لم يراود سهام عبد العزيز حسنين الحلمُ يوماً بأن تكون رائدةَ أعمالٍ، ولم تعلم أن مهاراتها في الطهي، هي العصا السحريَّةُ التي ستفتحُ لها البابَ لامتلاكِ سلسلةِ مطاعمَ، وإطلاقِ مشروعاتٍ متعدِّدةٍ، تجمعُ بين الهويَّةِ السعوديَّة، والروحِ العالميَّة، لعلَّ أهمَّها شركةُ SIHAMCO، وتصميمُ وتشغيلُ مشروع The Groves تحت مظلَّةِ الهيئةِ العامَّةِ للترفيه، لتصبحَ اليوم واحدةً من أبرزِ الأسماءِ النسائيَّةِ في البلاد بمجالِ الترفيه، في تأكيدٍ على أن المرأةَ السعوديَّةَ قادرةٌ على التفكيرِ خارجَ الصندوق. التقيناها في حوارٍ ملهمٍ للحديثِ عن مسيرتها.
تصوير : مشاعل الشريف
رؤية 2030 والترفيه في السعودية

كيف أسهمت «رؤيةُ 2030» في إحداثِ نقلةٍ نوعيَّةٍ وتغييرٍ جذري بمجالِ الترفيه في السعوديَّة حتى أصبحت اليوم وجهةً عالميَّةً للترفيه؟
على الرغمِ من أن الترفيه، يعدُّ من القطاعاتِ الجديدةِ في البلاد إلا أن الإنجازاتِ التي تحقَّقت، وفي وقتٍ قصيرٍ، وصلت بالسعوديَّة إلى العالميَّة. إنشاءُ هيئةِ الترفيه، أسهم في تطويرِ قطاعِ الترفيه بالبلاد، وتوفيرِ خدماتٍ ترفيهيَّةٍ شاملةٍ، وإحداثِ نقلةٍ نوعيَّةٍ في حياةِ الفردِ والمجتمع، ما ارتقى بجودةِ العيش، وحوَّلَ الترفيه لصناعةٍ، ورافدٍ اقتصادي مهمٍّ لتنميةِ الاقتصادِ والناتج المحلي.
ما الفرصُ التي أتاحها قطاعُ الترفيه للمرأةِ السعوديَّةِ بشكلٍ خاصٍّ؟
قطاعُ الترفيه، لم يكن مجرَّد مجالٍ جديدٍ، بل وشكَّلَ أيضاً منصَّةً، تُعبِّر من خلالها المرأةُ السعوديَّةُ عن إبداعها، وتنظيمها، وذوقها، واستراتيجيَّتها في الاستثمار. القطاعُ، كان مغلقاً في السابق، واليوم أصبحنا نصنعُ تجاربَ، تُذكَرُ عالمياً.
المرأةُ السعوديَّةُ اليوم محظوظةٌ، وفي إمكانها تحقيقُ شغفها وأحلامها على أرضِ الواقع في ظلِّ قيادةِ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهدِ الأمير محمد بن سلمان، عرَّابِ الرؤية، وأفكارِ المستشارِ تركي آل الشيخ، رئيسِ هيئةِ الترفيه، الذي منحَ الفرصةَ لكلِّ امرأةٍ سعوديَّةٍ، تملك طموحاتٍ وأفكاراً خارج الصندوق مُنطلقاً في ذلك من رؤيةٍ ثاقبةٍ، وهو ما سهَّل وجودها في مجالِ الترفيه، لتضعَ بصمةً مميَّزةً فيه بفضلِ ما تجده من دعمٍ، وتسهيلٍ لكافة العقباتِ التي كانت تحولُ دون وصولها إلى أحلامها. وفعلياً، تمكَّنت المرأةُ السعوديَّةُ على أرضِ الواقع من تحقيقِ نجاحاتٍ مهمَّةٍ في القطاعِ مثل غيره من القطاعات.
المرأة السعودية

كيف استطاعت المرأةُ السعوديَّةُ تحقيقَ هذه الإنجازاتِ التي فاقت التوقُّعاتِ وفي وقتٍ قياسي؟
نحن نمتلكُ مهاراتٍ وطموحاتٍ لا حدودَ لها. كنا نحتاجُ فقط إلى فرصةٍ حقيقيَّةٍ لإبرازها، وقد جاءت الرؤيةُ المباركة، لتفتحَ لنا أبواباً لطالما حلمنا بها. المرأةُ السعوديَّة، أثبتت أنها قادرةٌ على القيادةِ، وعلى خلقِ الفرص، وأن تكون شريكاً حقيقياً في بناءِ الوطن. بكلِّ فخرٍ، هي اليوم، تعيشُ مرحلةً ذهبيَّةً غير مسبوقةٍ، والدعمُ الذي حظينا به من قيادتنا، مكَّننا من التعبيرِ عن طموحاتنا، والعملِ على تحقيقها دون خوفٍ، أو عوائقَ.
كيف تصفين الإقبالَ على قطاعِ الترفيه من قِبل السعوديَّات؟
الفرصُ اليوم متاحةٌ في كلِّ المجالات، وعلينا أن نواكبَ هذا التطوُّرَ السريع، وأن نكون جزءاً من المستقبلِ و«رؤيةِ السعوديَّة 2030». في مجالِ الترفيه هناك إقبالٌ كبيرٌ، وتزايدٌ ملحوظٌ من قِبل السعوديَّاتِ على العملِ، والاستثمارِ بوصفه منظومةً واعدةً ذات أصداءٍ على مستوى العالم، وأرى أن مستقبلَ المرأةِ السعوديَّة مشرقٌ في القطاع حيث تقف فيه جنباً إلى جنبٍ مع الرجل. بوصفي مستثمرةً ومُشغِّلةً لمشروعٍ مثل «ذا جروفز»، أشاهدُ يومياً كيف أن المرأةَ تحوِّلُ المساحاتِ إلى قصصٍ ترؤى.
مشروع ذا جروفز

تحدَّثتِ عن «ذا جروفز»، كيف أصبحَ المشروعُ الواعدُ جزءاً من مناطقِ موسم الرياض؟
هناك فرصٌ عظيمةٌ أمامَ الجميع في قطاعِ الترفيه، وبناءً على خبرتي السابقةِ في الاستثمارِ بمجالِ المطاعم، تقدَّمتُ بفكرةٍ تفصيليَّةٍ لمشروعِ «ذا جروفز» إلى هيئةِ الترفيه عامَ 2020 ضمن 23.000 ألف مستثمرٍ، وتمكَّنت من الفوزِ بالمركزِ الأوَّل، وقد تمَّ تنفيذُ الفكرةِ على أرضِ الواقع بمشاركةِ شركاتٍ سعوديَّةٍ، وحقَّق المشروعُ أصداءً ونجاحاتٍ واسعةً، ليصبحَ بتوجيهٍ من المستشارِ تركي آل الشيخ من المناطقِ الدائمةِ في موسم الرياض، وهذا تأكيدٌ على أن المرأةَ السعوديَّة قادرةٌ على التفكيرِ خارجَ الصندوق، وفي الوقتِ نفسه تأكيدٌ على الدعمِ الذي تجده في مجالِ الترفيه.
بماذا يتميَّزُ موقعُ ذا جروفز الجديدُ غربَ الرياض؟
موقعُ «ذا جروفز» الدائمُ غربَ الرياض، في حديقةِ الحزام سابقاً، يمتدُّ على مساحةٍ، تُقدَّر بـ 48 ألف مترٍ مربَّعٍ، وتمَّ تصميمه وتنفيذه في وقتٍ قياسي عبر شركاتٍ وكوادرَ سعوديَّةٍ 100%.
يضمُّ المشروعُ خمسةَ مطاعمَ سعوديَّةٍ لكلٍّ منها تصميمٌ خاصٌّ، وهويَّةٌ عالميَّةٌ مميَّزةٌ، وقد كنت حريصةً عند تصميمِ المكان على أن تكون جميع المطاعمِ مطلَّةً على البحيرةِ، والمسطَّحاتِ الخضراء التي تتوسَّطُ المشروع، إلى جانبِ إنشاءِ ممرٍّ مظلَّلٍ لحمايةِ الزائرِ من حرارةِ الصيف، والربطِ بين المطاعم. كذلك يضمُّ المكانُ مسرحاً عائماً وسطَ البحيرة، ومنطقةَ القرية، وهي سوقٌ، يجمع مختلفَ البضائعِ تحت سقفٍ واحدٍ من عطورٍ، وعباءاتٍ، وملابسَ وغيرها. ومن اللافتِ في المكانِ توزيعُ المجسَّماتِ بطريقةٍ هندسيَّةٍ، تُحقِّق الجمال، وتُبهِرُ الزوَّار.
شعار ذا جروفز

لماذا وقعَ الاختيارُ على شعارِ «ذا جروفز»، وماذا يعني؟
شعارُ ذا جروفز، يعني البساتين، ويرمزُ لعناصرِ الحياةِ الأربعة «الماءُ، والهواءُ، والترابُ، والنار». الماءُ، يتمثَّلُ في وجودِ البحيرةِ، والشلَّالاتِ، والنوافير، والشجرةِ الماطرة، والترابُ، يُرمَزُ له بالزراعةِ، والمسطَّحاتِ الخضراء، أمَّا الهواءُ، فيشارُ له بالعطورِ، والبخورِ، والروائحِ المميَّزة في كلِّ منطقةٍ من مناطقِ المشروعِ، وأخيراً يُرمَزُ للنار بالفعاليَّاتِ، والبرامجِ الترفيهيَّة.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط
قطاع المطاعم

متى، وكيف جاء دخولكِ قطاعَ المطاعم، وما سرُّ نجاحكِ في المجال؟
دخولي قطاعَ المطاعم، جاء بدافعٍ من شغفي بالتجربةِ المتكاملة في الأكلِ، والإحساسِ، والموسيقى، والتصميمِ، والخدمةِ، والمكان أيضاً. أطلقت مشروعاتٍ عدة، تجمعُ بين الهويَّةِ السعوديَّة، والروحِ العالميَّة. أمَّا سرُّ النجاح، فهو اهتمامي بالتفاصيلِ أكثر من الصورةِ العامَّة، لأن الصورةَ الجميلة، تُبنَى من تفاصيلَ متقنةٍ.
ما التحدِّياتُ التي واجهتكِ، وكيف تغلَّبتِ عليها لتحقيقِ مزيدٍ من التوسُّعِ لأعمالكِ؟
أكبر تحدٍّ، كان القبولَ في البداية. وجدتُ صعوبةً في التعاملِ معي بوصفي امرأةً فقط، وليست صاحبةَ قرارٍ! لكنَّني تعلمتُ أن أثبتَ نفسي بالصمتِ والنتائج. واجهتُ أيضاً تحدِّياتٍ في الموازنةِ بين مسؤوليَّاتي العائليَّةِ والعمليَّة، وتجاوزتُ ذلك، لأنني أؤمنُ بأن الوقتَ لا يدارُ، بل يُنظَّم، وهذه القاعدةُ ساعدتني كثيراً. أستطيعُ التأكيدَ أن كلَّ تحدٍّ واجهته، زادني صلابةً ومرونةً.
من أين تستمدِّين دعمكِ للاستمرارِ في أعمالكِ؟
أولاً من إيماني بقدراتي، وأن ما أقومُ به له معنى ورسالةٌ، ثم أستمدُّه من عائلتي، خاصَّةً من أولادي، فھم مصدرُ قوَّتي وإلهامي. أيضاً أعتمدُ على فريقي، إذ أعدُّهم شركاءَ حقيقيين في كلِّ نجاحٍ.
ما مقوِّماتُ النجاحِ بالنسبةِ لكِ؟
النيَّةُ الصافيةُ، والإصرارُ، والاهتمامُ بالتفاصيل. النجاحُ لا يأتي صدفةً، بل يكون نتيجةَ تراكمِ خطواتٍ محسوبةٍ وصادقةٍ.
كيف تصفين المنافسةَ في قطاعِ الفعاليَّاتِ والترفيه؟
يمكن وصفُ المنافسةِ في مجالِ الترفيه بأنها شرسةٌ للغاية، لكنَّها في الوقتِ نفسه منافسةٌ صحيَّةٌ، تدلُّ على وعي الزائرِ، وارتفاعِ ذائقته، وهو ما يتطلَّبُ من المستثمرةِ في المجالِ مواكبةَ التطوُّر، والحرصَ على تلبيةِ متطلَّباتِ الزائر، وتقديمَ الخدمةِ بأفضل جودةٍ. يجبُ أن نكون دائماً في حالةِ إبداعٍ وتجديدٍ، فلا يوجدُ نجاحٌ دائمٌ لمَن يُكرِّر نفسه.
نصائح لرائدات الأعمال

ما نصيحتكِ لكلِّ امرأةٍ طموحةٍ، وتملكُ رغبةً في دخولِ مجالِ الاستثمار؟
ابدئي، ولا تنتظري الكمال. اكتشفي الطريقَ، وامضي لتنفيذِ أحلامكِ. لو تعثَّرتِ، انهضي واستمرِّي، فالفشلُ هو سرُّ النجاح. الطريقُ، یُكتَشفُ بالمشي، والخطأ جزءٌ من الرحلة. اسألي، تعلَّمي، وكوني صادقةً مع نفسك، فالعزيمةُ تُبنَى مع التجربة.
ماذا عن مرحلةِ الطفولةِ والدراسةِ، ما تأثيرُها في شخصيَّتكِ؟
وُلِدتُ في لندن، وقضيتُ في العاصمةِ البريطانيَّةِ أوَّلَ عشرةِ أعوامٍ من عمري. هذه النشأةُ، منحتني نظرةً واسعةً، ومبكِّرةً على العالم، وساعدتني في بناءِ شخصيَّةٍ مستقلَّةٍ. دراستي لاحقاً في السعوديَّة، والخبراتُ المتنوِّعةُ بين التصميمِ، والتنظيمِ، والتشغيل، صقلتني إلى حدٍّ كبيرٍ. كلُّ مرحلةٍ، كانت تصبُّ في مسارٍ واحدٍ، وهو أن أفكِّرَ بإبداعٍ، وأن أعملَ بدقَّةٍ، وأتحرَّك بثقةٍ.
مَن الشخصيَّةُ التي تُلهِمُكِ؟
كلُّ امرأةٍ، كسرت قاعدةً، كانت ضدها، تُلهمني، لكنْ على المستوى الشخصي، والدتي كانت أوَّلَ مَن زرعَ في نفسي الإصرارَ والثقة. من ناحيةِ القيادات، أستلهمُ من رؤيةِ سمو ولي العهد التي قلبت موازينَ الطموح.
كيف تنظرين للمستقبلِ؟
أراه زاخراً بالفرص، خاصَّةً لمَن يقرأ الاتِّجاهاتِ جيِّداً، ويستعدُّ لها. الترفيه، والسياحةُ، والثقافةُ، وحتى التقنيَّة، كلُّها عوالمُ واعدةٌ، ونحتاجُ إلى أن نكون جزءاً من صناعتها لا مجرَّد متلقِّين لها.
لمَن تقولين شكراً؟
لوالدي الذي قدَّمَ لي الدعمَ، والتشجيعَ للمضي قُدماً للأمامِ في خطواتي الأولى بمجالِ الاستثمار. أعدُّه سبب نجاحي. كذلك أشكرُ زوجي، وأبنائي، وأسرتي جميعاً الذين غمروني بدعمهم وحبِّهم، وكانوا خلفَ كلِّ عطاءٍ، وإنجازٍ، ونجاحٍ حقَّقته.
كلمةٌ أخيرةٌ؟
فخورةٌ بكوني سعوديَّةً في هذا الزمنِ، أجمل زمنٍ، وأقولُ لكلِّ امرأةٍ لديها فكرةٌ، أو شغفٌ: مكانُكِ ليس خلفَ أحدٍ، بل إلى جانبه، أو أمامه.
اقرأ المزيد من قصص السعوديات الملهمات : داعمة الفنون والشباب والإستدامة الأميرة نورة بنت سعود بن نايف بن عبدالعزيز:نزرع الأمل في كل حلم ونراه يكبر معنا