mena-gmtdmp

هذه السَّفرة كانت من أجلك

لا تحزني إذا ابتسم لغيرك، إذا وضع عينيه على وردة أخرى، إذا مشى يصفر وهو يفكر في سواك.

لا تحزني إذا فرغ الطعام الذي تحبينه ولم تتذوقيه، إذا هاجر العصفور المجاور لنافذتك، المخصص لإيقاظك بأعذب صوت؛ حتى تقومي من حلمك مبتسمة. تتمطعين في انتظار أن يتحقق الحلم هذا الصباح.

لا تحزني من قسوة الجار على ولده، من بكاء طفله تحت الضرب، لا تحزني من مناظر الحرب، الحرب غير المتكافئة، بين طفل وجندي مدرع، بين أم ودبابة. لا تحزني من كثرة الأحزان، ومن نذالة الناس. بعضهم أو كثير منهم. ماذا دهاك هذا الصباح؟ أنت المبتسمة المتفائلة المستبشرة، عادة لك وطبع منك لا افتعالًا ولا مجاهدة.. لا تسأليني كيف عرفت، فأنا أعرف وكفى. أراني أكلمكِ، وأنت لا تسمعينني، وأنت تنظرين في مرآة داخلية لا يبصرها إلاكِ، تتأملين في وجهك السري شيئًا يحزنك.. ماذا ترين؟

ما دخلكَ أنت؟ إني أستمع إلى هرائك وأبتسم.. في باطني أبتسم.. من قال لك إني حزينة أيها المخدوع؟.. بالعكس، أنا على وشك انقلاب جميل في حياتي، تكشيرتي ليست زعلاً، بل تركيزٌ وتصميمٌ وإنهاكٌ في العمل.. إني أخطط يا سيدي، وبلا فخر، لـ.... ولكن لماذا عليّ أن أخبرك؟ من أنت؟

أيتها السيدة الوقور العظيمة، أيتها السيدة الرهيبة المفزعة، لقد خدعتني خداعًا تامًا. نعم، أنا أعترف. خلتك وديعة رقيقة مصنوعة من ورق الورد، خلتك حيرانة لا تدرين ما الذي يجب أن تفعليه.. مصدومة في العالم والذي فيه.

أرجوكَ!.. لا أحب السجع. أعد السؤال:من ن ن أنت؟

خلتك شاعرة، أو قارئة مدمنة للشعر، عازفة للبيانو، متطوعة من ملائكة الرحمة.. فإذا بي...

لم تجب عن سؤالي أيها السيد.. أسألك للمرة الأخيرة.

لا تسألي.. سأجيبك أنا يا سيدتي.. رجل يطوف البلدان؛ لكي يواسي القلوب، ويشفي جراح الروح.. رجل ساقته الأقدار إلى بيتك.. توقفت أطلب جرعة ماء فرأيتك.. هالني جمالك إن جئت الحق.. توقف الماء في حلقي.. وخيِّل لي -لا أدري لماذا- أنك حزينة، بل إنك أولى الناس بمساعدتي، بل صرت أعتقد أن سفرتي هذه كانت من أجلك..

ما هذا الهراء؟.. الهراء المتواصل!.. اخرج من بيتي..

سأخرج، ولكن قبل خروجي أستحلفك أن تبوحي لي بسرك..

ما دخلكَ في شؤوني أيها الشحاذ المخبول؟!

ما الشيء الخطير الذي تفكرين فيه؟ ما الذي تخططين له..؟ لا بد أنه أمر خطير حقًا.

- (وقد استطاع أن يستدرجها) بل رهيب.. عظيم.. قنبلة.. سبق عالمي لا نظير له.. يا للروعة.. يا للعظمة! احكي لي.. احكي لي.

نعم.. سأخترع مساحيق للوجه تحفظ البشرة ناعمة نضرة حتى في الثمانين.

يا للهول!

ووردة إذا وضعتها على الخد يتشرب حمرتها للأبد.

يا إلهي!

ومنديلاً لا يذهب عطره الفواح مهما غسلته..

جميل!

ومسدسًا إذا صوبته تخرج منه رصاصة خضراء..

عجيب!

رصاصة خضراء.. تنطلق كسهم كيوبيد.. ترشق في قلب الرجل الذي أحبه.. فيعشقني ويتزوجني.