mena-gmtdmp

لولوة الحمود: اهتمام رؤية 2030 بالخط العربي ترسيخ للهوية السعودية 

لولوة الحمود فنانة تشكيلية وباحثة في الخط العربي
لولوة الحمود فنانة تشكيلية وباحثة في الخط العربي

في إطار مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تولي اهتماماً خاصاً باللغة العربية كأداة للهوية الوطنية والإبداع الفني، أطلقت وزارة الثقافة الخط الأول والخط السعودي، اللذيْن يجمعان ما بين التراث والبعد البصري، ومواكبة روح العصر، ووجدا الترحيب في الأوساط الثقافية داخل السعودية وخارجها.
التقت "سيدتي" بهذه المناسبة بالفنانة التشكيلية البصرية والباحثة في الخط العربي لولوة الحمود، التي أشادت بالمبادرة السعودية، ودورها ترسيخ الهوية السعودية، واستعادة الخط العربي لمكانته التاريخية.

الخط السعودي

امتداداً لمبادرات وزارة الثقافة بالخط العربي جاء إطلاقها للخط الأول والخط السعودي، كيف يعكس ذلك العمق الثقافي والهوية البصرية للسعودية؟

الفنانة والباحثة في الخط العربي لولوة الحمود


كباحثة في الخط العربي وكفنانة أستلهم أعمالي من الخط العربي، سعدت جداً بالمبادرة التي أطلقتها السعودية للخط الأول والخط السعودي؛ استمرارا لجهود السعودية واهتمامها بالخط العربي ضمن رؤية السعودية 2030؛ وذك من خلال عدد من المبادرات، كإنشاء مركز الأمير محمد بن سلمان للخط العربي، وجميعها تصبّ في ترسيخ هوية السعودية، والحضارة الإسلامية، فالحرف العربي لعب دوراً تشكيلياً جمالياً في الحضارة العربية الإسلامية، كما سيعطي قيمة للحرف العربي في الداخل والخارج، وتحقيق المزيد من الانتشار.
وتشير المبادرة من جهة أخرى إلى النظرة الثاقبة للسعودية لاستعادة الخط العربي مكانته التاريخية؛ باعتبار أن الخط العربي إرث تاريخي مهم؛ شهدت السعودية تطوره قبل وبعد ظهور الإسلام وحتى وقتنا الحاضر، حيث انطلق الحرف العربي من مكة المكرمة والمدينة المنورة التي انطلق منها الإسلام وانتشر، وهو ما أسهم في انتشار الحرف العربي وفي تعدد خطوط وأشكال الخط العربي؛ نتيجة انتقالها للحضارات المختلفة، كالفرس والأتراك والإسبان، فنشأت خطوط أصبحت جزءاً من حضارتهم بعد تبنيهم للحرف العربي.
نحن ربما ابتعدنا لفترة من الزمن عن الخط العربي، ولذا نحن سعداء جداً الآن بهذه المبادرة، التي عادت بنا لمعرفة كيف انطلق الحرف العربي في بداياته، والتعرف إلى أنواع من الخطوط، منها الخط الحجازي، وهو المكي والمدني، الذي عرف بأشكال معينة في المصحف الأول.

خطوط جديدة

الخط السعودي

هل يمكن أن نشهد مستقبلا أنواع جديدة من الخط العربي وما يحمله من ينابيع إبداع لا تنضب؟

الحرف العربي هو أساس الفن وأساس التصميم بجميع أشكاله، لذا من المهم معرفة جمالية الحرف العربي وتناسقه بشكل جيد، وليس من الضروري أن يكون الفنان والمصمم خطاطاً، بل الأهم أن يتعلم الكثير من التناسق والهندسة الموجودة في الحرف العربي. والميزة التي يمتلكها الحرف العربي في التعبير الفني أسهم في تقديم أشكال جديدة ومبتكرة للخطوط العربية، لذا لا نستبعد أن يسهم الفنانون والمهتمون بالمجال في العمل على تطوير الخط العربي؛ باعتبار أن التطور والتقدم لا يتوقفان.

كيف يمكن أن نعزز من مواكبة الخط العربي للتطور التقني وتحقيق التكامل بين التراث والابتكار؟

ومن المهم أن يواكب الخط العربي التطبيقات الحديثة التي أصبحت اليوم من الضروريات في حياتنا اليومية، وسيكون لها دورها في عكس جمال الحرف العربي، الذي يمثل أساس هويتنا وحضارتنا. ومهما كانت التحديات التي قد يواجهها الحرف العربي في التطبيقات والتقنيات الحديثة، فهو قادر على التطور والمواكبة والابتكار.

كيف تصفين من خلال تجربتك الخط العربي وجمالياته وما يتميز به من بعد فني وروحي؟

لوحة للفنانة لولوة الحمود


الخط العربي خاصية هو فن تجريدي ، له تعبيرات فنية خاصة على امتداد الخطوط الأفقية أو العمودية، كما أن للحرف العربي ومن دون شك ارتباطاً بالناحية الروحية، ففي حال الرغبة في التعبير عن أشياء روحية وإيمانية، أو عن العلاقة بالخالق مثلاً، لن نقوم برسم شخص، سيتم اللجوء بالتأكيد لكتابة آية قرآنية، أو اسم الله؛ لأن القرآن في الأصل باللغة العربية.

باعتبارك باحثة في الخط العربي، إلى أي مدى يعد الخط العربي مصدراً للإلهام للفنون البصرية؟

الحرف العربي هو نقطة استلهامي وأبحاثي، لفتني التنوع الذي يتميز به الخط العربي في الحضارات المختلفة، والحمد لله أن مد الله في أعمارنا حتى نشهد اهتمام السعودية بالخط العربي، وأتمنى أن يستمر هذا التطور والاهتمام وألا يقف عند هذا الحد، وأنا أستوحي من الخط العربي لأنني درسته ومارسته، وأكثر أبحاثي النظرية كانت في الخط والحروف العربية وانتشارها، وأحرص على أن تحتضنها لوحاتي، وألا تكون للقراءة بشكل مباشر، بل أن تمنح المشاهد للوحة فرصة للتأمل والتفكير، ومحاولة التعرف إلى الحروف والكلمات التي تتضمنها اللوحة، والرموز والتركيبات الهندسية التي يمكن تفكيكها بسهولة.

الطباعة اليدوية

الفنانة لولوة الحمود

من الملاحظ تركيزك على الطباعة اليدوية في أعمالك الفنية ما الذي يميز هذا النوع من الفن؟

فعلياً لديّ اهتمام كبير جداً بالطباعة اليدوية، على الرغم مما تتطلبه من جهد وعناء وعملية طويلة في إنتاج العمل الفني، لكن في النهاية تشير إلى حب الفنان وتفانيه لإنتاج أعماله الفنية، مهما واجه من صعوبات، وللطباعة الفنية أساليب مختلفة، كما أن العناصر الموجودة في اللوحات أيضاً مختلفة، ومنها الخط العربي، والطين والزجاج والورق، وغيرها، ما يثبت عدم وجود محدودية للطباعة الفنية، وأتمنى بذلك أن نقوم بتوسيع القاعدة للأساليب الفنية في السعودية.

من اللافت أيضا في أعمالك الأخيرة العودة القوية للحرف العربي، ما سرّ ذلك ؟

عشت مدة طويلة من حياتي خارج السعودية، وهي من الأسباب الرئيسية التي جعلتني أتجه للعودة للحرف العربي، والبحث في الخط العربي؛ لأنني شعرت أن ما تعلمته غير كافٍ، ولم أعرف عنه، وأعتقد أن الأجيال الحالية والقادمة محظوظة بالمبادرات التي أطلقتها السعودية، والتي تسعى جاهدة من خلالها إلى ترسيخ هذه الثروات التي أهملناها أو نسيناها في وجدان الشعب السعودي والعربي.

المدرسة الحروفية

تاريخياً كيف تمكنت الحروفية من تطويع الحرف العربي وأن تصبح أهم حركة فنية ظهرت في عالم الفن العربي في القرن العشرين؟

نجحت المدرسة الحروفية، التي تأسست وحققت الانتشار على أيدي فنانين وخطاطين، من إبداع مجموعة من الأعمال الفنية التشكيلية الحروفية، التي تحتضن الحرف العربي والهوية العربية في أعمالهم الفنية، التي تميزت بالحرفية والحرية والتنوع، ومنهم الفنان الدكتور أحمد مصطفى، والفنان نجا المهداوي، والفنان سمير الصايغ، والفنان حسن المسعودي، الذين كان لهم دور في إنشاء هذه المدرسة، والهوية، والتي حققت شهرة وبات لها صيت على المستوى العالمي، وهو ما يمثل مدرسة للأجيال الجديدة؛ للتعرف إلى مفهوم الجمال والتناسق في الحرف العربي، ومن هذه المدرسة الحروفية، وكذلك من المدارس الكلاسيكية يمكن أن يستوحوا منها لتكون بداية لهم للانطلاق، وصقل موهبتهم في المجال، والتي ستكون مبنية على قاعدة متينة من الدراسة والعلم.

أسبوع فن الرياض

حدثينا عن مشاركتكم في التظاهرة الفنية التي شهدتها السعودية في "أسبوع فن الرياض"؟

المرحلة الفنية التي نعيشها اليوم هي مرحلة تحقيق الأحلام، كنا في السابق نسافر للخارج لحضور أسابيع الفن، ونتساءل عن سبب عدم وجود أسابيع فنية محلية، وتمكنّا اليوم ولله الحمد من عمل شيء رائع نفخر به جميعاً؛ من خلال إقامة أسبوع الفن في الرياض، والذي كانت لنا فيه مشاركة بمعرض للطباعة اليدوية، والجميل في أسبوع الفن الذي احتضنته الرياض مؤخراً أنها كانت على امتداد المدينة، ولم يكن في منطقة معينة، مما أتاح مشاركة المهتمين والعاملين والفنانين، كما أتاح أيضاً مشاركة جاليريات عالمية من الخارج مع الفن السعودي، حيث عرضت أعمال لفنانين سعوديين، وهو ما يدعو للسعادة والفخر، كما أنها من جهة أخرى رسالة موجهة للجيل الجديد من الفنانين والمواهب الفنية، تتلخص في أن طريق العالمية مفتوح، وليس فقط المحلية، وكل ما هو مطلوب هو العمل الجاد.

ما توقعاتك للاتجاه الفني القادم الذي سيشكل علامة فارقة في المشهد الفني السعودي؟

أتمنى أن يرتبط الاتجاه الفني القادم أكثر بهويتنا السعودية، والحمد لله أننا الآن بدأنا في العودة لجذورنا مع الرؤية السعودية 2030، وأتمنى أن يصبح للفن دور أكبر، بحيث يحكي عنا وعن قصصنا ومنطقتنا.
وكل ما نقوم به حالياً من إنتاج فني هو إرث ثقافي سيترك للأجيال القادمة، والذي أتمنى منهم الاستمرار في الإبداع والتمسك بالهوية.
اقرأ المزيد : الثقافة السعودية تعلن إطلاق الخط الأول والخط السعودي وتطوير تطبيقاتهما الرقمية