لطالما كانت الرحلات الاستكشافية سبباً في استكشاف العالم الأوسع، والاحتكاك بالمجتمعات الأخرى، والتزوُّد بالثقافات المختلفة، والاشتباك مع مختلف العادات والتقاليد الغريبة والمثيرة للدهشة، والتعرُّف إلى حضارات مذهلة في مختلف بقاع العالم. وهناك عشرات المستكشفين بطول الزمان وعرضه، انطلقوا في بعثات استكشافية إلى أماكن لم يسبق لأحد أن زارها؛ بحثاً عن أراضٍ واكتشافات جديدة. أمضى بعض المستكشفين سنوات من حياتهم في استكشاف أراضٍ جديدة. بينما ذهب آخرون إلى أراضٍ مجهولة واختفوا، ولم يُسمع عنهم أيّ خبر بعد ذلك. ولولا المستكشفون، ما كنا سنعرف ونتعرّف إلى ما كان يُطلق عليهم "البشر الآخرون". وقد بلغت الرحلات الاستكشافية ذروتها في العصور الوسطى.
ماذا قدّمت لنا الرحلات الاستكشافية في العصور الوسطى

تراوحت البعثات الاستكشافية في العصور الوسطى ما بين الحملات العسكرية الكبرى، ورحلات التجارة والاستكشاف الطويلة التي قادها روادٌ مثل: ماركو باولو، وكريستوفر كولومبوس. وشملت البعثات الاستكشافية البارزة الأخرى في العصور الوسطى: رحلات مستكشفي الفايكنج إلى أمريكا الشمالية، وبعثات المبشرين الأوروبيين الأوائل إلى آسيا، وغيرها. وقد كانت الرحلات الاستكشافية في أغلبها مدفوعة بدوافع متنوّعة، منها: التجارة والغزو والسعي وراء المعرفة والثروات. بالسياق التالي «سيدتي» تأخذك في جولة مثيرة (من موقع famous-explorers.org) لتعرّفك إلى عدد من أعظم الرحلات الاستكشافية في العصور الوسطى.
والرابط التالي يعرّفك: أهمية تنمية مهارات البحث والاستكشاف عند الأطفال
أشهر رحلات استكشافية في العصور الوسطى
كريستوفر كولومبوس يبحث عن العالم الجديد
بلغ عصر الاستكشاف ذروته خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر. حيث شارك البرتغاليون في الرحلات الاستكشافية مبكراً، على أمل العثور على ثروة طائلة وشهرة واسعة، من خلال استكشاف أراضٍ جديدة. وبدأوا بإرسال السفن حوالي عام 1420.
تُعَدّ رحلة كريستوفر كولومبوس، في بحثه عن العالم الجديد، من أشهر الرحلات الاستكشافية بالعصور الوسطى وأكثرها إثارةً للجدل؛ فقد عبَر المحيط الأطلسي أربع مرات؛ أملاً في إيجاد طريق مائي مباشر يُمكن استخدامه للتجارة بين أوروبا وآسيا، لكنه لم يُفلح قط. ومع ذلك؛ فقد عثر بالصدفة على الأمريكتين، ولهذا السبب يُنسب إليه غالباً "اكتشاف" أمريكا. ورغم أنه ربما لم يكن أول مَن اكتشف الأمريكتين، إلا أن اكتشافاته ساهمت في إثارة الاهتمام بالمنطقة للاستعمار والغزو.
رحلة ماجلان حول العالم

وُلد ماجلان في البرتغال عام 1480، وأصبح صاحب أول رحلة استكشافية يبحر من خلالها حول الأرض. تُوفي والدا ماجلان وهو صغير السن. ونتيجةً لذلك، أصبح أحد حراس الملكة ليونور حتى بلغ سن الرشد. وفي سبتمبر من عام 1519، أبحر ماجلان في رحلة غربية؛ متجاوزاً طرف ساحل أمريكا الجنوبية، برفقة صديقه الفلكي روي دي فاليرو. استمرت الرحلة حتى عام 1522، وقد انطلقت الرحلة من إشبيلية بإسبانيا، وشملت خمس سفن، هي: فيكتوريا، وسانتياغو، وكونسيبسيون، وترينيداد، وسان أنطونيو. إلا أن فيكتوريا كانت السفينة الوحيدة التي عادت إلى أسبانيا مع الرحلة. لم ينجُ من أفراد الطاقم البالغ عددهم 270 فرداً، سوى 18 فرداً عند انتهاء الرحلة؛ حتى أن ماجلان قُتل قبل وصوله إلى موطنه، خلال معركة ضارية مع السكان الأصليين في الفلبين.
رحلات ابن بطوطة أمير الرحالين المسلمين
هو أبو عبداللّٰه محمد بن عبداللّٰه بن محمد اللَّوَاتِيّ الطَنْجِيّ المعروف بابْنِ بَطُّوطَةَ، وهو رحالة ومؤرخ وقاض من قبيلة لواتة بالمغرب الأقصى، لُقّب بـأمير الرحالين المسلمين. خرج من طنجة سنة 725هـ منطلقاً من مسقط رأسه وهو في الحادية والعشرين من عمره لأداء فريضة الحج إلى مكة المكرمة، وهي رحلة تستغرق عادةً ستة عشر شهراً. كان متشوقاً لمعرفة المزيد عن البلدان البعيدة، وكان متعطشاً للمغامرة. لم يعُد إلى المغرب مرة أخرى لمدة 24 عاماً. وقد طاف خلال رحلته ببلاد المغرب العربي ومصر والحبشة والشام والحجاز وتهامة ونجد والعراق وبلاد فارس واليمن وعُمان والبحرين وتركستان وما وراء النهر وبعض الهند والصين وجاوة وبلاد التتار وأواسط أفريقيا والأندلس. واتصل بكثير من الملوك والأمراء فمدحهم- وكان ينظم الشعر- واستعان بهباتهم على أسفاره، واللقب "ابن بطّوطة" هو لقب أطلقه الفرنجة على محمد بن عبدالله الطنجي، ويُعَد ابن بطوطة من أهم الرحالة بالعالم؛ فقد قطع أكثر من 75,000 ميل (121,000 كم)، وهي مسافة لم يقطعها أيّ رحالة منفرداً حتى ظهور عصر النقل البخاري، بعد 450 سنة.
رحلات تشنغ خه الاستكشافية مع أسطول الكنز
اشتُهر تشنغ خه بكونه مستكشفاً صينياً خلال القرن الرابع عشر في عهد أسرة مينغ. رعاه إمبراطور الصين لقيادة سبع بعثات بحرية. كان الصينيون يأملون في إثارة إعجاب بقية العالم بالسفر إلى دول أخرى، وإظهار مدى معرفة مستكشفيهم بالمحيط الهندي.
بدأت أول رحلة استكشافية لتشنغ خه عام 1405، وزار عدة دول في جنوب شرق العالم، بما في ذلك الهند، قبل أن يعود إلى الوطن بعد عامين من السفر. وصلت رحلاته حتى الخامسة إلى السواحل الغربية والشرقية للهند. أما رحلته السادسة؛ فقد ركّزت على إقامة علاقات دبلوماسية مع بعض الدول العربية، بالإضافة إلى شرق أفريقيا.
كانت للرحلات الاستكشافية لتشنغ خه أهمية كبيرة للإمبراطورية الصينية. فمن ناحية، رسّخت مكانته كبطل في جميع أنحاء البلاد، وسيُذكر اسمه لتوسيع نفوذ الصين إلى أجزاء أخرى من العالم.
رحلات ماركو باولو على طول طريق الحرير
كان ماركو باولو تاجراً ومستكشفاً من البندقية، جاب آسيا على نطاق واسع في أواخر القرن الثالث عشر، ووثّق تجارِبه في كتاب "رحلات ماركو باولو". قدّمت روايته لرحلته إلى بلاط قوبلاي خان ورحلاته عبْر الصين للأوروبيين معلومات عن الشرق؛ موضحةً ثرواته وثقافته وتقنياته، ومُلهمةً مستكشفين مستقبليين.
وكان مارك باولو قد سافر برفقة والده وعمه، وامتدت الرحلة على طول طريق الحرير؛ ابتداءً من عام 1271، ووصل إلى الصين وقضى 17 عاماً في خدمة الإمبراطور المغولي قوبلاي خان، وقد قدّم في كتابه سجلاً مفصلاً لجغرافية الشرق وعاداته، وهو سجلٌّ لم يسبق للأوروبيين قراءته.
عرّفت رواية باولو الأوروبيين على مفاهيم مثل: النقود الورقية والبارود والخزف. ألهم عمله العديد من المستكشفين اللاحقين، ومن بينهم كريستوفر كولومبوس، الذي حمل نسخة من الكتاب في رحلاته.
قد ترغبين في التعرُّف إلى الموضوع التالي: فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية نادرة في السعودية عمرها آلاف السنين





