مع تغيُّرِ كثيرٍ من المفاهيمِ المتعلِّقةِ بالسفر في الأعوامِ الأخيرة، يُلاحَظُ أن الإقبالَ على بيوتِ الضيافةِ للإقامةِ في الوجهةِ السياحيَّةِ المقصودة، يلقى شعبيَّةً كبيرةً حالياً، بهدف التعرّفِ عن كثبٍ إلى الثقافةِ المحلّيةِ والغوصِ فيها، فإذا أقامَ السائحُ في بيتِ ضيافةٍ جبليٍّ، سيتقرب من عادات السكانِ ويتناولُ أغذيةً عضويةً كما سيتّصل بالطبيعةِ البكرِ. أمّا في المدينة، فتسمحُ بيوتُ الضيافةِ من خلال أصحابِها بعيشِ تجربةِ المحلّيين، كما زيارةِ معالمٍ غيرِ مطروقةٍ. إشارةً إلى أنّ الإقامةَ في بيوتِ الضيافةِ تُشعِر السائحَ وكأنّه في منزلِه.
تصوير : فاتشيه أباكليان
تُوفِّر الإقامةُ في بيوتِ الضيافةِ للسائحين الغوصَ في ثقافةِ الوجهاتِ المقصودة، وعيشَ تجاربَ محليَّةٍ، وتخزينَ ذكرياتٍ، والخوضَ في أحاديثَ مثمرةٍ. في هذا الإطار، تطَّلعُ «سيدتي» من ليال الزعتري، المعروفةِ بـ Layal The Guide في وسائلِ التواصلِ الاجتماعي، وهي ناشطةٌ ومدوِّنةٌ، تُركِّز على السياحةِ الداخليَّةِ في لبنان، على مفهومِ بيوتِ الضيافة، وسببِ تصدُّرها «ترند» السياحةِ والسفر أخيراً.
تقولُ الزعتري عن هذه الوجهات: «بيتُ الضيافة، يعكسُ ثقافةَ البلد، ليس فقط لناحيةِ الديكورِ الداخلي، والعمارةِ الخارجيَّة، بل وأيضاً لناحيةِ الخدمةِ المحليَّة، إذ يُقدِّم صاحبُ(ة) المكانِ، أحياناً، وجبةَ الفطورِ بنفسه للنزلاء، ويحرصُ على أن تحتوي على أطباقٍ محليَّةٍ، ومكوِّناتٍ طازجةٍ». وتضيفُ: «تمركزُ بيتِ الضيافةِ في منطقةٍ سياحيَّةٍ أثريَّةٍ، أو تراثيَّةٍ، يدفعُ صاحبَ(ة) المكانِ إلى الشرحِ للسائحين عن طريقةِ عيش السكَّانِ في الماضي، وعن الأماكنِ المحيطةِ الجديرةِ بالزيارة. هذا مع بعضِ التوصيات».
وتلفتُ المدوِّنةُ إلى أن «بيوتَ الضيافة، تختلفُ في تصاميمها، وطرقِ تزيينها حسبَ المناطق التي تقعُ فيها، إن كانت مطلَّةً على البحرِ، أو متمركزةٍ في الجبال، أو حتى في المدن، مع الحرصِ من أصحابها على الاهتمام بديكوراتها الداخليَّة، ليبدو كلُّ ركنٍ فيها جديراً بالتصوير».
وعن سببِ إقبالِ السائحين الملحوظِ على الإقامةِ في هذه البيوت، خاصَّةً في لبنان، تُرجِعُ الزعتري الأمرَ إلى المؤثِّرين في مواقعِ التواصلِ الاجتماعي، «فهؤلاء اختبروا هذه التجربةَ بأنفسهم قبل أن ينقلوها عبر الصورِ، ومقاطعِ الفيديو، ما يُشجِّع بعض السائحين على عيشِ هذه التجربة، بدورهم، لا سيما بعد التسويقِ لها بطريقةٍ جذَّابةٍ».
تفاصيل عن الإقامة في بيوت الضيافة

تمنحُ بيوتُ الضيافةِ مرونةً للسائحين، خاصَّةً إذ كانت إقاماتهم طويلةً، إذ يحتوي الواحدُ منها على مطبخٍ، وأدواتٍ ضروريةٍ مثل الغسَّالة، عكسَ الفنادقِ حيث تتوفَّرُ هذه الخدماتُ مقابلَ مبلغٍ مالي إضافي، حسبَ الزعتري، التي تتابعُ: «هي تُوفِّر للنزلاءِ، كذلك، بمساحاتها الواسعةِ، الشعورَ بالراحةِ، فهذه البيوتُ، ليست عبارةً عن غرفةٍ مغلقةٍ، بل إن بعضها مزوَّدٌ بحديقةٍ، أو مسبحٍ، أو حوضِ جاكوزي خاصٍّ، وهو ما يُفضِّله السائحون الباحثون عن الاسترخاءِ خلال الصباحِ، أو قبل الخلودِ إلى النوم، وحتى في النهار».
وتُركِّز المدوِّنةُ على سهولةِ حجز بيتِ ضيافةٍ عبر شبكةِ الإنترنت، إلى جانبِ إمكانيَّةِ تخصيصِ الخدمةِ بعد التواصلِ مع صاحبِ(ة) المكان، علماً أن التواصلَ مع صاحبِ بيتِ الضيافة مباشرةً، يُسعِدُ النزلاء، ويُشعِرُهم بالراحة. وتُلاحِظُ أن «الخصوصيَّةَ أمرٌ مهمٌّ، يبحثُ عنه النزلاءُ في بيوتِ الضيافة».

وتذكرُ الزعتري: «في إطارِ السياحةِ الداخليَّة، يُفضِّل أهلُ البلد، بدورهم، الإقامةَ في بيوتِ الضيافة عند زيارةِ قريةٍ، أو مدينةٍ، لا سيما إذا كانوا مجموعةً من الأصدقاءِ من فئةِ الشبابِ للاستفادة من الحديقةِ للشواء، أو إقامةِ حفلةِ خطوبةٍ، خاصَّةً في عطلةِ نهايةِ الأسبوع».

نصائح لحسن اختيار بيوت الضيافة

وتُقدِّم المدوِّنةُ نصائحَ لاختيارِ بيتِ الضيافةِ المناسب، وهي:
- التأكُّدُ من الموقعِ، وسهولةِ توفُّرِ وسائلِ النقل منه، والقربِ من المعالمِ والمطاعمِ والمقاهي، أو المتاجرِ التي تبيعُ احتياجاته اليوميَّة، لكنْ يختارُ بعض السائحين بيوتَ ضيافةٍ، تقعُ في أماكنَ منعزلةٍ وسطَ الجبلِ للاسترخاء.
- الانتباه إلى شروطِ إلغاءِ الحجز.
- قراءةُ التفاصيلِ عن المكان إذا كانت كلُّ غرفةٍ، تضمُّ حمَّاماً، ومطبخاً خاصاً، أو إذا كان الأخيرُ مشتركاً.
- الاطِّلاعُ على تعليقاتِ الذين قصدوا بيوتَ الضيافة.
- التحقُّقُ من الخدماتِ التي سيحصلُ النزيلُ عليها.
- التحقُّقُ من السعر، ومقارنته بأمكنةٍ أخرى، أو بالفنادق، علماً أن تكلفةَ الإقامةِ في بعض بيوتِ الضيافة، تكون باهظةً.
- الاطِّلاعُ على القواعدِ التي يضعها صاحبُ بيتِ الضيافة إذا كانت تُناسبه.
- التحقُّقُ من أوقاتِ الدخولِ والمغادرة.
ما رأيك بالاطلاع على ماهو الهوستيل؟

أجواء عائلية في بيوت الضيافة

خلال زيارةِ «سيدتي» Beit Tamanna للضيافةِ بشارعِ الجميزة في بيروت، العاصمةِ اللبنانيَّة، كان لنا لقاءٌ قصيرٌ مع داليا الفيل، وهي صاحبةُ بيتِ الضيافةِ المذكور، التي أوضحت، أن هذا المكان أوَّلُ بيتِ ضيافةٍ في لبنان، يعودُ ريعه إلى جمعيَّةِ «تمنى» التي تأسَّست عامَ 2005، لتُحقِّقَ أحلامَ الأطفالِ الذين يعانون من أمراضٍ مزمنةٍ.
المكانُ، يتألَّفُ من ثماني غرفِ نومٍ، واللافتُ فيها أن كلاً منها مصمَّمٌ من قِبل مهندسٍ مختلفٍ، وضعَ رؤيته في الغرفة. وسجَّلت داليا خلال حديثها، أن هناك إقبالاً كثيفاً على الإقامةِ في Beit Tamanna، مبينةً أنه يهدفُ إلى جعلِ الضيوف، يشعرون وكأنَّهم في منزلهم، ويُسهم في ذلك موقعُ المنشأةِ الاستراتيجي في قلبِ العاصمة، وقربُه من المعالمِ السياحيَّةِ وأشهرِ المطاعم. وتختتمُ: «السائحُ الذي يختارُ الإقامةَ في بيتِ ضيافةٍ، بصورةٍ عامَّةٍ، ينعمُ بمعاملةٍ شخصيَّةٍ مميَّزةٍ من أصحابِ المكان، لذا يشعرُ بالحميميَّةِ، والدفء، والأجواءِ العائليَّة».

يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال الرابط.