دار الأوبرا في دمشق تحتفي بمئوية نزار قباني

بيروت 1970نزار قباني- Nizar Qabbani -(مصدر الصورة: AFP)
بيروت 1970نزار قباني- Nizar Qabbani -(مصدر الصورة: AFP)

نزار قباني.. هذا الاسم الشجي الذي يتطاير شذاه فى الآفاق، ويتردد صداه بالأجواء، حيث كلماته وقصائده ودواوينه تصول وتجول ما بين الأرض والسماء، وتعيش خالدة بالقلوب والصدور وما بين الأحداق، وفي ظل الاحتفال بالذكرى المئوية لميلاده، استضافت وزارة الثقافة السورية، ودار الأسد للثقافة والفنون الاحتفالية الكبرى بمئوية الشاعر الكبير نزار قباني.

• شاعر ليس له مثيل


لم يكن نزار قباني شاعرًا عاديًا أو تقليديًا، يبحر بين القوافي والأوزان، ينظم الشعر ويجدل المعنى متسربلًا بقوة البيان، بل كان متوهجًا متأججًا متفردًا، لم توقفه الحدود، ولم تتجاذبه أو تجذبه التوجهات ، بل كان شاعرًا حرًا صوته من قلبه، وقلمه من عقله، وصياغاته من عمقه الفكري والثقافي، ولم يبعد نزار بأي لحظة عن الشارع العربي بل كان لسان صدق معبر عن أفراحه وأتراحه حتى لو كان شاعر المرأة بامتياز، وخطيب الأنثى بتفرد، والمعبر عن النون بكل ما تحملها من رقة ورومانسية وضعف ولين وقوة وحنان عبر جمال لغته وبساطتها التى طالما مزج فيها بين الفصحى والعامية وهو ما أكسبه الفرداة والإبداع والمكانة التي لم يصل إليها شاعر معاصر بزمانه.

• احتفالية كبرى
-

حسب الحساب الرسمي لـ Damascus Opera House دار أوبرا دمشق عبر الفيس بوك، يتم تكريم نزار قباني والذي تربّع على عرش الشعر المعاصر، فلم تبقَ كلماته حبيسة الدواوين، بل خلّدتها الألحان وشدت بها حناجر عمالقة الغناء العربي لتصل إلى قلوب جميع العرب قصائدَ مغنّاة منظومة بحرفية مدهشة وصياغة مبهرة أثرت الساحة الثقافية والفنية العربية.
تضمنت الاحتفالية أمسيتين غنائيتين أحيتهما الفرقة الوطنية السورية للموسيقى العربية بمشاركة أصوات أكاديمية شابة على مسرح الأوبرا، فقد افتُتحت الأمسية بأول أغنية ملحنة من قصائد نزار قباني وهي قصيدة (أيظن) التي شدت بها المطربة الكبيرة نجاة الصغيرة عام 1960 ولحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب، ليستمع إليها جمهور دار الأوبرا بصوت المغنية "ديانا سعيد".
شهدت الاحتفلالية كذلك على النجاح الكبير الذي حققته ألحان كاظم الساهر التي تماهت مع كلمات نزار قباني من خلال العديد من القصائد المغناة، والتي شدى بإحداها (مدرسة الحب) على المسرح المغني "رماح شلغين".
لم تتوقف الاحتفالية عند نزار شاعر المرأة والرومانسية، بل وصلت لشاعر السياسة والوطنية، حيث شدت وأطربت المطربة الشابة "سيلفي سليمان". قصيدة (أصبح عندي الآن بندقية)، والتي تغنت بها من قبل كوكب الشرق أم كلثوم من ألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب، عقب نكسة عام 1967،والتي أدمت قلب العالم العربي بذلك الوقت.
وفي حب الشام اجتمعت كلمات نزار قباني ضمن قصيدة (موال دمشقي) مع ألحان الرحابنة وصوت السيدة فيروز، جاءت على المسرح بصوت المغنية "ليندا بيطار"، وقد اختتمت الأمسيات بـ(قارئة الفنجان) مع المغني "خلدون حناوي" والتي اشتهرت بصوت عبد الحليم حافظ لتصبح من القصائد الخالدة في الموسيقى العربية.

• أمسية تخطت حدود الغناء


لم تقتصر الاحتفالية على الطرب الأصيل والقصائد الرومانسية والوطنية، بل تخلل الحفل مقاطع فيديو تضمنت مشاهد من محطات مختلفة من حياة قباني وقصائد ألقاها بصوته.
وتأتي الاحتفالية ضمن سلسلة احتفاليات تقيمها وزارة الثقافة السورية بمناسبة مرور مئة عام على ميلاد الشاعر نزار قباني، فيما أتاحت مشاركة الأصوات السورية الشابة فرصة لإعادة تقديم أهم القصائد المغناة بأصوات قمم الغناء العربي في عصر الغناء الذهبي.

• نزار قباني

ولد نزار قباني في 21 مارس 1923 في منطقة مندزينة صيام، ونشأ في عائلة دمشقية أصيلة وقد ورث من والده توفيق قباني موهبته في الفنون الأدبية، وكذلك جاءت موهبته ميراثًا محمودًا عن جده أحمد أبو خليل القباني، الذي كان فناناً وكاتباً مسرحياً شهيراً في ذلك الوقت.
تخرج نزار عام 1945 من كليّة الحقوق والتحق بوزارة الخارجية السوريّة، وعمل دبلوماسيًا، ثم تفرغ لكتابة الشعر ونظمه بعد ان استقرَّ في لبنان بالعام 1966, حيث أسس دار نشر خاصة تحت اسم «منشورات نزار قباني.
توفي قباني في 30 أبريل 1998، مخلفًا إرثًا كبيرًا من القصائد والأشعار الرائعة والتي غيرت كثير من مفاهيم الحب والرومانسية والمرأة والحرية بالأدب العربي.