mena-gmtdmp

هل يتمتع ابنكِ وابنتكِ بروح العطاء والإيثار؟ 4 إجابات!

صورة لمجموعة من الأطفال يقومون بعمل خيري
أطفال يجتمعون لتقديم الهدايا للمحتاجين

هل تابعتِ صغيركِ وهو يلعب مع أصدقائه؟ هل يعرف كيف يشارك لعبته المفضلة؟ هل يُسرع لمساعدة مَن يتعثر بجانبه؟ وهل يفرح حقاً لنجاح غيره حتى لو لم يكن هو البطل؟ الأسئلة ليست مجرد لحظات عابرة في حياة الأمهات، بل هي مؤشرات عميقة تكشف عن جذور أهم القيم الإنسانية: العطاء والإيثار والكرم، التي يتحلى بها طفلكِ.
التقرير التالي يضم لقاء مع الدكتورة نهاد عبدالكريم أستاذة طب نفس الطفل التي تستعرض عدداً من الأسئلة والإجابات وبها تتعرفين إلى: هل يتمتع طفلك بروح العطاء؟ وكيف تستطيع الأم نثر بذور الإيثار والكرم في قلوب أطفالها؟

نثر روح العطاء

العطاء ومد يد المساعدة


في زمن تزدحم فيه الحياة بالسرعة والمنافسة، يظلّ تعليم أطفالنا روح العطاء والقدرة على التفكير في الآخرين من أعظم الهدايا التي يمكن أن نقدمها لهم، وللعالم من حولهم.
هل يحمل طفلي بداخله بذوراً طيبة لمستقبل علاقة إنسانية بالعالم؟ فالأطفال الذين نتعب اليوم في غرس قيم المشاركة في قلوبهم، هم الكبار الذين سيحملون غداً مسؤولية أنفسهم.
غرس روح العطاء لا يقتصر على الطفولة، والأطفال الذين ينشأون على قيم الكرم والتعاطف يصبحون أكثر قدرة على بناء علاقات صحية، والعمل بروح الفريق، ومواجهة تحديات الحياة بمرونة.
الدراسات الحديثة أثبتت أن الأولاد الذين يُربّون على التعاطف والإيثار يصبحون أقل عرضة بنسبة 40% لتبنّي الأفكار النمطية الضارة، مما يعني أن هذه القيم تساهم في صناعة مجتمع أكثر عدلاً وتوازناً.

أسئلة تكشف معدن الطفل

طفلتان تجمعان فائض اللعب لتوزيعها


الطفل يعبّر عن نفسه بالكلمات، وبطريقة تفكيره وتصرفاته اليومية أيضاً، ولكي نقيّم قدر العطاء لديه، يمكننا أن نطرح عليه أسئلة بسيطة لكنها عميقة:
السؤال الأول: كيف تشعر عندما يحصل شخص آخر على شيء كنتَ تريده؟
الحقيقة: أن السؤال يفتح باباً لفهم النضج العاطفي للطفل؛ فالطفل الذي يستطيع أن يفرح لسعادة غيره، حتى وهو يواجه مشاعر خيبة أو غيرة، يُظهر بدايات قدرة على تجاوز الأنا والاحتفاء بالآخرين. عكس الطفل الذي لا يحتمل خسارة الضوء لصالح غيره، فيحتاج إلى مساحة أكبر للتعلم والتجربة.
السؤال الثاني: ماذا تفعل إذا رأيتَ أحدهم يواجه صعوبة في أمر أنت تجيده؟
الحقيقة: الأم هنا تختبر استعداد الطفل لمساعدة الآخرين دون انتظار مقابل. هل يمدّ يده بعفوية؟ أم يتردد لأنه لا يرى فائدة مباشرة تعود عليه؟ هذه اللحظة تكشف جوهر العطاء والإيثار الحقيقي، حيث يكون دافع الطفل نابعاً من الداخل لا من الخارج.
السؤال الثالث: هل يمكنك أن تذكر موقف شاركت فيه شيئاً مهماً بالنسبة لك؟
الحقيقة: عندما يروي الطفل قصة عن لعبة ثمينة أو وقت مميز قرر أن يشاركه مع صديق أو أخ، فهذا مؤشر واضح على قدرته على التضحية الجزئية من أجل إسعاد الآخر، وهذه المشاركة لا تأتي بسهولة دائماً، لكنها علامة على نمو التعاطف.
السؤال الرابع: لماذا تعتقد أنه من المهم مساعدة الآخرين؟
الحقيقة: هذا السؤال يفتح الباب أمام قيم الطفل الداخلية ومنظوره الأخلاقي؛ فنجد بعض الأطفال يجيبون: لأن ذلك يجعلني سعيداً، وآخررون يقولون: لأن الجميع يستحق المساعدة. هنا كلا الجوابين يكشفان درجة من الفهم، وعندما يُدرك الطفل أن المساعدة جزء من العدالة الاجتماعية والإنسانية، فهذا مستوى أكثر نضجاً.

ما تكشفه الملاحظات اليومية للأم:

أم تدرب طفلتها على التعاون والعطاء
  • مشاركة الألعاب أو الطعام مع الآخرين دون أن يُطلب منه.
  • التطوع لمساعدة الإخوة أو الأصدقاء أو حتى الغرباء.
  • استخدام لغة متعاطفة مثل: “هل أنت بخير؟ أو هل تحتاج إلى مساعدة؟
  • الدفاع عن الآخرين في مواقف اجتماعية، حتى لو كان ذلك على حسابه.
  • أفعال لطف متكررة وصادقة، وليست مجرد محاولة لكسب الثناء.

هذه السلوكيات اليومية تشكّل مرآة تعكس البذور التي تنمو في داخل شخصية الطفل.

مَن هو الطفل الكريم المعطاء؟

صديقان متعاونان
  1. الطفل الكريم ليس مَن يقوم بمشاركة أو بمساعدة، بل هو من يفكر بطريقة إنسانية.
  2. مَن يتخيل مشاعر غيره ويضع نفسه مكانه.
  3. يهتم بتحقيق العدالة والإنصاف في المواقف.
  4. مَن يبادر بالتصرف دون انتظار مكافأة أو إشادة.
  5. الدراسات تشير إلى أن الأطفال الذين يعتادون على سلوكيات العطاء والمشاركة، يقل لديهم خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب في مرحلة المراهقة بنسبة تصل إلى 25%.

كيف نغرس بذور العطاء في قلوب أطفالنا؟

الإيثار ليس سلوكاً يولد مع الطفل جاهزاً وكاملاً، بل هو مهارة مكتسبة تُنمّى وسط البيئة والتربية.

القدوة أولاً

الطفل يتعلم أكثر مما يرى لا مما يسمع، عندما يرى أمه أو والده يمدّ يد العون دون انتظار مقابل، يترسخ في ذهنه أن هذه هي القاعدة الطبيعية في التعامل مع الناس.

الثناء على النية لا النتيجة

من المهم أن نركز على نية الطفل ورغبته في المشاركة، حتى لو لم تكتمل كما نتمنى. قول جملة مثل: "أعجبني أنك حاولت أن تساعد أختك"، أهم من الاكتفاء بالثناء على النتيجة النهائية.

توفير فرص حقيقية للعطاء

يمكن للأسرة أن تبتكر طقوساً بسيطة، مثل تخصيص جزء من الألعاب للتبرع، أو إشراك الأطفال في زيارات لمراكز اجتماعية، أو حتى تنظيم تحديات أسبوعية داخل البيت مثل: ألطف ثلاثة أفعال هذا الأسبوع.

تنمية التعاطف عبر القصص

الحكايات وسيلة سحرية؛ عندما نقرأ للأطفال قصصاً عن أبطال ضحوا من أجل الآخرين، أو نشاهد معهم فيلماً يناقش مشاعر شخصياته، فإننا نزرع فيهم القدرة على التقمص الوجداني.

مساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره

قد يواجه الطفل مشاعر غيرة أو أنانية، وهذا طبيعي، لكن المهم أن نعلّمه كيف يعبّر عنها دون خجل، وكيف يتعامل معها بطريقة صحية، الاعتراف بالمشاعر أول خطوة نحو تجاوزها.

نصائح عملية للأمهات والآباء

  • اجعلوا العطاء جزءاً من روتين العائلة، لا مناسبة نادرة،
  • شاركوا أبناءكم الحديث عن مشاعر الآخرين واسألوهم: كيف شعر فلان في هذا الموقف؟
  • امنحوا أطفالكم حرية اختيار طريقة تقديم المساعدة، فهذا يعزز شعورهم بالمسؤولية.
  • لا تقارنوا أبناءكم بغيرهم في الكرم أو العطاء، فلكل طفل وتيرة نموه الخاصة.
  • اجعلوا لحظات الإيثار مصدر فرح جماعي في البيت، لا مجرد واجب.