من المعروف أن حرفيي لبنان مهرة، وهم يشغلون مكانةً في إطار ثقافة لبنان وحضارته، كما يحرص مصممون كثيرون على التعاون مع الحرفيين، الذين يقومون بتنفيذ أعمال المصممين وتحويل أفكارهم من مخططات على الورق إلى واقع ملموس. لكن، يعاني الحرفيون من تراجع أوضاعهم وانفضاض كثيرين عنهم وعن نتاجاتهم، ولو أن الاهتمام بالحرف اليدوية يعتبر استثماراً ويقوم بالحفاظ على التراث. ومع مواكبة "سيدتي" النسخة الثانية من We Design Beirut، زارت معرض "الحرف اليدوية الفنية" المنعقد في مصنع أبرويان في محلة برج حمود ببيروت، ويستمر حتى الأحد المقبل (10/ 26/ 20259)، والذي يُكرم تراث لبنان العريق في الحرف اليدوية، مسلطاً الضوء على حركات الحرفيين الديناميكية وقدرتهم على إحداث التغيير، جامعًا بين الماضي والحاضر لإلهام المستقبل.
فن نسج الخيزران
في الجولة بين أروقة مصنع أبرويان، لتغطية معرض "الحرف اليدوية الفنية"، كان الإقبال الكبير من المصممين والجمهور لافتاً، كما توزيع الأجنحة والمعروضات بشكل منظم. هناك، التقت "سيدتي" بمجموعة من المصممين والحرفيين المهرة، من بينهم: المهندسة والحرفية ديما إسطفان، التي تشارك للمرة الثانية في We Design Beirut ، فقالت إنها "خلال مشاركتها السابقة، عرّفت العامة على مادة الخيزران، فيما جاءت مشاركتها اليوم بالتعاون مع "ماريا غروب"، لإظهار كيفية الاشتغال بالخيزران بطريقة جديدة، مع الحرص على الحفاظ على الحرفة بالتقنية والشكل". في المجموعة، هناك كراس بارتفاعات مختلفة ومقاعد، يمتاز كل منها بنقشة وتقنية تنفيذ معينة. قطع الأثاث موزعة على سجادة أرضية؛ مع جلوس الزائرين على الكراسي، هم يُصبحون مُشاركين فاعلين - يُكملون التركيب الفني من خلال وجودهم وتفاعلهم.
قد يهمك الاطلاع أيضاً على: We Design Beirut: فنون النسيج بين رؤى المصممين وأيدي الحرفيين
حرفة التطعيم بالخشب
في ركن آخر من المعرض، كان حضور بارز للمصممة اللبنانية العالمية ندى دبس سلطت الضوء من خلاله على حرفة تطعيم الخشب المعقدة وأظهرت وجوهًا كثيرة لها بين العمل اليدوي والآلي، وذلك من خلال تصاميم لطاولات النرد حيث عرضت مجموعات منها مصنوعة من أنواع عدة من الخشب المطعم. إشارة الى أن استديو ندى دبس يضع نصب عينيه تدريب الحرفيين والتصميم بالتعاون معهم.
ومن ضمن فريق المصممة، لفتني الحرفي الماهر نبيل حسواني، أحد آخر صانعي الخشب المطعم في لبنان.
حرفة الزجاج
في مصنع أبرويان أيضاً، يمكن للزائرين معاينة حرفة الزجاج وبعض المحليين المشتغلين فيها، وهم قلة. كان جميلاً الاطلاع المباشر على كيف يتم العمل، الذي يتضمن تقنيات كثيرة، مع حضور فرن بدائي مؤقت.
في حديث المهندسة تيسا السخي المعاولي المقيمة بين بيروت وفينيسيا، المدينة الايطالية الشهيرة بصناعة زجاج المورانو، قالت لـ"سيدتي" أن "الفينيقيين كانوا أساس هذه الحرفة في لبنان وإيطاليا"، متحدثة عن رغبتها من خلال التواجد في المعرض بعرض حرفة الزجاج، وتسليط الضوء على أكثر من تقنية واحدة لها، مثل: نفخ الزجاج glass blowing وعمل اللهب flame working؛ فالأولى زجاج سميك يدخل إلى الفرن ليبرد لاحقا بثلاثة مستويات متفاوتة، فيما التقنية الثانية تتم بوساطة الشعلة لتخرج أعمالاً تبدو أرق وأنعم لناحية الشكل". وأضافت أنها تسعى إلى تشجيع جيل الشباب لتعلم الحرفة. تشمل القطع المعروضة في مجموعة تيسا أوعية ومزهريات وفازات ووحدة إضاءة...
فنون الطين
قدمت الفنانة تمار هادشيان، بدورها، أعمالاً من مادة الطين، مستلهمة من عناصر الأرض الخمسة التقليدية: الخشب والنار والتراب والفلز (المعدن) والماء، فضلًا عن شجرة القطلب المعمرة التي لا تتأثر بالنار لكون جذورها ممتدة تحت الأرض، وبالتالي أساسها متين.
