mena-gmtdmp

الترصيع بالقش من القرن السابع عشر إلى اليوم فن يجمل ديكورات المنازل

الترصيعُ بالقشِّ فنٌّ، يعودُ تاريخه إلى القرنِ الـ 17، ويقومُ على تجميعِ خيوطِ القشِّ الرفيعةِ بألوانٍ، وأطوالٍ مختلفةٍ لابتكارِ تصاميمَ هندسيَّةٍ، أو تجريديَّةٍ، وهو يُستَخدمُ في تزيين قطعٍ فريدةٍ وجميلةٍ مثل ألواحِ الجدرانِ الزخرفيَّة، والطاولاتِ، والصناديقِ، وحتى المجوهرات.

تصوير: فاتشيه أباكليان

لمحة تاريخية

اكسسوارات منها صوان وأوعية إضافة إلى طاولة نرد من stro designs

يُعتَقدُ أن حِرفةَ الترصيعِ بالقشِّ، نشأت في آسيا قبل أن تظهرَ في أوروبا بالقرنِ الـ 17، لكنْ سرعان ما انتشرت هذه الحِرفةُ اليدويَّة، التي تمزجُ بين الفنِّي والتقني، وتكيَّفت مع الأذواقِ الأوروبيَّة، وأصبحت شائعةً في الأوساطِ البورجوازيَّةِ حيث استُخدِمَت في تطبيقاتٍ مختلفةٍ.
وقبلَ زمنِ البورجوازيَّةِ الأوروبيَّة، كان يُطلَقُ على الترصيعِ بالقشِّ تسميةُ «ذهبِ الفقراء»، إذ كان بعض الحِرفيين الأوروبيين، يُنتِجون قطعاً مغطَّاةً بالقشِّ، منهم الراهباتُ، والمُدانون، والبحَّارة. وخلال حروبِ نابليون، ازدادَ انتشارُ الحِرفةِ نظير الأعدادِ الكبيرةِ من السجناءِ في السجونِ الأوروبيَّة. ويعدُّ القرنان الـ 18، وأوائلُ الـ 19 أكثر الفتراتِ رقياً في فنِّ الترصيعِ بالقشِّ. وبعد أن طواه النسيانُ على مدى عقودٍ، استعاد هذا الفنُّ شعبيَّته خلال فترةِ آرت ديكو 1920-1939 في فرنسا بفضلِ مصمِّمين أمثال جان ميشيل فرانك، إذ للمرَّةِ الأولى، ظهرَ القشُّ على الأثاثِ الفاخر، وعلى ألواحِ الجدران داخلَ الشققِ الفارهة، واقتحمَ بالتالي عالمَ الحِرفِ اليدويَّةِ الراقية. لكنْ هذه الشعبيَّة، تراجعت مرَّةً أخرى، وأُهمِلَ فنُّ الترصيعِ بالقشِّ مجدَّداً بعد انتهاءِ حركةِ آرت ديكو.

يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال الرابط

وبعد فترةٍ من تراجعِ الشعبيَّة، عاد الترصيعُ بالقشِّ، ليطفو إلى السطحِ خلال القرنِ الـ 20 حيث قام الحِرفيون بدمجِ تقنيَّاتِ تطعيمِ القشِّ الأساسيَّةِ باللمساتِ النهائيَّةِ المعاصرة، وجمعوا بين أفضلِ ما في الماضي والحاضر. وفي الوقتِ الراهن، يمكن رؤيةُ تطعيماتِ القشِّ الرقيقةِ في عددٍ من أفخمِ المنازلِ والمتاجرِ والفنادق بوصفه أسلوباً جمالياً جديداً، يُضفي ألواناً وأنماطاً زاهيةً وخلَّابةً.
ويعدُّ الترصيعُ بالقشِّ، بماضيه العريقِ ومستقبله الواعدِ، فناً، يوازنُ بإتقانٍ بين الأصالةِ والابتكار. صحيحٌ أنه مغمورٌ في عالمنا العربي، لكنْ مع ازديادِ إقبالِ المصمِّمين والفنَّانين على استكشافِ هذا المجال، يُتوقَّعُ أن نرى مزيداً من هذا الفنِّ سواءً بفضلِ جاذبيَّةِ ملمسِ القشِّ، أو الألوانِ عند استخدامه مصبوغاً.

اكسسوارات منها صوان وأوعية إضافة إلى طاولة من من stro designs

 


قد يهمك الاطلاع أيضاً على الطرازان الصناعي والـ "آرت ديكو" في شقّة بيروتيّة

 

تجربة لبنانية

بشرى الخياط، مالكة ومديرة stro designs

في السطورِ الآتية، تُسلِّط «سيدتي» الضوءَ على stro designs المتخصِّصة في فنِّ الترصيعِ بالقشِّ الملوَّن، والمولودة عامَ 2021 في بيروت، ففي حديثٍ مع بشرى الخياط، المالكةِ والمديرة، عن سببِ اهتمامها بهذا الفنِّ اليدوي، أفادت بأنها أرادت اقتناءَ طاولةِ طعامٍ مميَّزةٍ لمنزلها، وبدلاً من الرخامِ، أو الخشبِ المعتادَين، بحثت عن شيءٍ فريدٍ، فوجدت الإلهامَ في فنِّ الترصيعِ بالقشِّ، إذ لاحظت لوحاتٍ جداريَّةً في بوتيكٍ مصنوعةً من الخشب، ومطعَّمةً بالقشِّ الملوَّن، وأعجبتها، فطلبت من المصمِّمِ نبيل غرزوزي تصميمَ الطاولةِ وفق التقنيَّةِ المذكورة. وبعد أن أجرت مجموعةً من البحوث، فكَّرت في توظيفِ التقنيَّةِ في تصميم إكسسواراتٍ منزليَّةٍ، وبذا أبصرت شركتها النور.

قد يهمك الاطلاع أيضاً على أساسيات تصميم منزل أنيق في 12 فكرة: طبقيها واجعلي مساحتك متألقة

اكسسوارات يدوية الصنع من stro designs

وفي عِداد مجموعاتِ الشركة، تبرزُ مصنوعاتٌ جميلةٌ، هي عبارةٌ عن صناديقَ للمجوهراتِ والمناديل، ومستوعباتٌ للنفايات، وصوانٍ، وأوعيةٌ، وقطعٌ مركزيَّةٌ للطاولةِ «سنتر تايبل»، وإطاراتٌ للمرايا، وقواعدُ لها، وحتى طاولاتُ النرد. كذلك تُقدِّم بشرى مع فريق عملها قطعاً أكبر مثل طاولاتِ القهوةِ والسفرة، وقد عرضت أعمالاً لها بمعارضَ مختلفةٍ في لبنان ودولياً، وحظيت بتقديرٍ كبيرٍ في أماكنَ مثل أبو ظبي، ودبي، ولندن، وقطر.
وبعد الاطِّلاعِ على الإكسسوارات، اتَّضحَ أنها مناسبةٌ لـتزيينِ المنازلِ مهما كانت أساليبُ ديكوراتها، لا سيما في إطارِ الدمجِ بين القديمِ والجديد، فالمادةُ، وهي القشُّ الملوَّن، كلاسيكيَّةٌ، لكنَّها تُقدَّم بأساليبَ «مودرن»، أو معاصرةٍ، وتُلوَّن بألوانٍ دارجةٍ، أو كلاسيكيَّةٍ.
وعن خامةِ القشِّ الملوَّن، تقولُ بشرى: إنها «مستخرجةٌ من القمحِ الطبيعي، ومصبوغةٌ بكلِّ الألوان، وهي مستوردةٌ، إذ إننا في لبنان، نمتلكُ القشَّ، لكنَّه ليس مصبوغاً». مضيفةً: «تزيينُ أي قطعةٍ مهما صَغُرَ حجمها بالقشِّ الملوَّن، يتطلَّبُ قضاءَ ساعاتٍ طويلةٍ من الحِرفي، مع الدقَّةِ، والتأنِّي، فكلُّ عودٍ من القشِّ، يستدعي النقعَ، والتقشير، ثم لصقه بالغراءِ إلى تنفيذِ التصميمِ على السطحِ المرغوب». وتشرحُ: «فنُّ الترصيعِ بالقشِّ الملوَّنِ شائعٌ في فرنسا حالياً، ويُستَخدمُ في تزيينِ الأسقفِ، والجدرانِ، والأبوابِ، والأثاث في المنازلِ، والبوتيكاتِ الفخمة، واليخوت، وغيرها».

أوان منزلية منفذة الزخارف عليها حسب تقنية الترصيع بالقش الملون


وعن فريقِ العمل، تقولُ الخياط: إنه «متنوِّعُ التخصُّصات، فهناك الرسَّامون، والمشتغلون في القشِّ، وهم من النساءِ والرجال، وأطمحُ إلى أن يصبحَ الفريقُ أكبر، مع وعي الناسِ بالتقنيَّةِ في لبنان والعالمِ العربي، وتسلُّمِ مزيدٍ من المشروعات، لا سيما القطعُ الأكبر حجماً».
وفي الوقتِ الراهن، هي تنفِّذُ مع فريقِ عملها، ومع عددٍ من المصمِّمين تقنيَّةَ الترصيعِ بالقشِّ الملوِّن على الخشب، مع إجراءِ محاولاتٍ وتجاربَ في مجالِ التطعيمِ بالقشِّ الملوِّن على عرقِ اللؤلؤ، أو الذهبِ، أو المعدن.
وتخلصُ إلى جاذبيَّةِ القطعِ المصنوعةِ يدوياً، بما في ذلك تلك المرصَّعة، وتتحدَّثُ عن قيمتها الكبيرةِ عند أصحابِ المنازل، فهذه القطعُ، تحتفظُ بقيمتها على مرِّ السنين، ولا يملُّها المرء.