتكرة للحفاظ على موروثها الثقافي، ودمجه في الحاضر والمستقبل من خلال مشاريع مثل مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية، ومبادرات مثل "من تراثنا نبتكر" التي تعتمد على توليد الحلول المبتكرة للتحديات التراثية، ولخلق بيئات عمرانية فريدة تعكس الهوية الثقافية، وتوظيف التقنيات الحديثة كـالميتافيرس للاستكشاف الرقمي، ودمج التراث في التعليم لتأكيد ارتباط الأجيال الجديدة بجذورها وتاريخها، وذلك وفقا للموقع الرسمي لوزارة الثقافة السعودية.

عولمة التراث

تتبنى المملكة استراتيجيات متكاملة للحفاظ على موروثها الثقافي وعولمته عبر التوثيق الرقمي والتقنيات المتقدمة، ودعم البرامج والفعاليات الثقافية مثل مهرجانات الجنادرية، والاستثمار في التعليم لتخريج كوادر وطنية متخصصة، بالإضافة إلى الشراكات مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو، وتعزيز السياحة الثقافية، وإشراك المجتمعات المحلية في الإنتاج الثقافي، وتُستخدم التقنيات ووسائل التواصل الاجتماعي لزيادة وصول الجمهور إلى المعلومات التراثية، حيث تسهم الأحداث الثقافية في بناء جسور بين الثقافات وتعزيز الفهم المتبادل وتنظيم الفعاليات والمهرجانات الثقافية العالمية التي تسلط الضوء على التراث السعودي، مثل مهرجان الجنادرية، لتعزيز الفهم العالمي للثقافة السعودية.

المسؤولية المجتمعية

يسهم الحفاظ على التراث في تعزيز قيم المجتمع وتقاليده، مما يساهم في بناء شعور بالانتماء والهوية الوطنية بين الأجيال، و تتبنى المملكة استراتيجيات متكاملة للحفاظ على الموروث الثقافي وتعزيز المسؤولية المجتمعية من خلال التسجيل والتوثيق الرسمي للمواقع التراثية، وتطوير خطط الحفاظ والترميم بالاستعانة بالتقنيات الحديثة، وتنظيم برامج تدريبية متخصصة للعاملين في هذا المجال، وخلق وعي لدى الجمهور بأهمية التراث الثقافي من خلال النشر والفعاليات. دعم الأسر المنتجة والحرفيين بإنشاء متاجر إلكترونية مجانية لعرض وبيع منتجاتهم، مما يعزز الاقتصاد الرقمي ويحافظ على الطابع التراثي للمنتجات.
والرابط التالي يعرفك: في اليوم الوطني السعودي 94.. جدة التاريخية تحتفي بإرث المملكة