في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها العالم اليوم، لم يعد الاعتماد على التعليم الأكاديمي وحده كافياً لإعداد الشباب لمواجهة تحديات الحياة وسوق العمل. بل أصبح العمل التطوعي من أهم الوسائل التربوية والاجتماعية التي تُسهم في تنمية المهارات الشخصية والمهنية لدى الشباب، كما يُعزز فيهم القيم الإنسانية، روح المبادرة، والمسؤولية المجتمعية.
أهمية العمل التطوعي للشباب

يُعدّ العمل التطوعي فرصة ذهبية لاكتشاف الذات، وتطوير المهارات الاجتماعية والسلوكية، كما يُساعد الشباب على تكوين شبكة من العلاقات، وتوسيع آفاق التفكير، وتعزيز الثقة بالنفس. فالشاب الذي ينخرط في العمل التطوعي يصبح أكثر وعياً بدوره في المجتمع، وأكثر قدرة على التفاعل الإيجابي مع الآخرين.
ما رأيك متابعة أفضل طرق لتعزيز رابطة الأسرة من خلال الأنشطة المشتركة
وفيما يلي نعرض أبرز النشاطات التطوعية التي تساهم بشكل فعال في تنمية مهارات الشباب:
التطوع في القطاع الصحي أو رعاية كبار السن
يسهم العمل مع المرضى أو المسنين في تنمية مشاعر التعاطف والرحمة والتواضع. كما يُكسب الشاب قدرة على الاستماع الجيد، تقديم الدعم النفسي، وتحمل المسؤولية. هذه التجربة تُعزّز الشعور بالانتماء وتقدير قيمة الحياة، وتُنمّي الجانب الإنساني بشكل كبير.
المهارات المكتسبة:
- الذكاء العاطفي؛
- التعاطف والتواصل الإنساني؛
- المسؤولية المجتمعية؛
- المشاركة في المبادرات البيئية.
العمل في حملات تنظيف الشواطئ، التشجير، أو التوعية البيئية :
يُرسّخ في ذهن الشباب أهمية الاستدامة، احترام البيئة، والانضباط الذاتي. كما يشجعهم على العمل الجماعي، حل المشكلات، واتخاذ قرارات تخدم الصالح العام.
المهارات المكتسبة:
- الالتزام والانضباط؛
- العمل الجماعي؛
- الوعي البيئي.
تنظيم الفعاليات والمهرجانات المجتمعية
يساعد العمل في تنظيم الأنشطة العامة، مثل المهرجانات الثقافية أو الفعاليات التوعوية، على تطوير مهارات القيادة، التخطيط، إدارة الوقت، والتواصل مع فئات مختلفة من الناس. كما يمنح المتطوعين الفرصة لرؤية تأثير عملهم على المجتمع بشكل مباشر.
المهارات المكتسبة:
- مهارات قيادية؛
- تنظيم الوقت؛
- حل المشكلات.
- التطوع في التعليم أو محو الأمية
تعليم الأطفال أو الكبار
يُنمّي الشاب مهارات التواصل، الصبر، التفسير، والتحفيز، كما يعزز ثقته بنفسه وشعوره بالقدرة على إحداث فرق في حياة الآخرين.
المهارات المكتسبة:
- الإلقاء والتوضيح؛
- التفاعل مع فئات متنوعة؛
- التحفيز والتعليم.
المشاركة في الأعمال الإنسانية والإغاثية
المشاركة في حملات دعم اللاجئين أو توزيع المساعدات للمحتاجين تُنمي روح العطاء والتضامن الإنساني. كما تعزز من قدرة الشباب على العمل تحت الضغط واتخاذ قرارات سريعة وفعالة.
المهارات المكتسبة:
- إدارة الأزمات؛
- التفكير السريع؛
- المبادرة.
العمل التطوعي ليس مجرّد نشاط فرعي في حياة الشباب، بل هو أسلوب حياة يُسهم في بناء شخصية متوازنة وقادرة على مواجهة التحديات. اختيار النشاط التطوعي المناسب، وفقاً لميول وقدرات كل فرد، يُعتبر خطوة أساسية نحو تطوير الذات وتعزيز مهارات المستقبل.
وجهة نظر من مدرب التنمية وتطوير الذات

في حديث لـ "سيدتي"، تحدّث مدرب التنمية وتطوير الذات أمير أبو حمدان عن أهمية إشراك الشباب في النشاطات التطوعية، وكيف يمكن لهذه التجارب أن تسهم في صقل شخصياتهم وتنمية مهاراتهم الأساسية. وأكّد أن اختيار النشاط التطوعي المناسب يجب أن يتم بناءً على طبيعة وميول كل شاب أو شابة، حيث تختلف المهارات المكتسبة بحسب نوع النشاط، ما يفتح آفاقاً متعددة للنمو الشخصي والاجتماعي.
أهمية النشاطات التطوعية في تنمية مهارات الشباب
يشير أبو حمدان إلى أن العمل التطوعي ليس مجرد وقت يُمضى في خدمة الآخرين، بل هو استثمار حقيقي في بناء الذات، حيث تساعد هذه الأنشطة في تعزيز مهارات التواصل، القيادة، التعاطف، وتحمل المسؤولية. ويضيف أن تنوع النشاطات التطوعية يُمكّن كل شاب من إيجاد المجال الذي يتناسب مع شخصيته وأهدافه.
كالعمل في القطاع الصحي أو مع كبار السن، حيث يرى أبو حمدان أن الشاب "عندما يساعد مريضاً أو يقضي وقتاً مع مسنّ، يتعلّم أن يقدّر الحياة، ويصبح أكثر وعياً بقيمة العطاء".
أما فيما يخص المشاركة في المبادرات البيئية، فيشير أبو حمدان إلى أن الطبيعة ليست شيئاً خارجياً، بل هي امتداد لحياتنا اليومية، واحترامها ينعكس على سلوك الفرد في المجتمع، ويساعده على تطوير ذكائه العاطفي من خلال التفاعل مع قضايا عامة تهم الجميع.
وعندما يشارك الشاب في حدث جماهيري مثل تنظيم الفعاليات والمهرجانات، يوضح أبو حمدان بأن الشاب " يتعلم كيف يحدد الأولويات، ويعمل ضمن فريق، ويحقق أهدافاً ذات بُعد اجتماعي وثقافي" .
قد يهمك الاطلاع على الشباب والعمل التطوعي.. كيف تبدأ رحلتك في خدمة المجتمع؟
الهدف العام: بناء شباب فاعل ومؤثر
في ختام حديثه، يشدّد أبو حمدان على أن الغاية الأساسية من النشاطات التطوعية هي بناء شخصية متكاملة للشباب، تجعلهم أكثر تواضعاً، انفتاحاً على الآخر، واستعداداً لتحمّل المسؤوليات. وأضاف أن المجتمع الذي يشجع على العمل التطوعي هو مجتمع يُعدّ شبابه ليكونوا روّاد تغيير، لا مجرّد متلقّين للحياة.