mena-gmtdmp

كيف يفضّل الجيل زد أساليب التعليم الحديثة ولماذا؟

جيل زد يسعى ليكون جزءاً من أيّة تجرِبة- المصدر freepik
جيل زد يسعى ليكون جزءاً من أيّة تجرِبة- المصدر freepik

في صفوف المدارس اليوم، لم تعُد السبورة هي محور التعلُّم؛ بل الحوار، الأفكار، والابتكار. هذا التحوُّل يعكس تطلعات جيل زد- الجيل الذي وُلد بين عامي 1997 و2012، ونشأ في عالم رقمي متسارع.
تصف الدكتورة دانا صافتلي- مدربة قادة شباب، كوتش رؤيوي، ومصممة برامج تدريبية وتعليمية قيادية- جيل زد بـ الفضولي، متعدد المهارات، وتبيّن في حديثها لـ«سيدتي» عن أنماط التعلُّم المفضلة لدى هذا الجيل، وأنهم يميلون للتعلُّم الذي يلامس واقعه، ويربط بين النظرية والتطبيق، ويمنحه مساحة للتعبير والمشاركة.

إعداد: إيمان محمد

جيل زد والتعليم

تستشهد صافتلي بما توصل له علم الأعصاب في هذا الصدد، وتقول: "تؤكد الدراسات أن الدماغ يتعلم بشكل أفضل عندما يكون محفَّزاً عاطفياً، منخرطاً اجتماعياً، ومتصلاً بتجرِبة ذات معنى". وتضيف: "وهذا تماماً ما يبحث عنه جيل زد". ومن هنا وَضعت مدربةُ القيادة عدةَ معايير لسُبل التعليم التي يسعى لها أبناء جيل زد، مثل:

يفضّلون التجرِبة

جيل زد لا يكتفي بالاستماع؛ بل يسعى ليكون جزءاً من التجرِبة؛ صانعاً للمعرفة، لا مجرد متلقٍ لها. فكيف يفضّل هذا الجيل أن يتعلم؟ في زمن تتسارع فيه التغيّرات، لم يعُد التعليم مجرد نقل للمعلومة؛ بل أصبح تجرِبة متكاملة تتطلب فهماً عميقاً لاحتياجات المتعلم.

الدكتورة دانا صافتلي مدربة قادة شباب كوتش رؤيوي ومصممة برامج تدريبية وتعليمية قيادية

التعلُّم السريع

ترى صافتلي أيضاً، أن جيل زد، الذي وُلد في قلب الثورة الرقمية، يبحث عن المعنى والقيمة، ولكن في أسرع وقت ممكن. وهو نتيجة طبيعية لطبيعة الحياة الرقمية التي لا يعرف غيرها.

التفاعل

يفضّل جيل زد التفاعل مع كلّ ما يتعلمه؛ فهو يتعلم أسرع من خلال المعلومات التي تخاطب الدماغ والقلب معاً، مثل التعلم القائم على المشاريع، مثل: التعلم المدمج، والتعلم التجريبي. فهذه السُبل تتماشى مع ما أثبتته علوم الأعصاب حول كيفية عمل الدماغ.

التعليم الواقعي

جيل زد يفضّل التعلُّم الذي يرتبط بالواقع، يريد أن يفهم "لماذا أتعلم هذا؟"، و"كيف سيفيدني؟"، يحفزه الفضول؛ فهو يحب الأسئلة المفتوحة، والتحديات، والتجريب.

المشاركة

تقول الدكتورة دانا الصافتلي أيضاً، إن الجيل زد يميل إلى المشاركة؛ فهو يفضّل: العمل الجماعي، والتفاعل الرقمي، والتغذية الراجعة الفورية.

التكنولوجيا

التكنولوجيا ليست مجرد أداة بالنسبة لهذا الجيل؛ بل بيئة حياة، جيل زد نشأ في عالم رقمي؛ لذا فإن استخدام التكنولوجيا في التعليم ليس رفاهية بل ضرورة. من خلال: الفيديوهات القصيرة التفاعلية، الألعاب التعليمية، المنصات التي تسمح بالتعلُّم الذاتي حسب الإيقاع الشخصي.

التعليم متعدد الثقافات واللغات

جيل زد أكثر انفتاحاً على العالم، ويقدّر المحتوى الذي يعكس تنوُّعَه الثقافي واللغوي. التعليم الحديث الذي يدمج: القصص والرموز واللغات المختلفة، يخلُق تجرِبة تعليمية غنية ومؤثّرة.
وتستشهد مدربة القيادة قائلة: "في برامجنا التدريبية، لاحظنا أن استخدام أدوات مثل: القصص الرمزية والألعاب الذهنية والتعلُّم السياقي، يرفع من التفاعل والانخراط بشكل ملحوظ. حين نربط المفاهيم المجردة بتجارِب ملموسة، مثل تحويل فكرة (القيادة) إلى لعبة إستراتيجية أو قصة رمزية، يتحوّل التعلُّم إلى تجرِبة حية، ويصبح المتعلم مشارِكاً لا متلقياً".


اقرأي أيضاً أهمية التعلُّم الذاتي للشباب في عصر الذكاء الاصطناعي

كيف يؤثّر جيل زد في التعليم؟

تقول د. دانا صافتلي: "حين نتحدث عن جيل زد، لا يكفي أن نحلل نظرياته أو نرسم ملامحه من بعيد. هذا الجيل يترك بصمته يومياً في ساحات التعليم، سواء داخل الصفوف أو عبْر الشاشات، ويعيد تعريف العلاقة بين الطالب والمعرفة". وتدلل على حديثها بالنماذج التالية:

جيل زد يفضّل التعليم بنمط تفاعلي- المصدر Freepik
  • المملكة العربية السعودية: يتجه الطلاب نحو تطوير تطبيقات تعليمية تعتمد على الألعاب التفاعلية؛ حيث يُكافأ المتعلم بالنقاط والشارات عند إتمام المهام.
  • الإمارات: بدأت المدارس والجامعات بتطبيق نماذج تعليمية تفاعلية، مثل إدراج الذكاء الاصطناعي في المناهج، من رياض الأطفال وحتى الجامعة، وتأسيس منصات لعرض مشاريع الطلاب في ريادة الأعمال والابتكار الاجتماعي.
  • مصر: ظهرت مبادرات شبابية رقمية مثل: إنتاج محتوى علمي ونفسي على منصات مثل تيك توك وإنستغرام، بأسلوب سريع ومرِح.


هذه النماذج، سواء أكانت مؤسسية أو فردية، تؤكّد أن جيل زد لا ينتظر أن يتلقى التعليم؛ بل يبادر، يبتكر، ويعيد تشكيل نماذج التعليم بما يناسبه.
وتختتم صافتلي حديثها: "جيل زد لا يبحث عن المعلومة فقط؛ بل عن التجرِبة، المعنى، والقدرة على التأثير. حين نعيد تصميم التعليم ليكون مشروعاً حياً، قائماً على التفاعل، الرمزية، والربط الثقافي؛ فإننا لا نعلمهم فحسب؛ بل نزرع فيهم بذور القيادة".