دائرة الألم

اليوم صدمت فيك، صدمة هزت كياني وشلت أطرافي وتفكيري وجعلتني مسلوبة دامية الإرادة، دامية المشاعر، بعد أن طعنتني في أغلى ما أملك، طعنتني في أنوثتي وفي إحساسي كامرأة، ومزقت كياني وكبريائي، وشككتني في نفسي، التي يدور فيها ألف سؤال وسؤال.. لماذا؟ هل هناك خلل فيَّ، أم أنها إغراءات خارجية سيطرت عليك في لحظات ضعف منك، جعلتك خائنًا ومخادعًا يا شريكي العزيز؟ ومع الأسف أنا المجروحة والمخدوعة… لقد عشت بين أحضانك وأنا أشرب من كأس حبك بكل طمأنينة، ولم أكن أتوقع أن اليد التي سقتني الحنان هي نفسها التي أسقتني السم والهوان… لا أعرف كيف أبدأ أو أتكلم، فكل جزء في جسدي يرتعش، وكأني أحيا كابوسًا مرعبًا، وأفرّ من قدري لأسرع هاربة من الحقيقة، التي رأيتها ولم أصدقها، وأنا ألهث لهاث الخائف الذي يتمنى أن يكون من شدة خوفه يهذي فيرى أوهامًا، لكن هيهات وأنا أغوص في أمواج متلاطمة تدفعني لدوامة من الألم والرعب.. لا أعلم ما السبب الذي دفعك لخيانتي، قل لي: لماذا فعلت ذلك؟ قل لي: ما هو خطئي؟ ومهما بلغ، أيكون هذا هو جزائي؟! قل لي: ما السبب الذي دفعك إلى ذلك؟! فأنا كنت معك لحظة بلحظة، وفي ليلي ونهاري أشاركك أحاسيسك ومشاعرك، كنت معك في كل مراحل حياتك… سلمتك زمام حياتي لتسيرها كيفما تشاء، سلمتك عمري لتبعثره كما يحلو لك، وتركتك تتصرف في كل شؤوني، وكل ذلك بدافع حبي واحترامي وتقديري لك، ولأني لم أتوقع في يوم ما أن تكون غير ما عرفتك عليه، ولأني لم أتصور أن تصل إلى درجة يمكن أن تخونني خيانة لا تغتفر، ترى هل كنت زوجة غافلة؟! أم أن هناك غشاوة على عينيَّ كانت تُدعى الثقة العمياء؟! لماذا؟! قل لي: ما عيبي حتى أعالجه وأتلافاه؟! فأنا طوال عشرتي معك كنت نسخة منك تطبعت بطباعك، أصبحت أحب ما تحبه، وأكره ما تكرهه، وكنت أهم من أي شيء آخر في حياتي، لماذا؟ ترى ما الذنب الذي فعلته حتى تجعلني أعيش في دائرة الألم، وأعاني كل تلك المعاناة؟!

حاولت أن أعرف سبب تحولك المفاجئ في الفترة الأخيرة، وكنت أراك وأنت تشغل نفسك بشكل مستمر، وتبتعد عني بمشاريعك يومًا بعد يوم، وتتركني على الهامش لتعيش يوميًّا لساعات متأخرة من الليل مع نفسك.. حاولت المستحيل لمعرفة ما بك، وكنت أداعبك وأخبرك بأنني بدأت، ولأول مرة منذ سنوات زواجنا الطويل، أغار عليك لانشغالك عني، وكيف أكون أمامك ومعك ولا تفكر فيَّ، فأنا أريدك إلى جانبي كالسابق، وأذكرك بأوقاتنا السعيدة، لكن بيني وبين نفسي كنت أشفق عليك، وأنظر إليك بحسرة، وأقول «مسكين» إنها هموم الحياة ومشاكلها، وكم حاولت جهدي لمساعدتك والتخفيف عنك… تخيل أنت بعد ذلك كم تكون صدمتي عندما عرفت بأن المسكين الذي أشفق عليه كان سبب انشغاله توجيه رغبته الجامحة لغيري؟! واكتشفت خيانتك في عقر داري، وفي لحظة انهياري من صدمة ما رأيت انهرت وبكيت واعتذرت وندمت، وادعيت بأنها غلطة، وأقسمت بأنك غير مدرك لما فعلت، وتريد مني أن أصدقك وأسامحك… ألم تفكر فيمن عاصرت التعب والشقاء؟! أيكون هذا جزاءها؟! كيف لي أن آمن لك؟ وكيف لي أن أصدق أحدًا في هذا الكون بعد الآن؟ كيف؟! فلم يعد هناك شيء جميل في حياتي؛ لأنك كنت أنت الأهم في عالمي… وتسألني لماذا أبكي؟!… ولماذا أتألم؟!

قل لي: كيف لا أبكي؟! وعمر وهبته لمن لم يعرف كيف يصونه ويحفظه، كيف لا أبكي سنوات إخلاصي وحبي ووفائي، كيف لا أبكي وأنا أدعو الله منذ عرفتك أن يجعلني الزوجة القادرة على إسعادك، كيف لا أبكي أيامًا حلوة... أسمعتني فيها أعذب وأرق الكلام؟ وبعدها تتبادلها مع غيري، كيف لا أبكي قلبًا صادقًا وفيًّا حافظ على عهدك واحترمك في وجودك وغيابك؟! كيف لا أبكي وأنا أشعر بنيران صوتك تلفح أذنيَّ لعبارات سبق وهمست بها لي؟! كيف لا أبكي على زوج صدقته بأني الوحيدة التي تعيش في قلبه وحياته؟! كيف لا أبكي لسانًا لم يذكرك بأي سوء مهما حدث؟! بل دائمًا يثني على محاسنك لكل من حولك، قل لي: كيف يهدأ لي بال وأنا أرى برج حبي الذي شيدته بتسامحي ووفائي وإخلاصي تهدمه بكل غدر وقسوة وقوة؟! قل لي: كيف هان عليك أن تضحك وتبتسم في وجهي وأنت تخونني؟! كيف؟! ترى هل سمعت يومًا بأن هناك طبيبًا عالج قلبًا مزقته سكين الحياة، وقطعته قطعًا صغيرة؟! فذاك هو قلبي، الذي تقطع بغدرك وخيانتك.

 

أنين الخيانة

ألم تخف أن تنطق جدران الغرفة وتصرخ وتقول لك: كفاك أيها الغادر؟ ألم تخف أن تصرخ وسادتي في وجهك وتقول لك: كفاك حقارة؟ ألم تخف أن تلفظ اسمي وتسمع صوتي وترى صورتي وهي تستجدي بأفعالك؟!