حدث ويحدث أنه في إحدى أمسيات الشتاء الهادئة، تجلس الحامل على أريكتها، تضع يديها على بطنها المستدير، وتقرأ بصوت خافت قصة قصيرة لطفلها الذي لم يولد بعد، وبجانبها جلس زوجها وهو يعزف على البيانو مقطعاً بسيطاً يكرره برقة.
فجأة، تبتسم الأم بعدما شعرت بحركة صغيرة في رحمها، وكأن الجنين يستجيب لهذه الأجواء الموسيقية الدافئة، ثم أخذت تسأل: هل يسمعني حقاً؟ وهل يمكن أن يتأثر بما أقرؤه أو يسمعه من موسيقى؟ هنا يجمع الخبراء على أنك تصنعين ذاكرة صوتية للطفل قبل أن يولد، وهذا شيء جميل ورهيب.
اللقاء والدكتورة ياسمين السيد إسماعيل أستاذة طب الأطفال، والتي أضافت: عفواً هذه القصة ليست خيالاً كاملاً، وتحدث فعلياً وسط بعض العائلات، بالتقرير نتعرف إلى تأثير القراءة وسماع الموسيقى على الجنين في نقاط محددة.
الأمومة تواصل عاطفي وعقلي بالجنين

الأمومة ليست فقط تغذية ورعاية جسدية للجنين، بل هي أيضاً تواصل عاطفي وعقلي يبدأ قبل الولادة، والقراءة والغناء والاستماع إلى الموسيقى الهادئة ليست مجرد أنشطة ترفيهية، بل هي جسر يربط الأم والأب بجنينهما، ويساعد على خلق بيئة آمنة ودافئة تترك أثرها في شخصية الطفل مستقبلاً.
قد لا نتخيل أن جنيناً صغيراً في رحم أمه قادر على التفاعل مع الأصوات، لكن العلم اليوم يخبرنا أن تلك اللحظات الصغيرة؛ قصة تُروَى، أغنية تُغنَى، أو مقطوعة موسيقية تُعزَف، قد تكون أول بذور الذكريات التي يحملها الطفل معه إلى العالم.
غشاء الجنين الذي يخرج عند الولادة... تعرفي إلى التفاصيل بالتقرير
1-الموسيقى والقراءة استثمار مبكر في روح الجنين

الأمومة ليست فقط تغذية ورعاية جسدية للجنين، بل هي أيضاً تواصل عاطفي وعقلي يبدأ قبل الولادة، فالقراءة، الغناء، والاستماع إلى الموسيقى الهادئة ليست مجرد أنشطة ترفيهية، بل هي جسر يربط الأم والأب بجنينهما، ويساعد على خلق بيئة آمنة ودافئة تترك أثرها في شخصية الطفل مستقبلاً.
قد لا نتخيل أن جنيناً صغيراً في رحم أمه قادر على التفاعل مع الأصوات، لكن العلم اليوم يخبرنا أن تلك اللحظات الصغيرة -قصة تُروى، أغنية تُغنى، أو مقطوعة موسيقية تُعزف- قد تكون أول بذور الذكريات التي يحملها الطفل معه إلى العالم.
2-القراءة والموسيقى تُطوران جهاز الجنين العصبي

عندما تستمع الأم للموسيقى الهادئة، فهي لا تستمتع وحدها فقط؛ بل يشاركها الجنين هذه اللحظات؛ حيث أظهرت أبحاث حديثة أن معدل ضربات قلب الجنين يصبح أكثر انتظاماً عند التعرض لألحان موسيقية كلاسيكية أو هادئة، مما يشير إلى دعم تطور الجهاز العصبي وتنظيمه، وهذه الاستجابة ليست مجرد حركة عابرة، بل قد تكون مؤشراً على أن الدماغ والجهاز العصبي للطفل يتدربان مبكراً على التعامل مع المحفزات الخارجية.
3-الموسيقى وسيلة لتعليم اللغة للجنين

الإجابة "نعم"، فسماع الموسيقى وتكرار صوت الأم المميز يمهدان لمستقبل الطفل اللغوي؛ فقد أظهرت دراسة حديثة أن الأطفال الذين تعرّضوا يومياً لموسيقى محددة خلال فترة الحمل، أظهروا قدرة أعلى على التمييز بين أصوات الحروف بعد الولادة.
وقد تساعد الموسيقى على تهيئة الدماغ للتعامل مع الأصوات اللغوية، وهو ما ينعكس لاحقاً في سهولة اكتساب اللغة والتفاعل مع الكلمات.
4-استجابة الجنين تصنع له ذاكرة صوتية مبكرة
الجنين لا يكتفي بسماع الأصوات، بل يبدأ أيضاً في تخزينها في ذاكرته المبكرة، فقد لوحظ أن الأجنة الذين اعتادوا على سماع مقطوعة موسيقية معينة، أظهروا بعد الولادة استجابة خاصة عندما تُعاد المقطوعة نفسها، يصاحبها زيادة الحركة أو تغير في ضربات القلب.هذا يعني أن الطفل يكوّن بالفعل ذاكرة صوتية داخل الرحم، مما يجعل صوت الأم أو أغنية معينة رمزاً للأمان والطمأنينة بعد الولادة.
5-القراءة والغناء تعطيان الراحة للأم وللجنين معاً
القراءة للجنين ليست مجرد طقس عاطفي، بل تحمل فوائد نفسية وعاطفية واضحة؛ فالأم التي تقرأ أو تغني لطفلها تقلل من مستويات القلق والتوتر لديها، وهو ما ينعكس إيجاباً على هرمونات الجسم وعلى بيئة الحمل بشكل عام.الأصوات المألوفة، مثل صوت الأم وهي تروي قصة، تمنح الجنين شعوراً بالاستقرار، وعند ولادته، يتعرف الطفل بسرعة إلى هذا الصوت، فيهدأ حين يسمعه، مما يعزز التواصل العاطفي المبكر بين الأم وطفلها.
بداية السمع الجنيني وأهمية التواصل المبكر

يبدأ الجنين بسماع الأصوات حوالي الأسبوع السادس عشر من الحمل، لكنه بحلول الأسبوع الرابع والعشرين يصبح قادراً على التفاعل مع العالم الخارجي عبر الأذن الصغيرة التي بدأت تنضج.
من قبل كان الجنين يستمع إلى دقات قلب الأم، أصوات أمعائها، صوتها وهي تتحدث أو تغني، وكل هذه الأصوات تُشكّل أول بيئة سمعية له، ولذلك فإن القراءة بصوت مسموع، أو الغناء، أو حتى الاستماع لموسيقى هادئة يمكن أن يساعد في تنمية حاسة السمع بشكل صحي.
الأب شريك في صناعة الذاكرة الصوتية
غالباً ما يُركز الحديث على الأم ودورها في التواصل مع الجنين، لكن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن مشاركة الأب أيضاً في القراءة أو الغناء للجنين تترك أثراً مهماً.الأطفال الذين يتعرضون بانتظام لأصوات آبائهم منذ الحمل يستجيبون بشكل أسرع لتلك الأصوات بعد الولادة، ما يساهم في تعزيز الترابط الأسري المبكر.
وبذلك، يصبح صوت الأب جزءاً من ذاكرة الطفل الأولى، تماماً كما هو الحال مع صوت الأم، وهذا يعني أن المشاركة البسيطة، مثل قراءة قصة قصيرة أو ترديد أغنية مفضلة، يمكن أن تترك أثراً طويل المدى في علاقة الأب بطفله.