من الضروري وبمناسبة اليوم عالمي للغة العربية أن نُعنى نحن الأمهات بتقدير هذه اللغة لأنها لغة مميزة ولها الكثير من الخصائص التي لا تمتلكها لغات أخرى حول العالم، ومنها أنها اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف الضاد، ولذلك يُطلق عليها أنها لغة الضاد.
بناء على أهمية تعلم اللغة العربية وقواعدها كان من المهم الإشارة إلى ضرورة ألا تقع الأمهات الحوامل أولاً والمرضعات تالياً في خطأ كبير، وهو الحديث مع الأجنة والمواليد لاحقاً بلغة غير سليمة، فمثلاً تعتاد الأم أن تتحدث مع الطفل وحتى سن دخول المدرسة بما يُعرف بلغة الببغاوات، وهي اللغة الطفولية غير المفهومة، وهذا خطأ كبير يضر لغة وسلوك الطفل لاحقاً؛ ولذلك التقت "سيدتي وطفلك" وفي حديث خاص بها بالدكتورة زهراء نور الدين؛ استشارية طب الأسرة، حيث أشارت إلى -بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية- أهمية التواصل مع الجنين بلغة عربية سليمة، وكذلك التواصل بها في مراحل الطفولة والمدرسة. وفي الآتي:
أهمية الحديث بلغة عربية سليمة مع الجنين

- اعلمي أن الأبحاث التي أجريت على مدار سنوات سابقة قد أشارت إلى أن حاسة السمع لدى الجنين تتطور أثناء وجوده في رحم الأم، بمعنى أنه لا يكون مجرد كتلة صماء في رحمها، كما أن الجنين يستطيع أن يميز ويتعرف إلى صوت الأم أولاً، ثم يستطيع أن يعرف صوت الأب، ويتأثر الجنين لاحقاً ومع تطور نموه بما يسمعه من أصوات ومؤثرات في الخارج، فيتأثر حين يسمع بكاء الأم ويبكي مثلها، ويتأثر أيضاً حين تفرح وتضحك فيشعر بالسعادة، ويعبر عن سعادته مثلها بزيادة حركته في رحمها بالركل المتواصل بقدميه الصغيرتين لجدار الرحم وهذا ما تشعر به الأم.
- لاحظي أنه وبناء على ما توصل إليه العلماء حول تأثر الجنين وسماعه لما يحدث في الخارج، فقد اعتبروا أن مرحلة الحديث الهامس من الأم مع الجنين منذ بداية مرحلة الحمل هي مرحلة هامة، لا يجب تجاهلها، فقد أصبح هناك الكثير من العلماء الذين يصرون على احتساب الفترة الزمنية التي يقضيها الجنين في رحم أمه، وهي ثلاثة أرباع السنة أي التسعة أشهر على أنها من ضمن ما يجب أن يحتسب من عمر الإنسان الزمني؛ لأن الجنين في هذه المرحلة يكتسب خبرات مثلها مثل مرحلة ما بعد الولادة، والتي يتم فيها الاحتكاك الفعلي والاختلاط بالعالم الخارجي.
- استغلي فترة الحمل بالحديث مع الجنين بلغة عربية سليمة جيدة، ويمكن أن تفعلي ذلك من خلال الغناء للجنين وحكي الحكايات له بلغة عربية سليمة، والبُعد عن اللهجات العامية وكذلك لغة الببغاوات غير المفسرة، والتي تؤدي إلى تأخر نطق الطفل، وكذلك يجب أن تهتمي بقراءة القصص التراثية التي تربينا عليها وتوارثناها أباً عن جد؛ لأنها تصبح جزءاً من الموروث الشعبي الذي سوف ينقله الطفل حين يكبر للجيل التالي وهكذا.
شروط الحديث مع الجنين
- اهمسي لجنينك همساً، ولا تتحدثي معه بصوت مرتفع على الإطلاق بل اهمسي له بلغة عربية سليمة؛ لأن الجنين يحب الخصوصية ، وحسب الدراسات منذ أن يكون في الرحم وحتى يبلغ سن 15 سنة؛ حيث يتأثر بكل تصرفاتك ويعتبرك ملكاً خالصاً له.
- استغلي سن ما قبل عمر السبع سنوات من أجل تعليم الطفل وتثبيت وتعزيز سلوكيات وخبرات؛ حيث أثبتت الدراسات التربوية أن أقوى وأسرع فترة عمرية يتم فيها برمجة للعقل اللاواعي عند الطفل تتم ابتداء من سن الولادة وحتى سن سبع سنوات.
- كرري العبارات الإيجابية التي تحبين أن تثبتيها عند الطفل لمدة ثلاث دقائق كل مرة وذلك لمدة 14 يوماً متتالياً، وذلك من أجل الحصول على نتائج رائعة تستمر مع الطفل مدى حياته؛ حيث إن هذه الطريقة تساعد على تقبل الطفل لها وتُعوده عليها وممارسته لها بطريقة عملية.
أهمية الحديث بلغة عربية سليمة في سنتي المهد

- اعلمي أنه يفيد الحديث مع الطفل بلغة عربية سليمة في مرحلة ما قبل عمر السنتين بحيث يجب أن تلفظ الأم الحروف ومخارجها الصحيحة، كما تلفظها حين تتكلم مع الكبار، وتسمي كل الأشياء الجامدة والحية بمسمياتها، فمثلاً تسمي الماء بالماء فقط ولا شيء غير ذلك، فلا يجوز وعلى سبيل التدليل أو إظهار الفرح والابتهاج بتقدم نمو الطفل أن تخترع الأم لغة غريبة يمكن أن تُلازم لسان الطفل، وتؤدي لتأخر نموه من كل الجوانب وهو النمو العقلي والسلوكي والإدراكي، بل يجب على الأم وبكل وضوح وإصرار أن تتكلم مع طفلها وعلى صغر سنه بلغة عربية سليمة الألفاظ، وأن تكون الألفاظ كاملة دون اختصارات في استخدامها مع سياق الحديث مع الطفل، بل يفضل أن تلفظ الأم الكلمة كاملة، مع الإشارة بيدها نحو مسماها مثل الإشارة إلى الماء؛ لكي تسهل على الطفل أن يستوعب ويفهم اللفظ وربطه بمعناه سواء كان اسماً أم فعلاً.
- اعلمي أن الحديث مع الطفل خلال سنتي المهد يسهم بشكل كبير وفعال في رفع معدل ذكاء الطفل، ويلاحظ أن الأطفال الذين يتحدث معهم ذووهم بلغة عربية صحيحة يحصلون على درجات أعلى في مختلف اختبارات الذكاء، كما أن سماع الطفل المبكر لكلمات صحيحة وليس "لغة الأرانب أو لغة الببغاوات" كما يُطلق عليها أي اللغة المختصرة غير المفهومة يحفز من ذكاء الطفل، ويعزز من قدراته العقلية ويزيد من قدرة الطفل على استخدام يديه؛ لكي يلتقط الأشياء بدافع الفضول؛ لأنه أصبح يعرف مسمياتها الصحيحة، فقد لوحظ ومن خلال متابعة سلوك العديد من الأطفال أن الطفل يلتقط الأشياء ولا يتركها بسهولة، ويقبض عليها بقبضته الصغيرة بصورة أفضل حين يتعرف إلى اسمها ويتم ترديد الاسم صحيحاً على مسامعه، ولذلك يخبرك العلماء بأن الحديث المستمر بلغة سليمة مع الطفل يجعل عقل الطفل يتنفس بدلاً من الارتباك الذي يحدث لديه في عقله حين يسمع أكثر من لهجة أو يسمع طريقة في الكلام معه، تختلف عن طريقة الكبار في الحديث مع بعضهم البعض.
أهمية الحديث مع الطفل بلغة سليمة في مرحلة المدرسة
- لاحظي أن الحديث مع الطفل بلغة عربية سليمة المخارج والألفاظ وحين يصبح في سن المدرسة، سوف يسهم بدور كبير في علاج الطفل من مشكلة هامة تواجه الكثير من الأمهات وهي مشكلة التبول الليلي عند الطفل، أي السلس البولي أو التبول اللاإرادي الذي تكون غالبية أسبابه ليست مرضية أو عضوية، بل لأسباب نفسية ناتجة عن تعرض الطفل لمؤثرات نفسية مثل شعوره بالغيرة أو سخرية الكبار والمحيطين به من طريقته في الكلام بسبب مشاكل النطق المعتادة كالتلعثم مثلاً.
- توقعي أن يُسهم الحديث مع الطفل بدءاً من مرحلة المدرسة ووصولاً إلى مرحلة المراهقة في علاج الطفل من مشكلة الخوف سواء من الغرباء أو الذهاب إلى المدرسة، كما يمكن علاج الطفل من مشاكل النطق المختلفة مثل مشكلة التأتأة، والتي غالباً ما تكون لأسباب وعوامل نفسية.
- اعلمي أن الحديث أيضاً مع طفلك بلغة عربية ودون استخدام مختصرات أو رموز سوف يسهم في علاج غيرة الطفل من المولود الجديد في العائلة؛ لأن هذا الحديث الواضح، والذي يجب أن يكون بصوت منخفض وحنون من شأنه أن يلفت انتباه الطفل ويحوله إلى التركيز في أمور أكثر أهمية من وجود ضيف جديد في العائلة.
- توقعي أن يسهم الحديث المستمر بلغة عربية سليمة مع طفلك في حل بعض مشاكل التعلم التي تواجه الطفل في سن المدرسة، وذلك عن طريق قراءة قصيدة أو ترديد آيات قرآنية أو ترديد أيضاً جدول الضرب بشكل مبسط وممتع على مسامع الطفل؛ حيث يسهم التكرار السليم في أن تترسخ لديه المفردات العربية الخالصة الصحيحة، وتعمل على تنبيه الطفل؛ لكي يحفظها مثل أن تردد الأم بعد ترديد جدول الضرب: محمد تلميذ شاطر لأنه يحفظ جدول الضرب، وكذلك يمكن أن تنظم الأم وبكل بساطة أغنية بكلمات عربية فصيحة وليس عامية بحيث تشيد هذه الأغنية بتفوق الطفل في التحصيل والحفظ.
قد يهمك أيضاً: أفكار لتعليم الأطفال القيم والأخلاق من خلال اللعب






