طفلي يتشاجر مع كل الناس
لابد من إيجاد البيئة المناسبة
شجار الطفل يخفي حالة نفسية
الشعور بنقص لعيب خلقي.سبب للشجار
بعض الأسباب يرتبط بحساسية الطفل
6 صور

 

«أخجل من ابني، ومن شكوى الأخوات والأقارب والأصدقاء منه؛ فهو دائم الشجار معهم، لا يمتثل لأوامر الكبار، ولا ينتبه لشرح مدرسيه، ينفعل ويتعصب على الجميع، وأحياناً يسب ويشتم، وزاد الأمر بمجرد أن وصل إلى الثالثة عشرة من عمره ودخل باب المراهقة»، الشكوى تتكرر على لسان عدد كبير من الآباء، الذين يقعون في حيرة من أمرهم؛ تُرى هل أخفقوا في التربية؟ هل السبب هو شدة ضغطهم وحرصهم على طفلهم ؟ أم هو التدليل وتلبية كل طلبات الطفل هي السبب؟ عرضنا المشكلة على الدكتورة فؤادة هدية أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس -معهد الطفولة- فقالت: «العصبية هي السمة الغالبة على 68 في المائة من المراهقين، وهي الحالة الظاهرة التي تخفي العديد من المشاكل النفسية والانفعالات الداخلية، التي تموج في المراهق نفسه، ولا يجد لها حلاً أو سبيلاً للخروج الآمن إلا عن طريق هذا الشجار والعصبية والشد والجذب مع من حوله، أمام أي اعتراض يواجهه، معها استعرضنا الأسباب والمظاهر والعلاج.

الأسباب كثيرة

بعضها يرتبط بدرجة حساسية الطفل تجاه ما يحدث أمامه ولا يرضى عنه، وبعضها بسبب سلوك الوالدين وأسلوب تربيتهما، ومرات يكون السبب خارج نطاق البيت، بالمدرسة أو النادي أو وسط صحبة الأصدقاء.

أحياناً كثيرة تكون الغيرة من مولود جديد، من أخ متميز، أو قريب في نطاق العائلة هي السبب، الشعور بالنقص لعيب خلقي أو عقلي ومعايرة أقرانه له بذلك.

يعتقد المراهق بمشاجرته أنه يقوم بعملية تعويض، أو أنه يأخذ حقه أمام اضطهاد الكبار له، وإحساسه بالظلم، أو أنه غير مرغوب فيه، مشاجرات الابن المتكررة تشير إلى عصبيته، وتعلن تخبطه وعدم وضوح الطريق أمامه، ويحدث هذا عند انشغال الأبوين الزائد

تدليل الابن الزائد منذ طفولته وعدم الحزم معه فيما يقع من أخطاء، يجعله يشُب على هذا السلوك، ويتشاجر إن قوبل بأي اعتراض

بداخل المراهق نشاط وطاقة زائدان، إن لم يحسن الاستفادة منها انقلبت إلى عصبية وشجار.

كثرة أوامر الآباء والمدرسين بالانضباط والتهديد والوعيد يخرج المراهق عن هدوئه فيتشاجر.

شعور الطفل بالإهمال وهذا يدفعه للبحث عن وسيلة يلفت بها أنظار والديه.

رغبة الطفل في تحقيق الذات.

أسباب ترتبط بأسلوب التربية

مثل: التنافس على حب الوالدين، تقصير الوالدين في العدل بين الأبناء، معاقبة الطفل دون بيان الأسباب، الجفاف العاطفي، الأنانية، ودور الوالدين في كل هذا هو محاولة تهذيب الطفل.

علاج الشجار بالحب في  خطوات

ورغم أن للشجار بين الأطفال فوائد لا تخفى، فهم يثبتون من خلاله أنفسهم ويشكلون شخصياتهم، والصواب أن يكون همنا هو منع الشجار العنيف والحرص على فك الاشتباك دون الانحياز لبعضهم دون الآخرين، وأفضل من كل هذا أن نبحث لهم عن شيء مفيد نشغلهم به حتى ينصرفوا عن الخلافات وينسوا أسبابها.

على الوالد مثلاً البحث في حالة الطفل الصحية؛ فربما تكون عصبيته وكثرة شجاره بسبب اختلال العقدة الدرقية أو الإمساك والإجهاد الزائد.

توعية الابن بالقيم والمثل والأخلاقيات الطيبة التي تجعله قريباً من الناس ومحبوباً بينهم.

اترك مساحة لخلافات ابنك المراهق مع إخوته الصغار أو الأكبر منه؛ فهو في مرحلة إثبات الذات.

 الفرصة سانحة لتلقين ابنك أن الخلاف بين البشر أمر طبيعي، والفيصل هو المعاملة بخلق كريم لفض النزاع.

أعط ابنك مهامَّ، وكلفه بمسؤوليات، وادفعه للعمل الجماعي، تُعلمه بذلك ضبط النفس والسلوك الطيب والحب والتعاون

.

 لا تُكثر من الشجار مع زوجتك -أمه- حالة وجود الابن؛ حتى لا يعتقد أن الرجولة هي الصوت العالي، والتشاجر مع الآخرين.

احذر أن تنحاز لأحد المتشاجرين من أبنائك، أو أن تحرجه، وما عليك إلا فض الشجار ومحاولة تقييم ما حدث بهدوء.

لا تسارع بضرب أحد لحساب آخر، أو إلقاء الخطأ على الجميع ومخاصمتهم بعد أي شجار؛ حتى لا تتولد الكراهية بينهم.

لا داعي للقلق كلما رأيت طفلك يتشاجر

 

فهذا شيء طبيعي، والطفل الذي يحتاج للعلاج هو الذي لا يتحرك ولا يحدث ضجيجاً ولا يتفاعل مع إخوانه، وخير لأطفالنا أن يفرغوا هذه الشحنات في داخل المنزل وتحت أعيننا؛ لأن منع هذه الأشياء يحولها الطفل إلى خارج المنزل، وقد تكون العواقب بعد ذلك سيئة.

أما بالنسبة للمستوى الدراسي فسوف يتحسن، وهذا التأرجح في المستوى لأن الأطفال لا يعرفون قيمة النجاح، ولكن إذا كانت البدايات ممتازة فمن السهل جداً تدارك الخلل، وأرجو أن تحاولي معرفة السبب فإن الطفل يتأثر بتغيير المدرس، وبظروف المنزل، وبمن حوله في الصف.

حاولي أن توفري لهم جرعات من العطف والحنان فإنها لا تقل في أهميتها عن الطعام والشراب، وعودي لسانك على الدعاء لهم، وذكريهم بأن الله يرضى عن الطفل الذي يسمع كلام والديه، وأن المسلم يحب إخوانه ولا يتشاجر معهم، وأرجو أن تحرصي على مكافأة المحسن والثناء عليه، وتشجيع الأكبر على التفوق والنجاح؛ لأنه سوف يكون قدوة لإخوانه بإذن الله.

إن التعامل مع الطفل الكثير الحركة أو الشقي يبدو صعباً جداً على الوالدين، خصوصاً إن كان مشاغباً وشقياً، فيكسر ألعاباً هنا ويتسلق الأثاث، ويصرخ بصوتٍ عالٍ، ويزعج كل من في المنزل. وتقابل هذه التصرفات ردود فعلٍ غاضبة من الأهل الذين تثقل كاهلهم الأعباء المتزايدة وضغوط العمل الناتجة من صعوبة الحياة وسرعة إيقاعها ومشاكلها الاجتماعية والاقتصادية، ما يجعلهما عرضة للغضب والانفعال، ويلجأون إلى العنف والصراخ في محاولة منهم للجم أخطاء طفلهم.

مشاغبات الطفل

بداية لا بدَّ من التمييز بين الطفل المشاغب والكثير الحركة؛ بدءاً من سن ثلاث سنوات، التصرفات من صلب نمو الطفل، في محاولة منه لاكتشاف كل ما حوله، أما إذا زادت فهذا يخبرنا عن طبع سيكوّن شخصيته، ويؤسس لشخصية ثائرة قد تدوم حتى مرحلة المراهقة، التصرفات المشاغبة تظهر من خلال المشاجرة بين الطفل وإخوته وتزداد شقاوته وصراخه، فيقوم بضرب إخوته وتكسير أغراض المنزل وألعابه الخاصة. كما يتوقف عن تناول الطعام، ويرفض النوم في الوقت المخصص له، ما يجعل الأهل يجدون صعوبة في التعامل والتكلم معه، إلاَّ أنَّ كل ذلك قابل للتغير بمجرد أن يتمتع الأهل بالصبر الكافي إلى جانب الاهتمام ونقص الآمان والغيرة

كثيرة هي الأسباب التي تدفع الطفل إلى المشاغبة، مما يدفع الأهل لعرض الطفل على طبيب صحة ليقوم بفحص الغدة الدرقية، وقياس درجة ذكائه بمقاييس طبية عالمية معتمدة. وبعد الفحوص الجسدية، على الأهل التنبه إلى الأبعاد النفسية للتصرفات التي تنتج من محاولة الطفل الحصول على الاهتمام ولفت نظر أهله، أو جراء تفكك الأسرة، أو شعوره بالنقص ما يدفعه إلى إثبات نفسه، وقد تكون بسبب نقص الأمان أو الغيرة والتفرقة والتمييز التي يشعر بها.

وقد يلجأ الأهل إلى العنف الكلامي أو الجسدي عبر إشعار الطفل بأنه غير مرغوب فيه (خصوصاً إذا كانوا ينتظرون ولادة صبي وتولد فتاة أو أن الأم لم تكن ترغب في الإنجاب)، ما ينعكس في تصرفاتها سلباً تجاه طفلها، ويجعله يتماهى بها ويعكس هذه التصرفات نحوها في محاولة لا واعية منه لمعاقبتها، وإلى جانب كل ما ذكرناه، يجب أن يعرف الأهل أنَّ الفراغ، وغياب الهوايات، ومشاهدة التلفاز وأفلام العنف تؤثر في الطفل سلباً وتحوله إلى مشاغب   

إيجاد بيئة مناسبة

يمكن للأهل إيجاد بيئة مناسبة تمنع الطفل من أن يصبح مشاغباً، أو تحدُّ من شغبه على الأقل. فلا يمكنني أن أقول له طوال الوقت «اجلس جيداً أو لا تقم بذلك»، بل يجب جعل الملاحظات مخصصة للسلوكيات غير المنضبطة. فإذا كانت بعض التصرفات غير مؤذية يمكن التغاضي عنها. إضافة إلى ذلك، يجب أن يشعر الطفل بالطمأنينة، يؤكده تصرف الأهل الذي يجب أن يكون بعيداً عن العصبية ذلك أنَّ عصبية الأهل تنتقل للأولاد. لذا، يجب أن يصبر الأهل رغم الضغوطات المادية والاجتماعية التي يعانون منها، وبمجرد اختيارهم إنجاب طفل يجب أن يحسنوا تربيته بطريقة سليمة ترافقها رعاية مكثَّفة، تكمن في عدم إخافته حين  يقوم بتصرف خاطئ، بل بتوعيته عن طريق الكلام، وتوضيح كل تفصيل من خلال تقديم النصائح إليه كي لا تنشأ لديه شخصية ثائرة ترفض قوانين المنزل والمدرسة، وتضرب عرض الحائط بكل ما يسمى تربية.

على الأهل تعليم الطفل ضرورة احترام الآخرين، وإعطاؤه الاهتمام الكامل، وتخصيص وقتٍ له عبر القول له: أنا أعمل الآن، وحين أنتهي سنلعب معاً مدَّة ربع ساعة. وخلال ربع الساعة يجب أن يكون الوقت مخصصاً للطفل 100 في المائة، أي يجب أن يكون الأهل معه جسدياً وعقلياً، وأن يتخلوا عن هاتفهم الخلوي لبضع دقائق، وأن يطفئوا التلفاز، وأن يتركوا كل ما هو مرتبط بالعمل من حسابات وأوراق. ويجب أن لا يقتصر ذلك على يوم واحد، بل عليهم إيجاد روتين يومي يشعر فيه الطفل بأن أهله يخصصون وقتاً له فقط بعيداً من كل الأعمال، ما يساعده في الشعور بالأمان والاستقلال ويرفع ثقته بنفسه.