mena-gmtdmp

We Design Beirut: فنون النسيج بين رؤى المصممين وأيدي الحرفيين

من افتتاح  النسخة الثانية من  We Design Beirut
لقطة في افتتاح النسخة الثانية من We Design Beirut

للنسيج تاريخ عريق في لبنان؛ حيث كان يُصنع باستخدام النول اليدوي، مع حمل قماش الحرير، خصوصاً هوية لبنان، ومشاركته في اقتصاده لمراحل طويلة فائتة، فقد كانت قرى بأكملها تعمل في إنتاج الحرير. وفي مقدمة صُناع النسيج بأنواعه، كانت المرأة اللبنانية، مما أثرى الاقتصاد والهوية الثقافية. لكن، مع اجتياح الآلات الصنعة، تتراجع حرف النسيج وتقنياته اليدوية وأحوال مَنْ يشتغلون فيها، من خياطين وحرفيين متخصصين في الغرز والتطريز وغيرهما. يحاول We Design Beirut رد الاعتبار إلى الحرفيين اللبنانيين من خلال معرض "نسيج الحياة"، في مصنع أبرويان المهجور الكائن في برج حمود بالعاصمة اللبنانية بيروت.

معرض نسيج الحياة

لقطة في المعرض
من المعرض

في التعريف بمعرض "نسيج الحياة"، يرد أن "النسيج هو لغة حية تتنفس، لغة تسجل تاريخنا الأكثر حميمية. تدعوك خيوط الحياة لمواجهة النسيج ليس كـحرفة ولكن كحضور حيوي، هشّ ولكنه دائم. كل نسج وغرزة تحمل ذاكرة: أيدي الأجداد، والتقاليد الثقافية، ولحظات التمزق والإصلاح (المرتبطة بلبنان)"، فالمعرض يكرم النسيج بطرق شتى.

افتتاح مع المصمم اللبناني سليم عزام

المصمم سليم عزام
مصمم الأزياء اللبناني سليم عزام

افتتح We Design Beirut، اليوم (10/22/2025)، بعرض قدمه المصمم سليم عزام، في إحدى قاعات مصنع أبرويان؛ حيث انضمت نساء من فريق عمله يتحدرن من جبل لبنان، بلباسهن التقليدي، أثواب سود، ومناديل بيض، وجلسن بالقرب من بعضهن بعضاً، في تعبير عن تعاضد في العمل، وقمن بالغناء فيما هن يخِطنَ، في استرجاع لحالة كل امرأة جبلية كانت تساعد أولادها على الغفو فيما هي تغني لهم، وتكمل عملها بوساطة الإبرة والخيط. كانت الموسيقى (تأليف وسيم بو ملهم)مطعّمة بأصوات المقصات وشغل الإبر، مع أداء من المغنيةلين أديب. في طفولة المصمم عزام، كانت مفروشات الأسرّة من شغل الإناث، وهناك حلم بالمستقبل. يقول في لقاء مع "سيدتي" إن "منطقة جبل لبنان، وقضاء عاليه، يعجّ بالنساء الحرفيات اللواتي لا تزال أصابعهن تخرج روائع من المنسوجات".


قد يهمك الاطلاع أيضاً على: We Design Beirut: نسخة ثانية واعدة بروائع تصميمية

من حفل الافتتاح لمعرض نسيج الحياة
لقطة من افتتاح معرض نسيج الحياة

لغة النسيج

سارة بيضون
سارة بيضون، سيدة الأعمال والمؤسسة لعلامة Sarah's Bag، والمديرة الإبداعية

وفي قاعة ثانية من مصنع أبرويان، توزعت المعروضات التي تحاول الحفاظ على الحرف اليدوية المختلفة المتعلقة بالنسيج، مع إبراز الصانعين/ات الذين يشتغلون بأيديهم، ونتاجات التعاونات بينهم وبين المصممين. هناك تتخذ المعروضات والتجهيزات الفنية من النسيج لغةً، إلا أن كل موضوع عندما يشتغل عليه الفنان أو المصمم، "يشطح" عن معناه المباشر، ويبلغ مبلغاً يجمع بين العام والشخصي، الذاكرة والفلسفة والتاريخ والحاضر ولبنان. من بين التجهيزات الفنية، كان لافتاً عمل Sarah's Bag بعنوان in her hands عبارة عن 50 شرشفاً من الكروشيه حيث الغرز مختلفة (أجور ومكوك وميلان...)، وكل منها تدل على تقنية محددة.

تجهيز فني مشغول من شراشف الكروشيه
تجهيز فني لـSarah's Bag مشغول من شراشف الكروشيه

وفي لقاء قصير مع سارة بيضون، سيدة الأعمال والمؤسِّسة لعلامة Sarah's Bag، والمديرة الإبداعية لها، قالت إن "التجهيز، الذي يبدو دائري الشكل، يشير إلى كيفية جلوس الحرفيات مع بعضهن أثناء العمل في النسيج"، كما سلطت الضوء على محاولاتها في كل المجموعات التي تطلقها في إحياء حرف في طور الاندثار مرتبطة بالنسيج (العمل بالإبرة، مثلاً) مع انفضاض الناس عنها. ولفتت إلى أنه "في الحرف يكمن تراثنا اللبناني وثراؤنا".

قد يهمك الاطلاع أيضاً على: We Design Beirut: معرض يكرم الحرفيين ويجمعهم بالمصممين اللبنانيين

شجرة الحياة

جدارية من النسيج
جدارية من النسيج مستوحاة من شجرة معمرة ترتفع بالقرب من مقبرة في بيروت

في زاوية أخرى من مصنع أبرويان، تتوزع أعمال محملة بتوقيع Bokja، تتقدمها لوحة نسيجية عن شجرة، مستوحاة من واحدة معمرة في منطقة الباشورة ببيروت، وتحديداً في مقبرة. العمل من القماش والديكرون، يعالج موضوع الحياة والموت بطريقة فنية. إضافة إلى الجدارية، هناك مصنوعات تعبر عن عمل العلامة في إحياء الحرف وتقديمها بصورة معاصرة، لا سيما القماش القديم، علماً أن المعروضات تتفق مع التعريف عنها في أن "الحرية تكمن في الرؤية المختلفة".

أعمال من النسيج
أعمال من Bokja

حوار بين جيلين

جدارية جمعية أجيالنا
جدارية جمعية أجيالنا تربط بين جيلين

وعن جدارية جمعية "أجيالنا"، التي تجمع بين رسومات الأطفال وتطريز النساء، اللواتي تعلن عائلاتهن؛ إذ هنّ حولن هذه الرسوم إلى عمل يمثل حواراً بين جيلين مختلفين، قالت المسؤولة عن المشغل في "أجيالنا" بلقيس الأمين زعتري لـ"سيدتي" إن "اللوحة تدمج مواد وتقنيات مختلفة ببعضها، من تطريز، وكروشيه، وأبليك، وصوف مربوط، ورسم وتلوين، وحشوات، وهي تدل على هدف الجمعية المتمثّل في تمكين المرأة وتعليم الأطفال".

2305 ساعات

من تجهيز المصمم حسن إدريس
من تجهيز المصمم حسن إدريس الذي يحاكي طاولة العشاء

لناحية عمل المصمم حسن إدريس المعروف بـHASSIDRISS بعنوان Supperclub فهو جاء مميزاً؛ إذ استغرق 2305 ساعات، وجمع بين خياطين ومطرزين؛ العمل عبارة عن تركيب بصري يحاكي طاولة العشاء التي تكون عامرة بالأطايب، من خلال فنون التطريز، والتطريز اليدوي بالخرز، وبالخيط، والحشو، والنقش البارز على القماش، والصباغة اليدوية، ومواد قطنية، وكتانية، وحرير خام، وتول، خيوط حرير، وخرز زجاجي، وخيوط معدنية، وترتر مقطوع يدوياً، مع تركيب صوتي، ودمج الروائح.

تجربة حسية

لناحية التجهيز الفني من تقديم Vanina وعلى رأسه تاتيانا فياض وجوان حايك، هو خرج عن موضوع النسيج بصورته المباشرة، وركز على التجربة الحسية، لا سيما حاستي الاستنشاق من خلال استخدام الصابون المعطر والجليسيرين ومواد أخرى، واللمس للقماش، كما على الذاكرة؛ صحيح أن الروائح زائلة، وهي غير مرئية، لكنها لا تنفصل عن الذاكرة. التجهيز عبارة عن عناصر مصبوبة بصورة يدوية، تتخذ هيئة خرز وأشكال مختلفة، معطرة بروائح من بيروت ولبنان. كل قطعة من التجهيز محمولة بخيوط وتُنسج معاً بتقنية عقد المكرمية (الأست). كلما لمس زائرٌ قطعة من التجهيز، انبعثت رائحة محددة؛ مثل: الياسمين، أو زهر البرتقال، أو الزعتر، أو الأرز، أو الزيتون، وغيرها. إشارة إلى أن التجهيز قابل للتحلل الحيوي بالكامل، وهو يتأمل في معنى النسج مع الذاكرة.

جدارية نسيجية

ومن بين المعروضات أيضاً، جدارية نسيجية لأحمد عامر، مصمم أزياء ورسام مقيم في بيروت، بعنوان "دار دوار، خيط وخبر"، فهو قام بالتعاون مع مجموعة من الحرفيين بعرض ألواح متعددة الطبقات من أقمشة خام، مصبوغة ومرقعة ومخيطة في تركيبة فنية جماعية، للدلالة على المراحل العاطفية المتعددة في رحلته إلى بيروت. يحمل كل إطار في الجدارية نقشاً فريداً من التطريز الشامي أو الأغباني، ويدمج بين الحرف التقليدية ولغة المصمم الفنية الشخصية التي صاغها في بيروت.

أثواب فلسطينية

هناك أيضاً أثواب فلسطينية ضخمة من Inaash، حيث استغرق تطريز كل منها ثمانية أشهر، وذلك بأيدي لاجئات فلسطينيات في لبنان، يُكرم كل ثوب مدينةً فلسطينيةً مُحددة، مُحافظاً على زخارف عريقة.