هل تصافحت يوماً مع زميل صباحاً، ثم شعرت بعد دقائق أنك خرجت من اللقاء مثقلاً؟ ليس من مهامه، بل من أسئلته. ذاك السؤال الفضولي المغلف بلطف، أو ذاك الاستفسار الذي لم يُطلب، لكنه طُرح وكأنه من حقوق الزمالة. فما هي تلك الأسئلة التي تبدو عادية، لكنها تتخطى حدود المساحة الآمنة بينك وبين زميلك؟ بحسب الخبير في مجال شؤون الموظفين المهندس مرتضى الشلبي.
متى تنوي الزواج؟
قد تبدو هذه العبارة عابرة، تُقال على سبيل المزاح أو ضمن حديث جانبي، لكنها تُدخل الطرف الآخر في مساحة شديدة الخصوصية دون استئذان. السؤال لا يكشف فقط عن تطفل، بل عن افتراض ضمني بأن قراراً بهذه الحساسية يحق للآخرين الاقتراب منه أو التعليق عليه. وربما لا يعلم من يسأل أن الطرف الآخر يعيش ظروفاً نفسية أو اجتماعية أو شخصية تجعله يتهرّب من الإجابة، أو يتأذّى منها بصمت.
لماذا يُعد سؤال الزواج تجاوزاً غير مبرر؟
- لأنه يفتح جراحاً أو ضغوطاً يُفضّل البعض كتمها.
- لأنه يحمّل الطرف الآخر عبء تبرير خياراته الشخصية.
- لأنه يكسر الجدار الصامت الذي يحمي خصوصية الموظف.
ما رأيك: لماذا نحب بعض الأيام ونكره بعضها في العمل؟ الجانب العاطفي من بيئة العمل
ما مقدار راتبك؟
يُطرح هذا السؤال أحياناً بنبرة فضول بريء أو تحت شعار دعنا نقارن، لكنه من أكثر الأسئلة حساسية داخل أي مؤسسة. الراتب ليس مجرد رقم، بل يعكس وضعاً مهنياً وتقديراً قد يتفاوت لاعتبارات كثيرة. طرح هذا السؤال يُنتج شعوراً مبطناً بالتقييم أو المقارنة، ويخلق توتراً داخلياً قد لا يُقال، لكنه يعيش طويلاً في الخلفية.
لماذا يُعد الحديث عن الراتب منطقة ملغّمة؟
- لأنه يُحوّل العلاقة من زمالة إلى منافسة صامتة.
- لأنه يُربك الشعور بالعدل أو الظلم داخل الفريق.
- لأنه يتخطى المساحة المهنية ليدخل في ميدان الحساسية الشخصية.
لماذا لم تُرزق بأبناء حتى الآن؟
هذا من أكثر الأسئلة التي تُقال بفضول شديد وسطحية جارحة. فالسؤال يلامس منطقة حساسة ترتبط أحياناً بألم أو فَقْد أو قرار شخصي عميق. حين يُقال بهذا الشكل، يُجبر الطرف الآخر على استحضار ما لم يرد قوله، أو تغليف ألمه بابتسامة. وقد لا يعلم السائل أنه تجاوز حاجزاً إنسانياً لا يحق لأحد أن يتخطّاه في بيئة العمل.
ما الخطر في سؤال الإنجاب داخل بيئة العمل؟
- لأنه يُربك الخصوصية ويكشف ما لا يُراد كشفه.
- لأنه قد يذكّر الطرف الآخر بعجز أو حزن لا يُقال.
- لأنه يحوّل اليوم العادي إلى عبء نفسي ثقيل.
لماذا تسكن في هذا الحي؟ ألم تفكّر بالانتقال؟
ربما يبدو السؤال عادياً، لكنه يحمل في طيّاته نبرة تقييم أو استغراب غير مبرر. فالسكن ليس مجرد مكان، بل قرار يرتبط بظروف مالية وعائلية ونفسية لا يحق لأحد الخوض فيها دون دعوة. حين يُسأل الموظف عن اختياره الجغرافي، يشعر وكأنه مطالب بتبرير شيء خاص لا يخص العمل، مما يزعزع استقراره العاطفي تجاه بيئته اليومية.
لماذا يُعد سؤال السكن تجاوزاً غير مرئي؟
- لأنه يلمّح إلى تقييم اجتماعي غير مبرر.
- لأنه يُربك الإحساس بالأمان الشخصي للموظف.
- لأنه يجرّ الموظف إلى تبريرات لم يُرد تقديمها.
هل تُفكّر في الاستقالة؟
قد يُطرح هذا السؤال بنبرة فضول، لكن أثره يتجاوز النية. فمجرد الإشارة إلى فكرة "الخروج من العمل" تُحدث خللاً في شعور الموظف بالأمان، وتُربك ثقته بزملائه. في بعض السياقات، قد تُستخدم هذه المعلومة ضدّه أو تُحوّل إلى أداة تهديد ناعمة. لذا، فإن طرح هذا السؤال، حتى وإن جاء بلطف، هو في حقيقته خرق لمناخ الثقة.
ما الخطر في التلميح لتغيير الوظيفة؟
- لأنه يُشعر الطرف الآخر بأنه تحت المراقبة.
- لأنه يخلق حالة شك داخلية قد تُفسر عليه لاحقاً.
- لأنه يُربك الانتماء، ويشعل شكوكاً غير ضرورية.
لماذا تبدو صامتاً أو متغير المزاج اليوم؟
سؤال شائع، وغالباً ما يُقال بحسن نية، لكنه قد يُحمّل الموظف عبئاً إضافياً فوق ما يشعر به أصلاً. الصمت لا يعني بالضرورة وجود مشكلة، والمزاج لا يجب أن يكون مثالياً يومياً. حين يُسأل الموظف عن حالته النفسية أو مزاجه بنبرة تحليلية، يشعر أنه موضوع ملاحظة دائمة، وأن عليه تقديم تفسير دائم لغياب البهجة أو النشاط.
لماذا تبدو أسئلة المِزاج بريئة لكنها مستنزفة؟
- لأنها تُشعر الشخص أنه لا يملك حق التراجع أو الغياب الشعوري.
- لأنها تُربك المساحة النفسية الخاصة بالهدوء والصمت.
- لأنها تزرع توتراً داخلياً عند من لا يملك طاقة الكلام.
اكتشف الحلول: زميل مزعج؟ 6 إستراتيجيات للتعامل مع الشخصيات الصعبة في المكتب