مشاعر خاصة

شهرزاد


بعض المشاعر تُشكل شخصياتنا، كأنها تُعيد ميلادنا وتربيتنا، فتعرفنا على شخصياتنا الأخرى، تلك الشخصيات التي نتفاجأ بظهورها في مواقف مختلفة من مواقف الحياة التي نتعرض لها، فنبدو مختلفين عما كنا عليه قبل دخولنا في دائرة تلك المشاعر.
وننتظر من الآخرين التأقلم مع شخصياتنا ومشاعرنا الجديدة..


فحين نكون في حالة حزن ننطوي على أنفسنا، ونتسلل إلى عوالم مختلفة قد لا تشبه عوالم المحيطين بنا، وتصبح أعماقنا هشة قابلة للكسر بأبسط الكلمات، وأبسط المواقف، وننتظر من الأرض أن تكف عن الدوران احتراماً لأحزاننا، وننتظر من الآخرين أن يتوقفوا عن كل التفاصيل التي قد توحي لنا باستمرار الحياة وتجاهلها لحالاتنا النفسية، وننفر من كل نسمة فرح قد تؤذي مشاعرنا، فقلوبنا ترفض أصوات الموسيقى والغناء والضجيج والضحكات التي تشي بعدم شعورهم بنا.


لكن هذا لا يحدث أبداً!
فالحياة لا يعنيها أمرنا، للدرجة التي قد تجعلها تطيل الوقوف أمامنا لحين مغادرتنا مراحل الألم، ولا للحد الذي قد يجعلها تتوقف لتطمئن أننا قد نجحنا في اجتياز مرحلة موجعة من أعمارنا دون انتكاسات قد تترك أثارها على أرواحنا وتعجزنا عن متابعة الحياة بشكل طبيعي..


ولا العالم سيرفع يوماً لافتة يدعو بها سكانه لإعلان حالة حزن جماعية لحين انتهاء تلك المرحلة التي توجعنا فيها كل الأشياء المناقضة لمشاعرنا حتى الفرح..
ولا سكان الأرض سيشعرون بنا يوماً إلى الحد الذي قد يدفعهم للدخول إلى دوائرنا المعتمة لمقاسمتنا عتمة الحزن.


لذا لا يجب أن نُعرض قلوبنا للمزيد من الخيبات بمراقبة تفاصيلهم وحركاتهم من عزلة أحزاننا، ويجب أن نتأقلم مع حقيقة أننا وحدنا أصحاب ذلك الإحساس، الذي لا يحق لنا إرغام الآخرين على الشعور به، كأنه حزنهم الخاص، ولا أن نرغم الحياة على الكف عن الدوران احتراماً لذلك الحزن الذي قيدنا في زاوية ضيقة جداً،
فتلك الدائرة هي سجننا الاختياري، وبيدنا وحدنا تحديد مدة البقاء فيها وزمن مغادرتها، فالحياة لا تنحني لأحد كي تخلع قبعتها لحزنه، هي فقط تمضي تاركة لنا القرار، إما أن نمضي كما تمضي بكل المشاعر المختلفة في دواخلنا، أو أن نتأخر عن ركبها، فنُنسى في تلك الدائرة المعتمة، ونخسر من أيامنا الكثير.


قبل النهاية بقليل:
للفرح محطاته، وللحزن محطاته، فلا تؤذي السعيد بأحزانك، ولا تؤذي الحزين بأفراحك..