طاقتك على حق..

مها الأحمد 

 

 

جميعنا قد التقى أو مرّ على مسمعه الوصف الدقيق "لصديقنا المحظوظ" صاحب الأماني المحققة، وكيف أنه ولد وفي فمه ملعقة من الحظ تكفيه عمراً ليعيش بهناء وسعادة، يطلُب فيجاب ويأمر فترضخ له كل صعاب المجرة، حياته المهنية تسير مع عقارب الساعة إلى الأمام.

ليس هذا وحسب بل إن صديقنا لم يكتف بأنه ملك الحظ بل أيضاً كان له الحصة الأكبر من المصادفة، فهي الأخرى تغدق عليه حتى تكمل له نواقص الحظ هذا إن وجدت!!

هو من لديه عمل مناسب يحظى به بتقدير مدرائه واحترام زملائه، يَلقى أي عمل يقوم به على استحسان الجميع، ونادراً ما يتعرض للنقد، يحصل باستمرار على المكافآت والعلاوات ويُمنح استثناءات لا تنتهي، تمهد له الطرق المتعرجة، يفضله الكثيرون ويُرَشح دوماً لمناصب عليا ومهمة، مشهور في الأوساط القريبة والبعيدة منه فالجميع يثقون به ويحبونه..

صديقنا المحظوظ الذي نَدّعي بأنه سلب منا الحظ واختزنه لذاته ليس كما نعتقد، بل هو ذلك الشخص الذي بذل أكثر مما بذلنا.

لم يفرغ طاقته بصغائر الأمور أو كان دخيلاً على الأحداث والحوارات التي لا تعنيه، لم يصارع لأجل أن يثبت ما هو حقيقي لشخص ليس لديه الرغبة بالفهم أو السماع أو حارب ضد أتفه الأمور وأصغرها، بل حافظ على طاقته من أن تنضب وتنتهي ضحية اللا شيء.

فالثقة المطلقة، الثروة الطائلة، النجاح العظيم، محبة الآخرين وولائهم وحجم منازلنا في قلوبهم، واستمرارية علاقتنا بأولئك الأشخاص الذين نرغب بوجودهم ويطمئننا الدفء الساكن في أرواحهم وأحاديثهم، كلها أمور لا تأتي بالمصادفة البحتة أو الطارئة، والحظ العاثر أو السعيد ليس هو المتحكم بها مهما كان يتحيز لصالحنا ونحسب أنه يرضخ لمطالبنا.

التمني ليس له كلمة أو سلطة لإجبارها على التحقق أو الاستمرارية، والأحلام ليس لديها الوقت الكافي لتُقحِم نفسها أكثر من اللازم في طرق التنفيذ ووقته، نحن أنفسنا لم نُولد ومعنا حق مشروع لامتلاك كل ما نتمناه ولا حتى ورثنا مصباحاً سحرياً وخادماً يحقق لنا كل ما نأمر به.

وحده "المجهود"، بعد توفيق الله ورضاه، له الكلمة الأخيرة فهو المحرك الرئيس لكل ما نسعى إليه.

 

أن تكون محظوظاً يعني أن تحافظ على طاقتك ولا تدعها ترحل ومن ثم تلومها على أنها نفدت.

فلطاقتك عليك حق...