ما الفرق بين القسوة والحزم في التعامل مع طفلك؟/%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D9%88%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83/%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D9%88%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%82%D9%88%D9%86/1825748-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B2%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84
توقفي عن الصراخ والقسوة للطفل
إذا كانت الأم تصرخ طيلة الوقت على طفلها وتتبع معه أسلوب الصوت المرتفع والغاضب، وإلقاء الأوامر أيضاً والأمر والنهي، وعلى الرغم من ذلك فهي تستغرب لأن طفلها لا يطيعها ولا يسمع كلامها؛ فهي تستخدم من الأساس أسلوباً خاطئاً في التربية، وهو ليس أسلوباً تربوياً على الإطلاق على الرغم من أن الصراخ هو الأسلوب المتبع في معظم البيوت. من الضروري أن تعرف الأم متى تكون حازمة مع طفلها؛ لكي يسمع كلامها وفي الوقت نفسه لكي ترسخ لديه مبادئ تربوية مهمة منذ صغره، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك"، في حديث خاص بها؛ المرشد التربوي عارف عبد الله، حيث أشار إلى ما الفرق بين القسوة والحزم في التعامل مع طفلك، وحيث إن الحزم يختلف تماماً عن القسوة والصراخ وما يؤديان إليه في هدم العلاقة بينك وبين طفلك في الآتي.
ما أضرار القسوة على الطفل؟
طفل متوتر
اعلمي أن اعتقادك بأن القسوة عن طريق الصراخ ورفع الصوت هو وسيلة ناجحة لعقاب الطفل وإجباره على سماع كلامك، بحيث تعتقدين أن صراخك ورفع صوتك عليه سوف يجعله يتوقف عن التصرفات والسلوكيات التي تكررين نهيه عنها دون فائدة؛ فتلجأين إلى الصراخ ورفع صوتك الغاضب، والنتيجة أن الطفل سيعتاد صراخك، وفي الوقت نفسه فهو لن يتوقف عن هذه التصرفات.
اعلمي أن الصراخ في وجه الطفل يؤثر في مستوى هرمونين مهمين في جسمه وحيث إن الصراخ في وجه الطفل مباشرة مع التحديق في وجهه بغضب وانفعال يؤدي إلى اضطراب في هرموني الكورتيزول والأدرينالين، وهذان الهرمونان يُعَدَّان من الهرمونات التي تعمل على ضبط الانفعالات في جسم الإنسان عموماً، وفي حال حدوث اضطراب في مستويهما فيحدث ذلك تأثيراً كبيراً في وظائف جسم الطفل الحيوية، ويُصاب الطفل ببطء النمو نتيجة لاضطراب هرمون النمو لديه إضافة إلى إصابة الطفل بضيق التنفس وارتفاع في ضربات القلب، وقد يؤدي ذلك لمخاطر تهدد حياته، وقد رُصدت حالات توقف قلب مفاجئ عند الطفل بسبب الصراخ المباشر عليهم.
مفهوم الحزم مع الأطفال
أم تصرخ في طفلتها
اعلمي أن هناك فرقاً بين الصراخ والحزم في التعامل مع الطفل؛ أي الفرق بين القسوة والتربية، وحيث إن الحزم في التربية مع الطفل يعني أن يكون صوتك حازماً وصادراً من منطقة مشاعر واهتمام بالطفل؛ ما يساعد على خلق حدود محددة معه ويشعر الطفل بأن الكبار جادون في الحفاظ على سلامته، وفي الوقت نفسه فالحزم يشعر الطفل بأن الوالدين حريصان على العلاقة معه وأن أسلوب التعامل الحازم لا يؤثر في هذه العلاقة.
لاحظي أنه يجب أن تكوني أماً حازمة في تعاملك مع طفلك، ولكن ليس معنى الحزم أن تكوني أماً قاسية أو تقومي بضرب الطفل باستمرار في حال عدم سماعه لأوامرك؛ لأن ضرب الأطفال له الآثار الضارة والبدائل الفعالة، ويجب أن تعرفي أن هذه البدائل، هي بدائل ناجحة تربوياً وتتدربي عليها، وفي الوقت نفسه أيضاً يجب ألَّا تكوني متهاونة معه؛ فمثلاً هناك بعض الأمهات اللواتي يطلبن من الطفل أمراً محدداً معيناً، ولكنها بعد دقائق وحين ترى طفلها يبكي فهي سرعان ما تغير الأمر وتقوم باحتضان الطفل وتقوم بتقبيله وتدليله لكي ترضيه وتنسى ما طلبته منه تماماً، وكل ذلك تفعله بدافع الحب وغريزة الأمومة، ولكنها لا تعرف أنها سوف تحول طفلها بهذه الطريقة إلى طفل عنيد ومتمرد ولا يحترم أمه؛ لأنه سوف يتوقع كل مرة أنها لن تكون جادة في تعليماتها.
ضعي منذ صغر طفلك قوانين ثابتة في البيت بحيث يتبعها الكبير أولاً، وبالتالي لن يجد الطفل أي فرصة لكي يتملص منها، وتذكري أن الطفل يتعلم حين يرى تصرفات الكبار، أما أن تضعي قوانين مزدوجة أو يكون هناك لديك تذبذب في القرارات؛ فيعني أن يستهتر الطفل بغضبك وصراخك ولا يقدر نتيجة عدم إطاعة الأوامر، ولا يهتم أيضاً باتباع قوانين الأسرة بسبب ما يراه منك من عدم جدية أو بسبب لمسه للاستهتار في البيت، بل يجب أن يكون منذ أن يفتح الطفل عينيه على الحياة كل شيء منظماً وحازماً؛ لكي تسير الأسرة دون مشاكل نفسية أوسلوكية لدى الأطفال.
اتبعي بعض الأمثلة على الحزم مع طفلك، يمكنك أن تقومي بها وتنفذيها معه، وسوف تؤتي بنتائج جيدة، ومنها مثلاً أن تقولي له: لن أتركك تقطع الشارع دون أن أمسك بيدك، لن تأكل أكثر من قطعة حلوى، لن تنام قبل أن تحل الواجب وتغسل أسنانك، وهكذا. وابتعدي عن أسلوب الصراخ والقسوة الصارمة مثل أن تقولي له اغسل أسنانك وإلا فسأضربك.
بدائل تربوية عن القسوة في التعامل مع طفلك
التعامل مع الأبناء
اهتمي بأن تكوني دائماً قدوةً لطفلك؛ فعندما تضبطين أعصابك وتُخفضين من نبرة صوتك في أثناء تعاملك مع الآخرين أمامه، سواء زوجك أو المحيطين بك؛ فسوف يكون طفلك مثلك، ولن يقوم بتصرفات استفزازية، وسوف يستمد الهدوء والانضباط النفسي منك بوصفك أماً يراها قدوته ونموذجه الأول في الحياة.
توقفي عن إسقاط وسحب ما تتعرضين له من ضغوط نفسية واجتماعية على طفلك؛ لأنه كائن صغير وبريء ولا يستحق أن يكون مخزناً لتفريغ ما تتعرضين من ضغوطات، كما أنه بحاجة لكي ينشأ في بيئة صحية سليمة، وليس له ذنب بما يدور حوله من مشاكل، وعليك أن توفري له هذه البيئة، وتبعديه عما يحرمه من الاستمتاع بطفولته.
تجنبي تماماً استخدام أسلوب العقاب بوصفه وسيلة لتأديب الطفل؛ لأن الضرب وسيلة فاشلة، وكذلك أي عقاب غير تربوي فيجب أن تعرفي كيف تعاقبين طفلك بطريقة صحيحة حسب عمره؟ فهناك أمهات يستخدمن طرقاً خاطئة مثل القيام بشتم الطفل أو حرمانه من الخروج وحبسه، وعليك أن تشرحي له أسباب غضبك بشكل لائق وبكل هدوء، ولا تتوقفي عن توفير جلسات صفاء بينك وبينه، بحيث تساعدينه على التفريغ النفسي معك، وبحيث تكونين صديقته الأولى التي يبوح لها بكل ما يشغله.
ابتعدي عن ازدواجية القرارات والانفعالات؛ فلا تعاقبي طفلك وتصرخي في وجهه على خطأ ما ثم تقومين بتجاهل التعليق على الخطأ نفسه في اليوم التالي، ففي هذه الحالة لا يعرف الطفل الفرق بين الخطأ والصواب، وعليك أن تُنبهي طفلك للخطأ بمجرد أن يرتكبه، ولكن لا تتصيدي له الأخطاء؛ فهو ليس ملاكاً وأنت لست مصفاة تقوم بتصفية أخطاء الآخرين، لأن الجميع يكون معرضاً للخطأ، والمهم هو عدم تكراره.
علمي طفلك ثقافة الاعتذار حين يخطئ؛ لكي لا تضطري للصراخ عليه طيلة الوقت، كما يجب أن تعتذري له حين تصرخين في وجهه بلا داعٍ وبسبب ما تشعرين به من ضغوط ومن مسؤوليات؛ فلا يمكن أن تحولي طفلك إلى مكب ووعاء لتفريغ لمشاعرك السلبية، بل على العكس من ذلك تماماً يجب أن تُبعديه عن كل مشاكلك وتقدري أنه يعيش أجمل أيام حياته.
حاولي أن تبرزي حبك لطفلك بكل الطرق؛ لأن غمر الطفل بالحب والحنان يقوي شخصيته، ويُعزز ثقته بنفسه، ويزيد من إحساسه بكرامته، وينشأ الطفل بشخصية قوية غير مهزوزة ولديه أحلامه وطموحاته؛ لأنه يجد نفسه في بيئة حاضنة ودافعة.
اعتذري لطفلك في حال قيامك بالصراخ عليه، واشرحي له دوافع ذلك، واقطعي على نفسك عهداً ووعداً أمامه بألا تكرري هذا الفعل؛ لأن الطفل حين يراك مستاءة من صراخك عليه سوف يخجل من أن يغضبك ثانية، وسوف يتوقف عن الأفعال السيئة التي تُثير غضبك؛ فهو حريص على رضاك في المقام الأول، لأنك بالنسبة له كل عالمه، ويهمه أن يراكِ سعيدةً.