تجربة شائقة ومثيرة، عاشتها كاميرا "سيدتي" في متحف اللوفر أبو ظبي حيث دُعينا لحضور العرض الإعلامي الحصري لمشروع رحلة عبر التاريخ، وهو أول تجربة واقع افتراضي من نوعها غامرة بالكامل في المنطقة.
تُقدِّم هذه التجربة الاستثنائية رحلة متعددة الحواس عبر الزمن، تتيح للزوار التجوال بحرية في رحلة افتراضية من إعادة تصورات نابضة بالحياة لروما الإمبراطورية وبغداد في العصور الوسطى والهند في عهد المغول مستوحاة جميعها من روائع موجودة في المجموعة الدائمة لمتحف اللوفر أبو ظبي، ومن هناك نقلنا التفاصيل التي فُوجئنا بها داخل العالم الافتراضي.
ما العالم الافتراضي؟

هو عبارة عن مجموعة من المستخدمين يجسِّدون شخصيات افتراضية ضمن بيئة ثنائية أو ثلاثية الأبعاد، ويعتمدون على المحاكاة الحاسوبية بوصفها وسيلة للتخاطب والتواصل مع الأشخاص الافتراضيين الآخرين الموجودين في هذا العالم، ويُسمى بالافتراضي نظراً لكون جميع ما به من أشخاص وبيئة ووسائل تواصل افتراضية وليست واقعية، ويشيع استخدام العالم الافتراضي عادة في ألعاب تقمص أدوار اللاعبين عبر الإنترنت.
أتاح العالم الافتراضي، ضمن برنامج متحف اللوفر، لنا -بوصفنا مستخدمين- فرصة العيش ببيئة ثلاثية الأبعاد وكأنها حقيقة، وبشكل أدق فإن في هذا العالم يمتزج الخيال مع الواقع بشكل عميق؛ إذ تُسخر التكنولوجيا الذكية لتتعاون مع العالم الواقعي فيصبح واحداً من أهم التطبيقات الحاسوبية. ويمكن تعريف العالم الافتراضي أيضاً بأنه ذلك العالم الذي يلجأ المبرمج لصنعه بالاعتماد بشكل أساسي على الحاسب الآلي، فيتفاعل معه الإنسان وكأنه عالم حقيقي يحيط به. ومن الجدير بالذكر أن البعد الثالث 3D أو ما يُسمى بالتجسيم يلعب دوراً فعالاً في تقنية العالم الافتراضي؛ إذ يساهم في تقديم المخرجات على هيئة نماذج مماثلة للواقع حتى تساهم في إشعار المستخدم كأنه مغموس بالواقع المحيط به.
كيف يمكن الدخول للدول من بوابة العالم الافتراضي؟

يتطلب العالم الافتراضي من المستخدم أن يتخذ طريقة خاصة حتى ينخرط في ذلك العالم، ويكون على النحو التالي:
- وجود أجهزة مثبتة على رأس المستخدم، وهي عبارة عن مجموعة من الأجهزة التي تستعرض الصور وتظهرها بشكل HMD أو ما يُطلق عليه اختصاراً بـDisplay، وتظهر على هيئة شاشة صغيرة.
- الأجهزة الخاصة باليد، يمسك المستخدم أجهزة العرض بيده، ولها شاشة كرستالية مسطحة موصولة بكاميرا خاصة تستعرض الصور والفيديوهات.
أين جُلْنَا في الرحلة الافتراضية؟

كانت رحلة استكشافية غامرة وتجربة واقع افتراضي كاملة لمدة 30 دقيقة، أشركنا فيها جميع الحواس؛ حيث تم تطويرها بالتعاون مع أستوديو سمول كرييتيف (فرنسا)، وهي متاحة باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، ومناسبة للزوار من عمر ثماني سنوات وأكبر من ذلك، وعندما دخلنا العالم الافتراضي، عن طريق شخصيتين افتراضيتين، هما سلطان وماريا، وفي البداية عرفا بنفسيهما، وبدآ شرحاً مفصلاً عن العوالم التي رافقناهما إليها، مع طريقة مشوِّقة في الشرح، وتنبيه المشاركين إلى الخطر الوهمي القادم.
رحلة إلى إمبراطورية روما

في هذه الرحلة الشائقة، التي بدأت بنزول يثير الرهبة، عدة طوابق تحت الأرض، عدنا فيها إلى القرنين 1–2 الميلادي، دخلنا مدينة روما، حيث يوجد تمثال نصفي للإمبراطور أوغسطس، كل شيء كان يجسِّد الحياة في ذلك القرن، بدءاً من الأبنية، ومروراً بالشوارع الكبيرة والطويلة، التي توضع بها الأعمدة ذات الزخارف الفنية الرومانية على جانبيها، وليس انتهاءً بالناس الافتراضيين، الذين يجولون في الشوارع بأزيائهم الرومانية القديمة، كان مرور الواحد منهم داخل أجسادنا، نحن الذين نمثل عالم الواقع، أشبه بفيلم علمي خيالي، مليء بالأشباح الطيبة، التي لا تؤذي، لكنها لا تشعر بمن حولها، أو ربما كنا نحن الأشباح في هذه الرحلة الافتراضية، جُلْنَا هناك تحت أروقة منتدى أوغسطس، واختبرنا عظمة وهيبة ورمزية الحكم الإمبراطوري الروماني.
رحلة إلى بغداد العصور الوسطى

أثار المرشدان الافتراضيان سلطان وماريا ضجيجاً وكأنه هزة أرضية، ونبها من حولهما إلى الانتقال إلى زمن ومكان آخرين، هذا الاهتزاز ينقل المجربين للعالم الافتراضي إلى فضاء فسيح، يضيء بالنيازك، إلى أن تم الاستقرار في المكان الثاني، حيث فُوجئنا بأنفسنا أمام ورقة من كتاب "المواد الطبية" في بغداد العصور الوسطى، القرن 12–13 الميلادي.
دخلنا مكتبة بيت الحكمة، حيث اجتمع العلماء لاستكشاف أسرار الطب والطبيعة والكون معاً، كانت هناك عناوين الكتب ظاهرة للعيان، وسمعنا مناقشة كانت تجري بين عالم طب يجادل إحدى العاملات، حول استخدام عشبة في مجال طبي معين، واكتشف العالم إمكانية استخدامها لهذا العلاج، وما أثارني وجود قط أسود على إحدى الأرائك الشرقية، كان يجلس بتوثب، وناظراه يتجهان نحو الناس الذين دخلوا غرباء من العالم الافتراضي.
رحلة إلى الهند المغولية
هذه الرحلة أدخلت الرهبة إلى قلوب المشاركين، إلى حد الخوف عند البعض، لأننا وجدنا أنفسنا في قارب وسط البحر، أمام درع "الأربع مرايا" في الهند المغولية، حيث عدنا إلى القرن 17–18 الميلادي، كانت حرباً. نعم، كانت حرباً بين المغول وطرف آخر، انزلق فيها القارب فوق المياه الهادئة مروراً بقصر تاج محل، وانغمس في عالم الحماية والقوة في عهد المغول. بينما النيران تشتعل أمامنا؛ كان البحارة الأقوياء يجدفون في البحر، مبتعدين بالقارب، وزواره من العالم الافتراضي إلى مكان آمن.
بعدما عشنا تفاصيل هذه الرحلة المشوِّقة، علمنا أن هذا الحدث الثقافي المميز، الذي ينبض الماضي بالحياة على نحوٍ لم يسبق له مثيل في المنطقة؛ هو الوحيد في هذا المكان الثقافي العالمي.
كيفية تحقيق التوازن بين العالم الافتراضي والواقعي عند الشباب