صناديقنا المفضلة

شهرزاد


أحياناً.. قد يقلقنا التجديد، وقد نمتلئ بالكثير من المخاوف، لمجرد شعورنا أن تغييراً ما قد يطرأ على روتيننا اليومي، والذي قد يتحول مع الوقت إلى عادة يصعب علينا التحرر منها، فبعض الأرواح تجد صعوبة في تغيير طقوسها التي اعتادت عليها، وتشعر بالألم عند مغادرة الأماكن التي كانت تمثل لها وطناً مصغراً على الأرض، وتحولت مع الوقت إلى صناديق الأمان في أعمارها..


فهل تم إخراجك يوماً من ذلك الصندوق الذي كان من أحب الأماكن إليك، دون أن تدرك سبباً لإخراجك منه، رغم تفانيك كي يبدو المكان الأجمل والأنجح؟
فغادرت بألم وذهول وأنت تتخبط في دائرة من الاستفسارات التي حاصرتك بقسوة، دون أن يشرح لك أحدهم أسباب رحيلك، ودون أن يوقفك أحدهم كي يمنحك الإجابة الشافية.
إن كنت قد تعرضت لذلك الوجع فلا تقلق... فلست وحدك الذي غادر صندوقه المفضل، أغلبنا غادرنا ذات موقف الصناديق التي أحببنا، ووجدنا أنفسنا أمام بدايات جديدة في أماكن جديدة..


لنكتشف مع الوقت، ان مغادرتنا لتلك الصناديق المفضلة كانت هي الخطوة الأولى نحو الخير الذي كنا نجهل، والخطوة الأولى لمغادرة بيئات لم تعد تليق بنا بعد أن ازدحمت بالكثير...
فلا تحزن إن اكتشفت يوماً أنك كنت التفاحة المختلفة بين الكثير من التفاح المتشابه، والتي كان يجب أن تغادر الصندوق، فاختلاف لونك ورائحتك عن التفاح المحيط بك ستشعرك باختلافك، وبقيمة أفكارك وقيمك ومعتقداتك، وأنك الأنقى الذي كان يجب أن يرحل بصمت، فهناك أماكن أخرى تليق بنقاء روحك، ومسارح أرقى يجب أن تمارس عليها أدوارك، وجمهور أصدق يجب أن تحرص على تواجده حولك..


فلا تهتم عند مغادرتك الصناديق التي لا تليق بك، وارحل بلا تردد، فالحياة قد تمنحك أحياناً فرصة ذهبية لبدايات جميلة، قد تبدو في ظاهرها أنها كتلة من وجع، لكنك سرعان ما تكتشف أن ذلك الوجع كان فرصتك الحقيقية والثمينة، وأنك حين غادرت ذلك المكان الذي أحببت لم تكن أنت التفاحة الأسوأ، بل كنت التفاحة الأجمل بين مجموعة من التفاح السيئ.
ففي الماضي كان يتم استبعاد التفاحة الفاسدة كي لا يفسد بقية التفاح، أما الآن فيتم استبعاد التفاحة الجميلة كي لا يتم اكتشاف قبح بقية التفاح.


قبل النهاية بقليل:
بعض الصناديق غادرها بلا تردد، كي لا تتلوث بمحتوياتها..