mena-gmtdmp

في اليوم العالمي للتصميم.. المهندسة اللبنانية مايا ترك: أحلم بألّا يفارقني الشغف

مايا ترك، مهندسةُ ديكورٍ داخلي، ومستشارةٌ فنيَّةٌ، وأمٌّ لمراهقٍ وفتاتَين توأمٍ تصغرانه، وهي لبنانيَّةُ الجنسيَّة، تعيشُ، وتعملُ في بيروت. في زيارةِ «سيدتي» إلى شقَّتها المُجاورةِ للبحر، راقت لنا مجموعتُها من اللوحاتِ والمنحوتاتِ التي اقتنتها بدرايةٍ، وتحملُ تواقيعَ فنَّانين لبنانيين وعربٍ وأجانب من أجيالٍ مختلفةٍ، وأرجعتنا إلى الفكرةِ القائلةِ: إن العملَ الفنِّي ليس جميلاً، لأنه كذا وكذا، بل لأنه خارجُ المعقولِ. تنظرُ المهندسةُ مايا، الحالمةُ، والمفتونةُ بالجماليَّاتِ إلى مهنتها بعينِ الشغفِ، وتعتقدُ أن الفنَّ والتصميمَ، يتداخلان. المزيدُ عن نظرةِ ترك التصميميَّة والفنيَّة لمناسبةِ اليومِ العالمي للتصميم، ودورُ الخيالِ والأحلامِ بمسيرتها في السطورِ الآتية.

تصوير: فاتشيه أباكليان 

 

بيئة حاضنة

مايا ترك، جالسة أمام لوحة زيتية، بتوقيع الفنان الأرميني مارات مارغاريان، بعنوانFull of Life
زوجان من المنحوتات للفنان اللبناني بسام كيريلوس
لوحة للفنان M. Cavalcanti بعنوان Urban Calligraphy

بين الفنِّ، والتصميمِ الداخلي إلى أي منهما تنتمين، أو لنقل إنك تميلين أكثر؟

الفنُّ، والتصميم الداخلي عنصران متكاملان. الفنُّ يدخلُ عالمَ التصميمِ الداخلي، ليُعطيه إحساساً وهويَّةً، فيما يمنحُ التصميمُ الداخلي الفنَّ بيئةً حاضنةً، تجعله «يلمعُ» ضمن مساحةٍ مدروسةٍ.

ترجمة أحلام الناس

البيتُ الجديدُ، أو المجدَّدُ، هو بمنزلةِ حلمٍ لمالكيه، هل تعتقدين أنكِ في جانبٍ من مهنتكِ تُحقِّقين أحلامَ الآخرين؟

البيتُ، ليس مجرَّد جدرانٍ، وقطعِ أثاثٍ فقط، إنه أيضاً انعكاسٌ لحلمِ مالكه، وأسلوبِ حياته، وهويَّته. بصفتي مصمِّمةً داخليَّةً، أنا لا أخلقُ مساحاتٍ جميلةً فحسب، بل وأترجمُ كذلك أحلامَ الناسِ لمساحاتٍ تشبههم، وتنمو معهم.

لمتابعة ملف "سيدتي" المعد لمناسبة اليوم العالمي للتصميم في النسخة الديجيتال من المجلة، اضغطي هنا

على الصعيدِ الشخصي، ما أحلامكِ؟

أحلمُ بأن أطوِّرَ نفسي بصفةٍ مستمرَّةٍ من الناحيةِ التقنيَّة، وعبر التجاربِ الإنسانيَّةِ التي أخوضها في كلِّ مشروعٍ. أي مشروعٍ سكني، أتولَّاه، وأي مساحةٍ، أشتغلُ عليها، وأي شخصٍ، أتعاملُ معه، يضيفُ لي شيئاً، ويُغني رؤيتي التصميميَّة. أحلمُ بألَّا يفارقني الشغفُ، فطالما هناك شغفٌ، سيبقى الإبداعُ ولن ينتهي. بصدقٍ، أرغبُ في تصميمِ مساحاتٍ، تنمو مع أصحابها.

نقطة محورية في الديكور

أنتِ مقتنيةٌ للفنِّ، إلى أي حدٍّ تعتقدين أن جمع اللوحاتِ الفنيَّةِ، أو المنحوتاتِ استثمارٌ طويلُ الأمدِ، يعودُ بالفائدة؟

صحيحٌ، أنا مقتنيةٌ للفنِّ، وأعدُّ جمعَ الأعمال الفنية، سواء كانت لوحاتٍ، أو منحوتاتٍ استثماراً طويلَ المدى. الفنُّ ليس زينةً للمكانِ فقط، إنه يعكسُ أيضاً ذوقَ، وثقافةَ، ورؤيةَ الشخصِ الذي يقتنيه. كذلك، مع مرورِ الوقتِ، يمكن أن ترتفعَ قيمةُ هذه الأعمالِ الفنيَّة، لا سيما الأصيلةُ منها، والمختارةُ بعنايةٍ بشكلٍ ملحوظٍ إذا كانت موقَّعةً من فنَّانين صاعدين، أو من أسماءٍ لها وزنٌ. من خلال عملي في التصميمِ الداخلي، وفي مجالِ الاستشاراتِ الفنيَّة، ألاحظُ كيف لقطعةٍ فنيَّةٍ أن تتحوَّل من عنصرٍ بصري إلى نقطة محورية في الديكور، فتخلقُ هويَّةٍ للمكان، وتجعلُ التصميمَ الداخلي أكثر عمقاً وتفرُّداً. الفنُّ الحقيقي لا يموتُ، بل يعيشُ، ويكبرُ معنا، ويتحوَّلُ إلى إرثٍ شخصي وثقافي.

ما الفرقُ بين اقتناءِ اللوحاتِ والتزيينِ بها، وماذا عن نصائحكِ عند اختيارها؟

للوحاتِ قدرةٌ على تغييرِ إحساسِ المرءِ بالمكانِ الذي تُعتَمدُ فيه، فهي قد تحوِّلُ غرفةً باردةً إلى مكانٍ دافئ، وتُعطيها عمقاً وبُعداً شخصياً. لناحيةِ النصائح، أولاً، يجبُ أن يكون هناك شيءٌ من الاتِّصالِ بين مقتني العملِ الفنِّي وبين الأخير دون أن يرتكزَ الخيارُ على الجمالِ البصري حصراً. ثانياً، من الصحيحِ التفكيرُ في حجمِ اللوحة، ومدى تناسبها مع الجدارِ الذي سيحضنُها، علماً أن القطعَ الكبيرة، تبثُّ جرأةً وثقةً في المكانِ الذي تحلُّ فيه. ثالثاً، يجدرُ بمقتني اللوحاتِ أن يحاولَ الدمجَ بين أنماطٍ مختلفةٍ، فليس من الضرورةِ أن تنتمي مقتنياته من اللوحاتِ إلى الأسلوبِ نفسه، أو أن تكون ملوَّنةً بالألوانِ عينها. وأخيراً، يجب عدمُ إغفالِ حقيقةِ أن اقتناءَ الأعمالِ الفنيَّة، هو شكلٌ من أشكالِ الاستثمارِ طويل المدى، فالفنُّ الحقيقي، يحملُ قيمةً، تتجاوزُ اللحظة، ويبقى معك، وينتقلُ بين الأجيال.

لا وصفة جاهزة متوفرة

هل تتقيَّدين بأسلوبٍ محدَّدٍ، أم تُركِّزين على تلبيةِ شروطِ التصميم، وتقديمه بأفضلِ صورةٍ؟

أصمِّمُ مشروعاتٍ سكنيَّةً، ومساحاتٍ بطابعٍ «مودرن»، وهذا الطابعُ، يُعبِّر عن ذوقي الشخصي، ورؤيتي الجماليَّة، لكنْ في الوقتِ ذاته، لا أحبُّ تقييدَ نفسي بـ «ستايلٍ» واحدٍ، فالتصميمُ، كما أراه، ليس وصفةً جاهزةً، إنه عمليَّةُ حوارٍ بيني وبين المكانِ، واحتياجاتِ صاحبه. حتى إذا كان الطابعُ العامُّ «مودرن»، الأهمُّ بالنسبةِ لي أن أقدِّم تصميماً، يلبي حاجاتِ الحياةِ اليوميَّة بأفضل صورةٍ، وأن يحملَ لمسةً صادقةً ومتفرِّدةً.

تحدّ وفرصة

كيف تنظرين إلى مستقبلِ التصميمِ الداخلي في المنطقةِ العربيَّة؟

مستقبلُ التصميمِ الداخلي في المنطقةِ العربيَّةِ، حسبَ اعتقادي، واعدٌ جداً، لأن هناك وعياً متزايداً بأهميَّةِ التصميمِ بوصفه عنصراً جمالياً، وأسلوبَ حياةٍ، إذ أصبح هناك اهتمامٌ أكبر بالتفاصيلِ، والراحةِ النفسيَّة، والهويَّة البصريَّةِ للبيتِ، أو المكان مهما كانت وظيفةُ الأخير. من الجميلِ أننا نعيدُ احتضانَ عناصرَ من تراثنا وثقافتنا، لكنْ بروحٍ معاصرةٍ، وهذا المزجُ بين الأصالةِ والحداثة، هو التحدِّي والفرصةُ في آنٍ واحدٍ.

اليومِ العالمي للتصميم

ما كلمتكِ لمناسبةِ اليومِ العالمي للتصميم؟

لمناسبةِ اليومِ العالمي للتصميم، أقولُ: إن التصميمَ، ليس رفاهيَّةً، إنه وسيلةٌ حقيقيَّةٌ للتعبيرِ عن الذات، وعن ثقافتنا، وعن طريقتنا في رؤيةِ الحياة. كلُّ مشروعٍ، هو محاولةٌ لخلقِ مساحةٍ، تتكلَّمُ بصمتٍ عن الشخصِ الذي سيتملَّكها، وعن هويَّته، وطموحه، لذا، التصميمُ هو امتدادٌ صادقٌ للروح.

«التصميم هو امتداد صادق للروح»