"المدينة العامرة بالنهضة والإبداع والجمال"، هكذا وصفت الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة مدينة الرياض؛ حيث افتتحت مؤخراً معرضها الفني الخاص "بر وبحر"، والذي تستضيفه مؤسسة الفن النقي L’Art Pur. ويعَد الأول للفنانة التشكيلية البحرينية في العاصمة السعودية.
معرض تنوّعت فيه الأعمال الفنية ما بين لوحات وأعمال تركيبية ومقاطع فيديو، حمل زوّارَه في رحلة غامرة إلى عوالم غامضة، تستنبط المشاعر الإنسانية من الأعماق، وتكشف خيوط العلاقة الوطيدة بين الإنسان والأرض بِبرها وبحرها.
حراك ثقافي جميل
بابتسامتها المعهودة واعتزازها بالرسالة التي تحملها، وقفت الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة، الفنانة التشكيلية البحرينية والرئيسة التنفيذية لمؤسسة نواة، وإلى جانبها والدتها الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، الوزيرة السابقة والرئيسة السابقة لهيئة البحرين للثقافة والفنون، والمؤسِّسة ورئيسة مجلس الأمناء لمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والفنون، لاستقبال أهل الثقافة والفن، لمشاركتها افتتاح معرضها "بر وبحر"، في واحدة من أعرق المؤسسات الفنية في الرياض، مؤسسة الفن النقي، التي أسستها الأميرة أضواء بنت يزيد آل سعود منذ ما يزيد عن ربع قرن من الزمن، وباتت اليوم مرجعية للعديد من الفنانين والمصممين السعوديين.
وبعد كلمة ترحيبية من المديرة الفنية لمؤسسة الفن النقي L’Art Pur رانيا رزق، وكلمة من القيّمة الفنية م. غيداء المقرن، اعتلت الشيخة هلا المنصة لتتمنى أن تترك تجرِبة "بحر وبر" أثراً في القلوب.
بعد ذلك، كان لنا حديث خاص مع الشيخة هلا آل خليفة ، سألناها فيه عن هذا الأثر؛ فقالت: "من قلب مدينة الرياض، هذه المدينة العامرة بالمحبة وبالفنون وبالحراك الثقافي الجميل الذي نشهده اليوم، ومن قلب مؤسسة الفن النقي، هذه المؤسسة العريقة التي أثّرت في المشهد الثقافي والفني في الرياض في المملكة العربية السعودية، وامتد صداها إلى مملكة البحرين، آتي بهذه المجموعة الفنية "بر وبحر"، والتي هي لغة تعبّر عما يجول في خاطري من تعابير بخصوص هذا العالم الجميل، الذي أنا شغوفة به، والذي هو عالم الفنون". وأضافت: "من البر، والرموز التي تتكرر، وبراقع الطيور، والبحر وأمواجه وشجرة الحياة التي هي رمزٌ من رموز الطبيعة في البحرين، تأتي هذه المجموعة بلوحات وأعمال تركيبية وعمل فيديو".
وختمت الشيخة هلا حديثها بالقول: "أتمنى أن تكون هذه التجرِبة قد أثّرت ولو بشكل بسيط في هذا المشهد الجميل، الذي نراه في هذه المدينة العامرة بالنهضة وبالإبداع والجمال".
روّاد التراث الحضاري
الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مستشار خادم الحرمين الشريفين، الذي يعَد من الشخصيات الرائدة في مجال التراث والثقافة، كان من أبرز الحاضرين في افتتاح المعرض، وكان لـ«سيدتي» كلمة خاصة من سموّه حول المعارض الفنية في الرياض، وتحوُّلها لمنصة عالمية لعرض التجارِب الفنية الثرية، ومنها تجرِبة الشيخة هلا آل خليفة؛ فقال لنا: "هناك إقبالٌ كبير على المملكة اليوم، بالأخص في مجال الثقافة، نشهد انتقالاً كبيراً ومرحلة ضخمة ومتنوّعة جداً، تدعمها الدولة بلا شك. وليس مستغرباً أن تكون المملكة العربية السعودية جاذبةً خاصةً في هذا المجال، مجال الثقافة والحضارة".
وعن حضوره لهذه المناسبة، قال الأمير سلطان: "تربطنا بالشيخة مي الخليفة والدة الفنانة هلا، علاقة طويلة المدى؛ كونها من الروّاد في مجال التراث الحضاري، كوزيرة لسنوات متعددة، وكرئيسة لمؤسسة مهمة جداً في البحرين، عملنا وأنجزنا سوياً عدة أمور. لذلك أنا سعيد اليوم بأنني موجود هنا بدعوة منها، وليس مستغرباً أن تقدّم ابنتها الشيخة هلا ما تقدّمه اليوم".
نذكركم بلقاء سابق قال فيه الأمير سلطان بن سلمان في تصريح حصري لسيدتي: الملك سلمان رجل أدب وثقافة
امتداد الأثر الثقافي
الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، الوزيرة السابقة والرئيسة السابقة لهيئة البحرين للثقافة والفنون، والمؤسِّسة ورئيسة مجلس الأمناء لمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والفنون، التي رافقت ابنتها في هذه الرحلة الملهمة، رحبت بـ«سيدتي» في هذا المعرض، الذي كما قالت: "يرحب بمتابعتكم وجميل اهتمامكم". وتحدثت عن امتداد الأثر الثقافي من جيل إلى جيل؛ قائلة: "هلا بالنسبة لي، هي امتداد لحُلمي، وهي مَن سيكمل بعدي. دائماً أعوّل عليها في العمل الثقافي، في المركز الثقافي الذي أسستُه. وبين أبنائي وبناتي، أعتقد أنها هي مَن ستحمل مسؤولية هذا المركز وهذا الإرث الثقافي وهذا الحضور في البحرين، والتواصل مع العالم العربي في المقام الأول، والامتداد إلى مناطق نحمل فيها أسماءنا ونحمل إرثنا الحضاري ونخاطب الجميع".
وأضافت: "الفن هو لغة عالمية لا تحتاج إلى تُرجمان، ولا نحتاج إلى أيّ تفسير لنصل إلى الآخر، الثقافة تجمعنا على الدوام". وعن أهمية المعارض المشتركة أو المتبادَلة بين المجتمعات الفنية في الخليج، قالت الشيخة مي: "التواصُل موجود دائماً، التواصل التاريخي والإرث الثقافي. لكن هذه المعارض تعمل على تعزيز هذا التواصل؛ فالحضور في بلداننا الخليجية أو العربية أو حين ننتقل إلى أماكن أخرى، يجعلنا نتعلّم ونستفيد ونَمُد جسور التواصل التي تعزز هذه الحركة الثقافية". وختمت بالقول: "جسور المودّة موجودة، والتواصل الثقافي يأتي في المقام الأول في كلّ مجال".
موهبة استثنائية
«سيدتي» التي تواكب مختلف الأحداث الثقافية والاجتماعية الحاصلة في المنطقة وحتى العالم، كانت حاضرة اليوم في هذا الحدث الملهم، ليس فقط من خلال فريقها التحريري؛ بل أيضاً برئيسة تحريرها لمى الشثري، التي تربطها بالشيخة هلا صداقة وطيدة، ترسّخت أكثر وأكثر بعد حلول الشيخة هلا كضيفة عزيزة على غلاف «سيدتي» لـ عدد ديسمبر 2024 وفي حوار خاص داخلها، حاورتها فيه رئيسة التحرير.
وعن وجودها في المعرض اليوم، قالت لمى الشثري: "سعيدةٌ بوجودي اليوم في معرض بر وبحر للشيخة هلا آل خليفة، إنها موهبة استثنائية ومميزة نفخر بها، وقد ظهرت على غلاف مجلة «سيدتي» في ديسمبر العام الماضي".
وأضافت: "أحيّ أيضاً القيمة الفنية غيداء المقرن على كلّ جهودها، المعرض مميز وممتع، ويدفعنا للتأمل في الألوان والمواضيع التي تطرحها اللوحات".
وتابعت رئيسة تحرير «سيدتي» حديثها بالقول: "الفنون دائماً تجعل الإنسان يتجدد، ويستلهم من الفنان ومن أعماله؛ لينطلق من هذا الإلهام نحو آفاق أخرى". لتختم قائلة: "نحن بالطبع سعداء أيضاً بأن المعرض يقام في عاصمتنا الحبيبة الرياض".
نقلة للتبادل الثقافي الخليجي
م. غيداء المقرن، القيّمة الفنية للمعرض، عبّرت عن سعادتها بافتتاح هذا الحدث؛ لما يمثله من محطات مهمة في مسار الفنون السعودي الخليجي، وقالت في حديث لـ«سيدتي»: "هذا المعرض هو الأول للشيخة هلا في السعودية، وهي فنانة بحرينية مهمة لها دورها وثِقلها في العالم الثقافي والفني في المنطقة العربية. سعداء جداً بوجودها معنا في هذا المعرض. وبالنسبة لنا في هذه الصالة في مؤسسة الفن النقي، هذا أول معرض لفنانة خليجية؛ لذا فهذه محطة مهمة أيضاً، وهذا المعرض سيكون نقلة جديدة للتبادل الثقافي في الخليج".
وسلّطت المقرن الضوء على نقطة مهمة جداً؛ حيث قالت: "نحن دائماً ننظر بعيداً لدول العالم وننسى أن ننظر إلى الخليج العربي ونتبادل معهم. من التجارِب التي بيننا وبينهم والتي تكون مشتركة أحياناً، وأحياناً تكون فيها بعض الاختلافات، وهذه الاختلافات يمكن أن تُلهم الطرف الثاني".
"بر وبحر، نحن في الرياض في وسْط الصحراء وننظر للخليج العربي والبحرين الشقيقة، ونتحدث عن الكثير من الأشياء المشتركة بين الصحراء والبحر، في تجرِبة إنسانية وارتباطها مع الطبيعة. كذلك تتحدث الفنانة في المعرض عن التجارة وعن طرق الهجرة، عن كيفية تنقُّل الإنسان بين البحر والبر، وهذا يمثل أيضاً تاريخنا وهويتنا في البحرين وفي المملكة العربية السعودية".
يُذكر أن معرض "بر وبحر" للشيخة هلا آل خليفة، قد افتُتح في الثامن من أكتوبر 2025، وسيستمر حتى السادس من نوفمبر 2025 في مؤسسة الفن النقي في الرياض.
لقطات من المعرض:
إليكم ما جاء في الحوار الذي ظهرت فيه على غلافة مجلة سيدتي الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة: تراثنا البحريني بجماله وتنوعه شكّل هويتي
