بدأت أجملُ أيَّامِ السنةِ للجميعِ حيث الاحتفالُ بفرحةِ تخرُّجٍ، وفرحةِ نجاحٍ وراحةٍ بعد شهورٍ من الاجتهاد، ومنهم مَن يُحضِّر حقائبه لرحلةِ الصيفِ، وآخرون يُحضِّرون لاجتماعٍ عائلي طال انتظاره، وهناك مَن هم مثلي مَن يُحضِّر للسفرِ إلى «الديرةِ» حيث يعيشُ الأجدادُ، وموطنُ الذكرياتِ والأيَّامِ الجميلةِ التي نُعيد إحياءَها كلَّ صيفيَّةٍ.
بعضنا قد يتذمَّرُ من ذلك، ولا يحبُّ أي تجمُّعاتٍ، ولا يستمتعُ بالاحتفالاتِ، ولا حتى بالسفرِ! وقد كنت في السابقِ مثلهم، بصراحةٍ، لا أفضِّلُ ذلك، وحين أفكِّر بأسبابه، أراها تافهةً! وربما ضاعت مني لحظاتٌ رائعةٌ، كان يجبُ أن أقدِّرها أكثر!
لكنْ مع النضجِ، استوعبتُ قيمةَ تلك اللحظاتِ التي نعيشها مع أشخاصٍ، لا نراهم كثيراً على الرغمِ من قربهم من قلوبنا، وأماكنَ، نستمتعُ بها كثيراً، قد لا نشعرُ بمتعتها إلا حين تنقضي تلك الأيَّامُ، وتصبحُ ذكرى. لقد عرفتُ، وتعلَّمتُ أن أستشعرَ كلَّ لحظةٍ حتى لو لم أكن أرغبُ بها في أوَّلِ الأمرِ، إذ إن عليَّ تقديرها.
هي أيَّامٌ قليلةٌ سرعان ما تنقضي، ونعودُ إلى ما كنا عليه، وتبدأ سنةٌ جديدةٌ بكلِّ تحدِّياتها، فلماذا إذاً لا نعيشها بكاملِ مشاعرنا؟
لماذا لا نصنعُ فيها أيَّاماً، تعوِّضنا عن كلِّ تعبٍ مرَّ، وكلِّ جهدٍ قُدِّم؟ لماذا لا نعيشها بكاملِ مشاعرنا مع أولئك الأشخاصِ الذين كانوا ينتظرون هذه الأيَّام بفارغِ صبرهم ومللهم وهمِّهم، لنعوِّضهم عن أيَّامهم التي عاشوها في وحدتهم.
استمتعوا بإجازاتكم وأيَّامكم، واستشعروا بها بكلِّ مشاعركم، وافرحوا بهم ومعهم.