انهيار إمبراطوريّة النّجم الأوحدّ

منذ بداية القرن الواحد والعشرين وحتّى الآن، أخذت الدراما التلفزيونيّة منحى مختلفاً عمّا كانت عليه في الماضي. فمع انتشار القنوات الفضائيّة، أصبح المشاهد المصريّ والعربيّ يتابع المسلسل الواحد أكثر من مرّة في اليوم على قنوات مختلفة، وأصبحت الفضائيّات العربيّة تطلب أعمالاً لنجوم محدّدة بالاسم، ممّا وضع هذا النّجم فوق العمل ككلّ، وأصبح يلتهم 60% من ميزانيّة المسلسل بمفرده، ولا يسمح بوجود نجوم حوله، حتّى لا يفقد بريقه على مدار الثلاثين حلقة؛ وعندما يُسئل عن أجره الكبير، يردّ بكلّ ثقة: "المسلسل حقّق عائداً إعلانيّاً بالملايين، فلماذا تستكثرون هذا الأجر، والمسألة عرض وطلب، واللي مايعجبهوش مايلزموش.
لكنّه في العامين الأخيرين، حقّقت بعض المسلسلات نجاحاً كبيراً، برغم عدم وجود أسماء رنّانة، مثل "أهل كايرو، المواطن إكس، رقم مجهول، طرف تالت، زيّ الورد". هذه الأعمال برغم تكلفتها الإنتاجيّة القليلة، إلا أنّها احتوت على مضمون فنّيّ كبير، سواء على مستوى الكتابة أم الإخراج أم التصوير، ممّا أحدث طفرة تقنيّة كبيرة هذا العام؛ وأحبّ المشاهد البطولة الجماعيّة لمجموعة الشباب الذين توسّم فيهم خيراً، ما يُعطى إشارة بأنّه في العامين المقبلين، سوف يكون الاعتماد الأساسيّ على المضمون وعناصر العمل، "المؤلّف والمخرج"، وليس على النّجم الأوحد، الذي فشل تماماً هذا العام، باستثناء نجم واحد فقط، ساعده موضوع العمل والحالة الصوفيّة التي كُتب بها مسلسله، ممّا يستوجب من هؤلاء النّجوم مراجعة أنفسهم، واختيار أفكار جديدة، والعودة إلى مسلسلات الــ 15 حلقة، حتّى يكونوا ضيوفاً خفيفي الظلّ، فلا يجعلون المشاهد يهتف "يسقط، يسقط النّجم الأوحد".